معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقـة تعريـف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

سعيد بنگــراد

عن السلطة والديموقراطية وتعدد المعاني

 

 

" إن وصف أنساق المعنى انطلاقا من فرضية وجود مدلول نهائي، أمر تأباه طبيعة المعنى وترفضه " ر. بارث

عُرف عن المسرحي التجريبي الكبير أوسكار شليمر (1) ميله الشديد إلى الحركات والأشكال والألوان أكثر من ميله إلى الكلمة. فالخشبة عنده هي لعب في المقام الأول : لعب بالألوان والأجساد والأشكال، أما الكلمة فستأتي فيما بعد.

لم يكن بالتأكيد مناهضا الكلمة، فالكلمة هي الحدث المنتظر على خشبة المسرح، إلا أنه كان يعمل باستمرار على تأجيل هذا الحدث. لم يكن في نيته إلغاء الكلمة أو نفيها، فذاك أمر يقع خارج طوعه وخارج طوع الخشبة ومقتضياتها، ولكنه كان يريد أن يقذف بها إلى الجمهور خالية من "موبقات" الفكر والتاريخ والثقافة. لقد كان يرغب في رؤيتها حرة منفلتة من كل السياقات إلا سياقها الأول : كيان لاأدبي - لانثري ولاشعري - يتلقفها الجمهور بكرا صافية كأنها تستعمل لأول مرة. (2)

ولم يكن هذا الحلم سوى رغبة في التحرر من " ذاكرات " مبثوثة - عنوة - في الكلمات والأشياء والحركات والكائنات. حلم سيغدو كابوسا إذا هو ارتبط برغبة في الخروج من دائرة التعدد لولوج دائرة الواحد ( المعنى الواحد واللون الواحد والشكل الواحد )، ولكنه حالة إشراق قصوى إذا كان كل استعمال يشكل لحظة فريدة في تاريخ الكلمة واللون والشكل. فتلك حالات اشتغال الكلمات والألوان والأشكال وذاك مآلها.

وليس غريبا أن تكون الكلمة عنده - داخل هذا الصرح الثلاثي- توحيدا لكون دلالي ينمو عبر الأصوات والألوان والأشكال ( المثلث والمربع والدائرة ؛ الأصفر والأحمر والأزرق ) : صوت الممثلين ولون لباسهم وكذا الأشكال التي ترسمها أجسادهم على الخشبة، تمازج مذهل بين حركات الجسد وبهاء اللون، وإشعاع الكلمة.

فلماذا هذا الحذر المريب في التعامل مع الكلمات والألوان والأشكال ؟ ما الذي كان يخشاه أوسكار شليمر وهو يروم بناء كون دلالي يلقي به إلى المتفرج وهو مطمئن على نواياه الأصلية ؟ لقد كان يخشى السلطة : سلطة الاستعمال المباشر والفوري والقار والثابت للكلمات. كان يخشى تقلص مساحة العين والكلمة والحركة ليتحول كل ذلك إلى صدى أجوف لمرجع يكتفي بتعيين الأشياء كما هي في العالم الخارجي : لون واحد عوض تمازج الألوان، معنى واحد عوض تداخل الدلالات، خط مستقيم عوض خطوط حرة تسير في جميع الاتجاهات.

فكيف تأتي السلطة إلى الكلمات والألوان والأشكال ؟ كيف تخرج السلطة من صلب الكلمات، وتكون هذه الكلمات، في الآن نفسه، خروجا عن طاعة السلطة؟ كيف يمكن للون الواحد أن يكون واحدا في ذاته ومصدرا لدلالات لا تتوقف عند حد بعينه ؟ وكيف يمكن للخط أن يكون أصلا لنفسه وبداية لكل الأشكال ؟.

في جميع الحالات - حالة الكلمة واللون والشكل - يحيل التعيين على لحظة هشة وعابرة داخل سيرورة تدليلية هي في الأصل سلسلة من الإحالات التي لا تنتهي عند نقطة بعينها. فالتعيين "إمساك بجوهر الشيء القابل للتعميم" ( 3)، أما التدليل فصياغة للمحتمل والغامض وغير القابل للتصنيف.

في حالة التعيين يتحول " التعرف" على مرجع ما إلى جذر يُنظر إليه باعتباره أصلا لكل شيء، ولا شي، في حالة التدليل، يحد من انطلاقة المعنى ولا شيء يثنيه عن غيه في التجسد في سياقات بالغة الغنى والتنوع.

إنها "حالة طبيعية" (4) للغة بجميع أصنافها : إنها مدخل الكلمة ومنبع اللون وبداية كل شكل. إنها تجربة الإنسان المريرة مع الكلمات والألوان والأشكال : حالة أولى للاستجابة للنفعي والمباشر وإدراك ما يوجد خارج الذات، وحالات أخرى عديدة للمتعة والانتشاء والانفلات من العيني. ففي " عالم أبيض" ( 5) خال من التحديدات الدلالية الإضافية، حيث تقف اللغة عند حدود التعيين والوصف والتعرف، تنتفي الحاجة إلى الحديث عن المعنى أو التساؤل عن أشكال وجوده. فاللغة في هذه الحالة لا تتجاوز حدود التعرف على مرجع أو تعيين حالات إنسانية محدودة من حيث معناها ومن حيث مرجعها.

وهذا ما يفسر حرقة البحث الدائم عن نقطة إرساء أولى، حرقة البحث عن بداية، وعن لحظة تحفظ التوازن لـ "الأنا"، وتبرر التمهل والتوقف والسير إلى الأمام. فلا أحد يمضي، مزهوا، إلى المستقبل بدون سند زمني يحدد هويته ويضعها كـ "اختراق خاص" لـ "متصل" (6) لا بداية ولا نهاية له : شهادة الميلاد، وعيد الميلاد، وعيد الزواج وربما عيد الطلاق أيضا حالات شاهدة على ذلك.

استنادا إلى هذا الاستقطاب الثنائي يتحدد موقع السلطة داخل ما يشكل حالات الوجود الإنساني المتنوعة. فالسلطة هي الوجه الآخر للتعيين المباشر والأحادية والخطاب المفرد الذي يرفض التعدد في المعاني والألوان والخطوط. وهذا أمر تفسره طبيعة السلطة ذاتها، فآليات التحكم تحتاج إلى أصل دائم به تتحدد في الزمان وفي المكان، وإليه تلجأ حين يحاصرها التعدد والتوع من كل الجوانب. فلهذا تكره السلطة في الألوان مشتقاتها وتدرجها، وترفض في الخطوط منحنياتها وتعرجاتها، وتمقت في الكلمات ما يوحي بالتعدد في الإحالات والدلالات، وتنحاز إلى الواحد والمفرد .

فكما تشكل آلات الإدراك الحسي، البصر والسمع والشم واللمس والذوق، منافذ تقود الذات إلى الخروج من قمقمها لتنتشي بنفسها داخل عالم الأشياء، تشكل الكلمات طقوسا للتعرف والامتلاك والتخلص من ربقة العفوي والآني واللحظي والمباشر : إنها الوجه الرمزي للعالم المحيط بنا. وهي رمزية بجميع الأحجام والأبعاد والاتجاهات، فعبرها تُنتزع الأشياء من بنيتها وتُروض وتأتي صاغرة إلى الكلمات. فذاكرة الإنسان وذاكرة الأشياء، بل وذاكرة العالم أجمع لا تخرج عما يرسمه اللسان من اختيارات وإكراهات وحدود ومساحات واسعة منها ينبثق الفعل الإنساني وفيها أيضا تثوي أشكال وجوده ومظاهره : صور شتى منها التحكم والاستبداد والقوة والضعف والخضوع والتمرد، إنها حالات مرئية في صفات كـ "السيد " و"الولي" و"السلطان" والشيخ" و"الاستاذ" و" الثائر" والخاضع" و" المتمرد"... إن الإنسان لا يمكن أن يوجد خارج حدود ما ترسمه لغته أوصافا وأسماء وأنماطا للتصنيف.

إنها ذاكرة فضفاضة تسكنها السياقات والمقامات ولا تحد من شساعتها سوى لحظات الإبلاغ الخاصة. فكلما اتسعت دائرة السياقات، انفرط عقد الكلمات وانفجر التأويل في سيرورات دلالية لا يمكن رسم حدودها، حينها ينتفي المرجع وتغيب سلطته؛ وحينها أيضا تستعيد الكلمة عافيتها وقدرتها على التخلص من مقتضيات التعيين والأبعاد النفعية. إنها تنتج معاني من طبيعة أخرى، معاني للذة والنشوة والتحايل والتمازج والحلول ( بالمعنى الصوفي للكلمة ) : تلكم هي طبيعة الدلالات الإيحائية وتلكم وظيفتها.

إن عوالم الإيحاء ليست سوى محميات دلالية إليها نهرع كلما حاصرتنا الحياة بوجهها النفعي البشع. ففي هذه المعاني نخبئ أجزاء من أنفسنا وأجزاء من تاريخنا وثقافتنا، وفيها أيضا نحلم ونشتهي، ونرغب ونرفض، ونندم ونتحسر ونركب " حصان الرياح " ونمتطي " عباب الأمواج العاتية " : إننا نفعل هذا وأكثرمن ذلك، إننا نحلم ونَحِن ونستبق الزمن لأن العلامات، كل العلامات، تبيح لنا ذلك.

فكلما ابتعدنا عن حالات التعيين والوصف وكل ما يدخل ضمن المرئي المباشر، اقتربنا أكثر فأكثر من جوهر الوجود الإنساني، حينها سنكتشف مناطق أخرى في هذا الوجود تستعصي على الضبط والتحديد المسبق، حالات منفلتة من التصنيف البدئي ولا تطالها يد التسميات المباشرة. إن الأمر يتعلق بإضافات الثقافة، تلك الحالات التي تجسدها الرغبة في المضي إلى أبعد مما يطيقه الجسد وتحتمله النفس.

وهذا ما يؤرق السلطة وهو ما تخشاه وتزدريه، فـ" لامركزية " الإيحاء والترميز والدلالات الخفية هي الوجه الآخر للانتشاء بالنفس خارج ما تقتضيه ثوابت السلطة من حيث هي منفعة وربح وبحث دائم عن نفوذ لا يحد من دائرته سوى متطلبات نقطة البدء والمنطلق. فما يخالف البدء يخالف " الشرع" أيضا، إنه " المحدث"، تلك البدعة التي تقود إلى " الضلال والنار" لأنها تمرد على أصل لم يعد أصلا لأي شيء، أو هو كذلك فقط ضمن ما تقتضيه حاجة السلطة إلى دوام لا يمكن أن يدوم أبدا.

والبدء والنهاية يشكلان كلاهما، في منطق السلطة وسيرورتها، معنى يصرح ويعلن ويعين ويقصي في ذات الوقت ما يأتي من الجهات الأربع. إنه في البدء معنى أولي ومنطلق وغاية، وهو في النهاية مدلول كلي قادر على استيعاب كل المتناقضات وإلغائها لصالح وحدة كلية تتجسد في العودة إلى أنساق أصلية تنصهر داخلها أنواع السلوك وردود الأفعال. يُسمى ذلك تارة " مقدسا "، وتارة أخرى يختفي في ثوب " الطابو" المهاب، ويدرج تارة أخرى في خانة " الحُرمات" التي لا يجب أن تمس أو أن تنتهك.

إن السلطة بداية مثلى تقصي كل البدايات، إنها أصل ثابت ومدلول كلي معطى مع انبثاق أشكال الحياة على الأرض. فما قبلها إما سديم أعمى بلا عقل ولا نظام، أو هو خبط عشواء يضرب في الأرض بلا ارتكاز ولا اتجاه. إن الإمساك بالبداية، أي بالمعنى الأولي الثابت، هو أداة السلطة للتحكم في كل شيء، في السلوك وفي النوايا وفي ردود الفعل البسيطة ( الخوف الأبدي من السلطة وجبروتها ). وامتلاك المعنى الأولي هو امتلاك لـ " حقيقة " تامة كلية ونهائية لا يعمل الزمن إلا على تأكيدها. فلهذا، وربما لهذا السبب فقط، لا ترى السلطة في الزمن سوى وعاء فارغ تتجدد أشكاله وتتنوع من أجل استيعاب حقيقة ثابتة لا تتجدد أبدا.

فكل " الحقوق"، السماوية منها أو الأرضية، الإلهية أو الإيديولوجية والعرقية، التي تسند السلطة وتحميها ليست في بداية الأمر ونهايته سوى محاولة عنيدة لتأبيد لحظة التأسيس الأولى، لحظة التعيين والبداية الأولى لسيرورة لا يمكن أن تكون، في المنطق وفي الحس السليم أيضا، صدى مطلقا لبداية وظيفتها البدء دون ادعاء امتلاك القدرة على تحديد كل مضامين هذا البدء واتجاهاته ومساراته المتنوعة.

وتستوي في ذلك كل السلط، سلطة السياسة والمجتمع، وسلطة الكبير على الصغير والحاكم على المحكوم والسيد على العبد. وهي أيضا سلطة المذكر على المؤنث في كل اللغات ( اللغات التي نعرفها على الأقل). فوجه الغلبة في هذه العلاقة مادي محسوس يتجسد في توزيع المهام وتحديد المسؤوليات، أما تجلياته الرمزية فمثواها اللغة بمستوياتها المتعددة : ما يعود إلى التركيب والتداول ومداخل المعاجم والتذكير والتأنيث، والتقديم والتأخير. كل شيء يقاس على المذكر : فالمذكر هو " الصورة المثلى" و" الطريق القويم" و" مصدر للفعل وأشكال تحققه" : تعمل النساء كما يعمل الرجال وتركض وتجري كما يفعل ذلك الرجال، وتداعب الكرة كما يفعل اللاعبون الرجال، فليس للمؤنث معايير خاصة، فعالمه فرعي ولا وجود له في ذاته، لذلك فإن كل المعايير مذكرة والمرأة قوية ولاعبة ماهرة بقدر اقترابها من صورة القوة أو المهارة كما بلورها وجدان الرجل.

إن الوجود الإنساني قائم على التذكير، والتذكير واحد وأصل لكل شيء ومنه تشتق صور أخرى للإضافة وتنويع واجهات الوجود. ولا شيء يشذ عن هذا، بدءا بأساطير التكوين، مرورا بقصة الخلق، وانتهاء بأفلام الخلاعة حيث تمتهن الأنوثة والجسد كلاهما. ومثوى ذلك فيما قالته الكتب القديمة والحديثة، وهو في الحكايات والأمثال والأحكام المسبقة، وهو فوق هذا وذاك موجود فيما تقوله ممارسات الأمس واليوم. فالمرأة شيء، و» الشيء يذكر، فالتذكير أول «،(5) ولهذا السبب فإن « تذكير المؤنث واسع جدا لأنه رد فرع إلى أصل»، (6) والعكس ليس صحيحا، فلا يجوز بالمطلق تأنيث المذكر لأن ذلك « أذهب في التنافر والإغراب» (7). استنادا إلى هذا " التفوق النوعي "، ( الجنسي) فإن الكلام، في لغة العرب وفي لغات عديدة، يجب أن يحمل على التذكير إذا اجتمع مذكر ومؤنث.

فأي منطق هذا الذي يعطي الغلبة لصبي على آلاف النساء ! إنه منطق اللغة، بل هو منطق كل آليات التمثيل الرمزي، فالرمز يختزن داخله كل المعارف الصحيحة منها والمزيفة ويضعها للتداول الاجتماعي في غفلة عن آليات الدفاع العقلي، وهو وحده القادر على فعل ذلك. فمن خلال الرموز وداخلها تستمر الممارسات العتيقة في الوجود وتبسط سلطتها المرئية والخفية على كل مناحي الحياة.

وعلى هذا الأساس، ورغم فداحة هذا " المصاب الجلل"، فإن اللغة تحتمل هذا " التفوق المزيف " وتطيق وزره دون حرج، فمفاهيمها وأحكامها وتصنيفاتها صاغها وجدان المذكر وصقلتها ممارساته : " رجال التعليم" ( لكل العاملين في التعليم نساء ورجالا " )، وكذلك الأمر مع مدرسة المهندسين ومدرسة الأساتذة ورجال المطافئ والدفاع المدني، ومسؤولي السلطة، وهؤلاء أسياد الكون جميعا.

لذلك فإن الفصل بين الفرع والأصل، بين المركز والمحيط، بين النفعي والمتعي، بين لحظة البدء والاندفاع في كل الاتجاهات، هو منفذ السلطة إلى قلب الكلمات : معنى واحد يغني عن كل الدلالات، وصوت واحد يكفي لقول " الحقيقة المثلى "، والبدء هو الأصل والمنتهى في كل شيء، وهو بؤرة السيادة ومآلها، فالكلمات تقول ما تقوله فقط، والعين تعين ما ترى وتلمس وتصف، ولاشيء يبقى بعد ذلك سوى الهوامش الملغاة من جوهر المعنى ونقائه. وتلك هي العلاقة الرابطة بين ما تبيحه السلطة وما تحرمه، فكلما اتسعت دائرة المحظورات، تقلصت مساحات المتعة كما كان يقول بارث.

فالخروج من دائرة " الواضح" و" الجلي" و" المرسوم" و"المحدد سلفا " خروج عن طوع السلطة وتهديد لأمنها. فالسلطة باب موصد في وجه المعاني الثانية، لذلك فهي لا " تستعير" ولا " ترمز" ولا " توحي "، إنها تحتمي بالمباشر والواحد والبسيط : للوجود مآل واحد، وللكلمة مضمون واحد، ومسار خطي واحد يجمع أجزاء الخطاب ضمن تناظر دلالي واحد عنه تنبثق " الحقيقة" صافية " صفاء السلطة "ووحدانيتها في الوجود والتحكم والسيادة.

ولأنها أصل واحد واتجاه لا يحيد عن مساره، فإنها تكتفي بالمعاني الظاهرة والمباشرة وما ألفته النفوس واستكانت إليه. إنها لا تفتن ولا تغري ولا تقود النفس إلى الكشف عن بهاء الأشياء الكامن في لبسها وغموضها، فمن قلب الدلالات الثانية تنبع اللذة والنشوة ومباهج الإغراء، و « الإغراء له نفوذ على عوالم الرمز كلها، أما السلطة فتكتفي بالسيطرة على ما يقدمه الوجه الواقعي للحياة «. (8)

إن الرمز في هذه الحالة أيضا هو وحده القادر على بعث الدلالات من رمادها. فعوالم الرمز مفتوحة على كل الواجهات، المبهم منها والغامض والسحري والمغري : ما خفي وما تنكر في ثوب التفاصيل المألوفة، ما مضى وما سيأتي، ما كان وما سيكون. إنه كالليل، اشتهاء ورغبة وانكفاء حميمي على الذات. أما الواقعي فهو لحظي ونفعي ومباشر، إنه مرئي من خلال جزئيات الفعل المعيش. إنه واضحة النهار، حقائق عارية من كل ثوب تذكر النفس بالزمن والواجب والروتيني والمكرور.

وما تقوله الكلمات تقوله الألوان أيضا، وهو أيضا ما تثيره الأشكال بآلياتها التعبيرية المتنوعة، فكل ما يحيط بالإنسان وكل ما يؤثث كونه مُحَمل بالمعاني الظاهرة منها والخفية. ذلك أن المعنى ليس محايثا للشيء وليس سابقا عليه في الوجود وفي الاشتغال، إنه مجموع ما يودعه الإنسان في الأشياء والطقوس والإيماءات والأشكال والألوان رغبة منه في التخلص من اللحظة الهاربة والتعيين المباشر.

فالشيء، وكذا حالات الانفعال، لا يمكن أن يوجد خارج الأشكال، ولا يمكن أن يوجد دون توسط الألوان، تماما كما لا يمكن تصور أي شيء خارج تصنيفات اللسان. فالوجود شكل ولون وكلمات، وعن قارات الوجود هذه تنبثق الدلالات ومنها تصاغ القيم وداخلها ينتصب الإنسان كائنا ثقافيا مميزا عن الطبيعة فاعلا فيها. ووحده الإنسان يدرك سر هذا الترابط، لأنه وحده المنتج للمعاني، ووحده المستهلك لعوالم الرمز وإحالاته.

فالثابت في الألوان ليس معنى- فمعانى الألوان لا يحددها سوى خطاب الثقافة - إن الثابت فيها حالات انفعالية منها يستمد كل لون إحالاته الدلالية. فكما تحمل الكلمات في أحشائها ذات الإنسان وثقافته وتاريخه، تكشف الألوان عن مجمل انفعالاته : أهوائه ورغباته وغرائزه، وكذا ميولاته وانتماءاته وحالات مزاجه. فاللون تمثيل خاص للانفعالات، إنه معنى لما لا يُرى ولكن تدركه بصيرة الثقافة والتمثلات الرمزية.

لذا لا يختلف اللون في حالات التدليل وإنتاج المعاني عن الكلمة والشكل وباقي حالات الترميز الأخرى. فقبل أن يكون اللون مظهرا من المظاهر التي تتحدد من خلالها أشكال الوجود الإنساني ( لون اللباس ولون السيارات والطبيعة والمباني)، فإنه يعد تجسيدا لحقائق من طبيعة أخرى لا تراها العين المجردة، ففيه تختبئ المعاني ومنه تستعير النفس غطاء لانفعالاتها وفيه تثوي ثيمات الوجود الكبرى : ما يدل على الانشراح والفرح وما يشير إلى الحزن والموت وما يدل على الهدوء وما يجسد العنف والاندفاع في كل الاتجاهات.

فمن خلال الألوان وداخلها تتحدد أهواء الإنسان المتنوعة، ومن خلالها أيضا تصاغ حدود انتماءاته الحضارية الكبرى. فما يأتي من العرق والدين والسياسة والأخلاق تجسده ألوان تتمتع بكل هالات التقديس والرهبة. فلكل شكل من أشكال هذه الانتماءات " هوية بصرية " من خلالها يُعرف ويُقوَّم ويُتداول، ومن خلالها أيضا تتولد كل الإحالات الدلالية وتتناسل العوالم الرمزية وتنسج خيوطها في جميع الاتجاهات.

وقد يصل الأمر إلى أقصى حالات التجريد حين يتم التعبير عن حالات انفعالية بالغة التعقيد من خلال المزج بين لونين أو أكثر، تارة للتخفيف من غلواء الإغراء وهوَجه، وتارة أخرى من أجل خلق حالات التوازن النفسي، وثالثة من أجل الاحتفاء بغنى الوجود الإنساني وتعدد أبعاده، ورابعة للتعبير عن حالات القلق والتمزق التي قد يستشعرها الفرد بين الانتماء إلى قيم الأرض وبين الاستسلام لتعاليم السماء : حالة اللونين الأحمر والأسود في الثقافة المسيحية : الأحمر للإغراء والدنيوي، والأسود لعوالم المقدس. وهو ما تجسده أيضا حالة طاولة القمار، حيث يشير التقابل بين الأحمر والأسود إلى التقابل بين الربح والخسارة، الأول للأحمر والثاني للخسارة. وفي الحالتين معا، فإن الأحمر دنيوي مرتبط بالمتعة واللذة الحسية، في حين يشير الأسود إلى عوالم الواجب والضرورة والموت.

هبة أخرى من هبات الثقافة، وكوة أخرى من خلالها ننتشي بالذات خارج النفعي والضروري والمعطى سلفا. إنها التفكير بالألوان : لا شيء ثابت ولا شيء كلي ولا حقائق مطلقة. إنها التواصل أيضا بالألوان، فمن خلال الألوان نحلم، ومن خلالها ننتشي بأنفسنا داخل كون بلا حدود ولا قيود، ومن خلالها أيضا نزجر ونردع ونغري ونستدرج ونحب ونغار ونتلهف شوقا إلى الذوبان في الآخر. كل شيء يبدو، بالتناظر والرمز والتواضع، مودعا في الألوان : فاليوم قد يكون أسود حالكا، وقد تكون الأيادي بيضاء طاهرة، ويكون الانقلاب أبيض سلميا، وقد تكون الأيام خضراء تقطر حياة ونشوة، وقد تكون العيون حمراء تخيف وترعب.

وهذا بالتحديد ما يرهب السلطة. فتعدد الألوان مناف لوحدانية الإحالة والاتجاه والغاية. فما يعدد وينوع ويمزج بين أكثر من واحد، يستعصي على الضبط والتحديد والتصنيف المطلق. إن اللون الواحد واجهة مثلى لقول حقيقة مثلى. فالسلطة تُثَبت في اللون حكما وحسا وحَدا. وتلك هي حالة اللون الواحد، الأسود والأبيض والأحمر، وهي أيضا حالة الأخضر والأصفر وغيرها من الألوان التي تحيل على انفعال واحد أو تشير إلى تصنيف يحنط ويمتص رحيق الحياة ويبعدها عن حقيقتها من حيث هي انسجام وتنافر، هبوط وصعود، أسود وأبيض ورمادي. فالمعاني لا تولد إلا من خلال حالات الاختلاف وتضاد الوضعيات.

سلطات كثيرة في الحاضر والماضي احتمت بلون واحد حفاظا علي وحدانية في التصور والعمل والحياة. فعل ذلك العباسيون قديما حين رفعوا الأسود علما لهم ورمزا لسلطتهم، هو نفسه الأسود الذي تبناه الفوضويون ونادوا بتحطيم سلطات العالم أجمع ليحيا الإنسان داخل عالم بلا سادة ولا عبيد ولا قيود منتشيا بكل الألوان. ومازال الشيعة في كل بقاع الأرض يبكون الحسين ويضع الرجال والنساء على رؤوسهم وأبدانهم ما شاء لهم من السواد.

وهو أيضا " سواد" الحكومات في نهاية كل أسبوع، حيث تختفي الوجوه العابسة وراء ستار "الرصانة" و"الجد" و"المسؤوليات الكبيرة " مواراة لأي انفعال. إنه سواد في وجه الحاقدين والحاسدين تيمنا " بحكام الملاعب" و" رهبان الكنيسة " و" نساء الشرق" النائحات يتشحن بالسواد ويعددن " بالمقابل" فضائل ميت لا يعرفنه. فهل يحلو الحديث مع غادة حسناء تختفي وراء نظارات سوداء ؟

وفعله الشيوعيون أيضا حين اختاروا اللون الأحمر شعارا لجيشهم وكتبهم وعلمهم وساحاتهم، وماتت " الثورة الحمراء" أو انكمشت ولم تترك لنا سوى قماش يرفرف في سماء الذكريات الحزينة.

وحديثا حاولت السلطة في ليبيا أن تمزج بين الدنيا والآخرة فاختارت الأخضر علما ورمزا لرابط بين عالمين لا يفصل بينهما أي شيء. فالحاكم في الأرض " رسول " يستمد سلطته من سماء تهب الغيث لمن تشاء. والأخضر وحده قد يوحي بذلك، فهو لون غريب، إنه ثوب الوداع الأخير وثوب الأولياء وغطاء للأضرحة، وعلامة على صخب الطبيعة، وهو فوق هذا وذاك رمز لجنة لا تذبل أزهارها.

ولسنوات طويلة حاربتنا السلطة بالألوان : هي البيضاء دوما ونحن ما تبقى من الألوان، هي الحياد والطهارة والمعاني البريئة، ونحن الخطايا وانخراط في حياة لا تقيك من الخطايا، هي البداية والنهاية ونحن الحد الفاصل بينهما.

هي الجوهر الثابت ونحن أعراض الحياة، هي الأصل والمنتهى ونحن دائرة المدنس الفاني. هي الأبيض في الزي والاستفتاء وافتتاح المواسم والمؤسسات، ونحن ما تبقى : ألوان لا تحدد ولا تصنف، إنها من وحي الحياة، تنافر وتناغم وتنوع وانتشاء بكل ألوان الوجود.

هي الأبيض الراضي المبارك، إنه الوجود الثابت، المرئي والخفي والموحد والمطهر، إنها " نعم"، صوت القبول بما تحس وما ترى وتسمع. فالأبيض هو البداية الأولى، البداية الخالية من أي معنى، أو هو لحظة منها تتأسس كل المعاني، ونحن الأزرق الرافض الأبدي، حلم مهرب في عيون الحالمين بحياة لا تحكمها القيود.

هي الأبيض، صوت الامتلاك والتحكم والتعالي : امتلاك للوطن وتحكم في أحلام الكائنات وترفع عن عبث الصغار ولهوهم، ونحن ما ملكت أيمانها : قطيع تُعد ألوانه وتُحصى أنفاسه ويدب في الأرض تحت رحمة المخبرين وزوار الظلام. هي الحكم الحكيم الدائم الأعلى، ونحن التائهون في الأرض بلا اتجاه.

لكل هذا وغيره تنحاز السلطة للأبيض. فالأبيض لا يتكلم، إنه كالصمت والسكون واحد مطلق حاضر في كل مناحي الحياة، إنه دلالات كبرى تغطي كل الطقوس : ثياب الزفاف وثوب الممات وراية السلم وعنوان البساطة والحكمة، وهو أيضا رمز العناية : " ثوب الممرضات" و" لون الأسرة" و" قرص المنوم" ( 9).

لكن الأبيض وحده ممات واندحار وروتين ورتابة خالية من أي إغراء، فالإغراء لا يوجد في اللون الواحد، ولا في الصوت الواحد، إنه تمازج وتداخل وتنافر وربط بين النقائض. إن أشد التقابلات وضوحا هي تلك التي تجمع بين الأحمر والأبيض في سياق واحد. فعلى وجه الصفحة البيضاء تترقرق قطرات الأحمر زاهية.

وفي ارتباط مع الأبيض تحدد النقطة بداية الشكل وأصله الأول. « فالنقطة كائن غير مرئي، وهي الرابط الأصلي بين الصمت والكلام» (10). أما الخط فهو امتداد النقطة في الفضاء، إنه ممتد بلا حدود ولا تخوم، وبإمكانه أن يمتد إلى ما لا نهاية، فهو بلا قدر أو مصير أو نهاية، ولكن ما أن ينكفئ على نفسه ويصبح جزئية محددة بهوية واتجاه وغاية، فإنه يتحول إلى شكل، لحظتها يفقد امتداده وطبيعته وأصله لكي يصبح سندا لأشكال بمضامين ودلالات إنسانية شتى، يحيل بعضها على أحكام تجريدية من قبيل إحالته على الزمن والكمال والتطور اللامتناهي، ويحيل بعضها الآخر على مواقف سلوكية ترصد أشكال الانفعال وتحدد طبيعة الفعل والذات والهوية في بعديها الفردي والجماعي.

وفي هذه الحالة، فإن منطق اللون هو منطق الشكل أيضا. فالأشكال هي في المقام الأول فضاءات هندسية مقتطعة من كون لا حد له، إلا أنها تعد أيضا خزانات لدلالات شتى تعد الشاهد الأسمى على الحضور الإنساني ضمن عالم الأشياء والكائنات التي تؤثث هذا الكون.

إنها جزء من حالات التدليل الإنساني، فهي وجود صوري في ذاتها إلا أنها تعد حالات دلالية ضمن نص الثقافة والتاريخ والإيديولوجيا ( قصة المنظور في الفنون التشكيلية ). فلقد تعلم الإنسان كيف يعير ذاته إلى الأشكال، كما تعلم من قبل كيف يودع مجمل انفعالاته في الألوان، وقبلهما استخلص من الصوت صورا تغنيه عن البحث الدائم في الطبيعة عن أدوات للتواصل. وتلك كانت هي الحدود الفاصلة بين ما يعود إلى مملكة الحيوان وبين العوالم الرمزية التي يسكنها الكائن البشري.

إن دلالات الأشكال تغطي كل مناحي الحياة، وهي أيضا البؤرة التي نطل من خلالها على أهواء الذات وانفعالاتها. فهي ما يحدد " الاتجاه" و"العمق"، وهي ما يوجد في " التحت " وما يوجد في " الفوق"، وما يحدد " المنتصب" و"الممتد"، وهي أيضا ما يرمز إلى الصرامة والجدية والانفعال، وما يشير إلى الأنوثة والرقة والليونة، وهي أيضا الحامل لقيم الإحباط والانهيار( انكسار الخط العمودي يمينا أو يسارا). إنها أجزاء من ذات الإنسان مودعة في الأشكال، فكل هذه التمييزات هي إفرازات الثقافة والتاريخ والإيديولوجيا، إنها الوجود الخارجي الذي يخبر عن رمزية التصنيف والأحكام الإنسانية.

وتلكم هي المنافذ الأولى التي تقودنا إلى الفصل بين ما يوحي بالعوالم الخاصة بالسلطة وبين ما يوجد على هامشها وخارج نفوذها. إنه التمييز بين ما يحيل على قيم الواجب والروتين والخشن والحاد والثابت، وبين القيم التي تحيل على دينامية الحياة وتعدد أبعادها. فالسلطة تسكن عوالم الشكل أيضا، ومن الشكل تستعير وجهها، وجوهرها، وصور وجودها في الشوارع والمباني وواجهات المتاجر.

فالزوايا الحادة والسواري المنتصبة في إباء، وكذا المباني الضخمة والواجهات المتجهمة هي الأشكال التي من خلالها تحضر السلطة في المعيش اليومي. فالمحاكم ومخافر الشرطة وقصور البلديات ومقرات الوزارات والبرلمان هي المعادل الرمزي ،" الشكلي" لواجهات السلطة وأشكال حضورها في الحياة اليومية. إنها الوجه البشع المستفز والعابس و" الصارم" الذي يذكر بجبروت السلطة. فهذه المباني تحضر أمام العين باعتبارها أشكالا بلا قلب ولا روح، وتخبأ في تفاصيلها القسوة والعدوانية.

فكلما استطالت المباني وامتدت في السماء واستقامت زواياها وانتصبت سواريها، تقلص حجم الكائن الإنساني وتضاءلت حدوده وتراءت له السلطة غولا لايُقهر، فيزداد شعوره بالرهبة والوحشة والانسحاق.

وعلى غير هيئة تلك الأشكال تبدو مباني الترفيه والانشراح والترويح عن النفس، فشاليهات البحار وقمم الجبال ومطاعم " ماكدونالد" وقاعات "الداوليز" وكل فضاءات المتعة تزينها الدوائر والأشكال الحرة، والخطوط المنسابة في كل اتجاه. إنها ملتصقة بالأرض وتضاهي وجود الإنسان حجما وامتدادا وألوانا.

إنها الوجه النقيض للسلطة، فهي العبث واللهو وخرق لقواعد " اللعب الكبير ". أما السلطة فامتثالية في الشكل والوجود والاشتغال. إنها « الواقعي الحرفي، سلسلة من المعارف والأفعال، إنها ليست حلما مفصولا عن العالم «، (11) بل هي الوجه السرمدي الذي يذكر بالزمن والواجب والموت.

وتلك هي الحدود الفاصلة بين خطوط التعيين والفصل والتمييز بين المواقع والأشياء، وبين خطوط الرقة والليونة والعطف والأنوثة. إنها " خارطة الحنان "(12)، خطوط رقيقة لا تُرى، ترسم الجسد هضابا وسهولا ونتوءات عنها تنبثق طاقات الإغراء وقواه الضاربة.

والسلطة لا تغري ولا تفتن، فالإغراء يأتي به الإيحاء والتلميح والمعانيالمبثوثة في ثناياالمبهم والغامض. لذا فإنها تخشى الألوان، تماما كما تخشى المنعرجات والمنحنيات والمعاني الخفية. إنها خط مستقيم على ضفافه يقع الفقراء والمهمشون والمناضلون والذين لا تصنيف لهم.

الهوامش

1- أوسكار شليمر ( Oskar Schlemmer ) مخرج مسرحي ألماني ولد بشتوتغارد 1888 وتوفي ببادن بادن سنة 1943. ويعد أحد مؤسسي المسرح التجريبي في الثلاثينيات. بدأ حياته فنانا تشكيليا، وكان أستاذا للفن التشكيلي والنحت في بوهوس بفايمار Weimar ، وهو مؤسس " البالي الثلاثي "، وهو أيضا مخترع " الرقص المسرحي "، وهو رقص يقوم فيه الممثل بأداء حركات ومواقف تمزج بينه وبين ملابسه ليتحول في نهاية الأمر إلى " صورة فنية ". وله مجموعة من الأعمال المشتركة مع الفنان التشكيلي فاسيلي كاندينسكي.

2- للاطلاع على تجربة أوسكار شليمر مع المسرح التجريبي ، انظر Nicole Everart- Desmedt : Le processus interprétatif

3- Edward Sapir : Le langage, Introduction à l'étude de la parole, Payot, 1970, p 17

4 - قد كان رولان بارث يميز - على غرار شتراوس - بين الطبيعة والثقافة في اللغة، فيعتبر فعل التعيين حالة طبيعية للغة وكل المعاني المضافة التي تدخل الى الكلمات نتيجة وجود سياقات جديدة حالة ثقافية للغة، وهو تمييز، رغم طرافته، في حاجة إلى نقاش، فوجود اللغة هو إيذان بالخروج من عالم الطبيعي لولوج عالم الثقافة، فللغة ذاتها هي منتوج ثقافي.

5- A J Greimas : Du sens , eassais sémioltique, Seuil , 1970 , p 13

6 - نعني بالمتصل حالة سابقة على وجود المعنى، وربما سابقة على وجود الثقافة بما هي تحقيب وتفضيء. فالمتصل يحيل على كيان لا يتحدد من خلال عناصره، بل هو كذلك من خلال كلية لا تدرك إلا من خلال التجزيء الذي يقوم به التقطيع اللساني.

5- سيبويه : الكتاب الجزء الثالث ص 242

6- ابن جني : الخصائص، الجزء الثاني ص 415

7- نفسه ص 415

8- انظر Jean Baudrillard : de la séduction, éd Galilée, Paris, 1979, p. 19

9- انظر قصيدة أمل دنقل " ضد من ".

10- David Le Breton : corps et anthropologie, de l'efficacité symbolique, revue Diogène , 153 , 1991 , 93

11 - Kandinsky : poine e ligne sur plans, ed Folio , 1991 p 25

12 202 J Baudrillard : La société de consommation, éd Folio, 1970, p

 

 
 
معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقـة تعريـف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003