معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقـة تعريـف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

أموبيرتو أيكو

في الحاجة إلى العلامات *

 (ترجمة: سعيد بنگــراد ( محمد الرضواني 

 

 

  

I - لنفترض أن السيد سيغما، وهو مواطن إيطالي يقضي عطلته في باريس، بدأ يحس ب" ألم في بطنه ". ولقد استعملت لفظا عاما، لأن السيد سيغما لا يشعر سوى بإحساس لم يتبين كنهه بعد. وسيحاول بعد ذلك تحديد طبيعة هذا الاضطراب : هل يتعلق الأمر بقرحة المعدة ؟ أم بانقباض أم بمغص ؟ إنه يحاول أن يعطي اسما لمثيرات غير محددة بعد. فعندما يصل إلى تسميتها، فإنه سيمنحها بعدا ثقافيا، أي أنه سيصنف ما يبدو لحد الآن باعتباره مجموعة من الظواهر الطبيعية في خانات محددة و"مسننة". إنه يحاول بذلك ربط تجربته الشخصية بسمة تجعلها قابلة لأن تقارن بتجارب أخرى سبق أن منحتها كتب الطب أو المقالات  الصحفية اسما.

 والآن فقط عثر على الكلمة التي تبدو أنها تلائم حالته. وتمثل هذه الكلمة - أو تحل محل- الاختلالات الجسمية التي يحس بها. وبما أن غايته هي إبلاغ هذه الاختلالات إلى طبيب، فإنه يعرف بأنه يستطيع استعمال الكلمة ( كلمة يستطيع الطبيب فهمها) محل الأحاسيس التي يشعر بها ( وهي أحاسيس لا يحس بها الطبيب وربما لم يحس بها أبدا في حياته).

ويتفق الجميع على أن الكلمة التي تعرف عليها السيد سيغما هي علامة. إلا أن القضية التي نحاول دراستها أعقد بكثير من هذا الأمر.

لقد قرر السيد سيغما زيارة الطبيب، سيبحث في دليل الهاتف عن "منطقة باريس"، وهناك علامات طباعية تميز الطبيب عن غيره وتبين له كيفية الاتصال به.

سيخرج وسيبحث عن علامة يعرفها جيدا، وهي العلامة الدالة على حانة. فلو تعلق الأمر بمقهى إيطالي فسيبحث عن الهاتف في الركن الأيسر القريب من الصندوق حيث يوجد جهاز هاتف من لون رصاصي. وبما أنه في حانة فرنسية، فإن هناك قواعد تأويلية أخرى خاصة بتنظيم المحيط الداخلي للحانة، لهذا سيبحث عن سلم يؤدي إلى القبو، وهناك، كما هي الحال مع أية حانة تحترم نفسها، سيجد المراحيض والهاتف. إن المحيط يَمْثُل أمامه باعتباره نسقا من العلامات يقوم بتوجيهه. وفي هذه الحالة، فإنه سيعين له المكان الذي يستطيع فيه إجراء مكالمته.

نزل السيد سيغما السلم ووجد نفسه أمام ثلاث مقصورات صغيرة. وهناك نسق آخر من العلامات سيمكنه من معرفة الكيفية التي سيستعمل بها الفيشة التي في جيبه ( هناك الكثير من الفيشات التي لا تستعمل في كل الهواتف، عليه إذن أن يقرأ الفيشة " س" باعتبارها " تستعمل في الهاتف "ي" ). وفي النهاية سيعرف من خلال الإشارة الصوتية أن الخط مفتوح. وهذه الإشارة تختلف عن تلك التي تستعمل في إيطاليا، فعليه إذن أن يكون مطلعا على قاعدة أخرى لكي يفك رموزها. إن هذا الطنين هو المعادل للعبارة اللفظية " الخط مشغول "، أمامه الآن أسطوانة كتبت عليها حروف وأرقام. إنه يعرف أن الطبيب الذي يريد الاتصال به يُرمز له ب dan 0019. إن هذا المقطع المتكون من حروف وأرقام يتطابق مع اسم الطبيب، أو يدل على " منزل لفلان ". إلا أن إدخال السبابة في الأسطوانة وجعلها تدور وفق المقاطع الرقمية والحرفية المراد الحصول عليها له دلالة أخرى : فهذا الفعل يقول لنا إن الطبيب سينتبه إلا أن السيد سيغما يناديه. والأمر يتعلق هنا بنظامين متمايزين للأشياء : قد أتعرف على رقم هاتفي، وأعرف إلى ماذا يرمز، ولكني لن أكلم هذا الشخص أبدا، وقد أُكًوٍن رقما كيفما اتفق وأنا أجهل صاحبه، وأنا أعرف أنني مع ذلك أكلم أحدا.

فالدليل الهاتفي يسير وفق سنن قائم الذات : فالحروف مثلا تعين منطقة خاصة من المدينة، ولكنها ترمز في الآن نفسه إلى أرقام بعينها : فإذا نادينا نفس المركز في باريز من مدينة تقع خارج فرنسا، ميلانو مثلا، فعلينا أن نترجم DAN إلى عبارة رقمية تتطابق معها، ذلك أن الهاتف الإيطالي يحكمه سنن آخر.

ولنعد الآن إلى سيغما الذي يكون رقمه : هناك صوت جديد يقول له إن الموقع الذي يريد مكالمته مفتوح. وأخيرا سيسمع صوتا : إن هذا الصوت يكلمه باللغة الفرنسية، وهي ليست لغة سيغما. ومن أجل الاتفاق على موعد مع الطبيب، على سيغما أن يمر من سنن إلى آخر ويترجم إلى الفرنسية ما يفكر فيه بالإيطالية ( من أجل شرح المغص للطبيب فيما بعد). وبهذا سيحدد له الطبيب موعدا وعنوانا. إن هذا العنوان علامة تحيل على موقع محدد داخل المدينة، وعلى طابق محدد وعمارة محددة، وباب محددة في هذا الطابق. والموعد، من جهته، قائم على قدرة الطبيب وسيغما على الإحالة على نسق من العلامات لها استعمال كوني : ميناء عداد الساعة.

ولنختصر العمليات التي على سيغما القيام بها من أجل إمداد سائق التاكسي بالمعلومات وكذا الطريقة التي سيؤول بها هذا السائق الإشارات الطرقية ( الاتجاهات الممنوعة، يُمنع الانحراف يمينا أو يسارا )، ويقارن بين الإشارات التي تعطى له شفهيا وبين تلك التي تقولها الإشارات الطرقية، وسنترك جانبا أيضا العمليات التي يقوم بها سيغما من أجل التعرف على المصعد والزر الموافق للطابق الذي يريد الوصول إليه، والتعرف في النهاية على الشقة التي فيها الطبيب كما هو مثبت في اللوحة المعلقة على الباب. وعلى سيغما أيضا أن يميز بين زرين يوجدان قرب باب الطبيب : ما يشير إلى الجرس وما يشير إلى زر نور العمارة : يمكن أن نتعرف عليهما من خلال بعض الجزئيات كشكلهما وموقعهما القريب أو البعيد من الباب، أو بفضل وجود رسم على الزر ( جرس صغير في الحالة الأولى ومصباح في الحالة الثانية ). والخلاصة أنه على سيغما من أجل الدخول عند الطبيب أن يكون ملما بمجموعة كبيرة من القواعد تجعل من شكل ما متطابقا مع وظيفة ما، أو تطابق العلامات الطباعية مع وحدات معينة.

وفي النهاية ها هو بطلنا أمام الطبيب، يحاول أن يشرح له ما حدث له هذا الصباح : " معدتي تؤلمني " . إن الطبيب يفهم بالتأكيد هذه الكلمات، ولكنه لا يثق بها. فهو ليس متأكدا أن سيغما حدد بالضبط موطن الداء بعبارات مناسبة. سيضع عليه أسئلة، ومن خلال الحوار سيحدد سيغما بطريقة أفضل نوع الألم الذي يحسه، وموقعه بالضبط. سيقوم الطبيب من جهته بجس بطن سيغما وكبده : فالتجارب علمته أن بعض اللمسات لها دلالة خاصة ( فلقد قرأ كتبا شرحت له أن بعض التجارب اللمسية يقابلها ضرر عضوي). إنه يقوم بتأويل أحاسيس سيغما ( أحاسيس لا يشعر بها هو) ويقابل بينها وبين أحاسيسه اللمسية الخاصة. فإذا كانت أسنن السميولوجيا الطبية صحيحة، فإن الإحساسين معا يجب أن يكونا متطابقين. إلا أن أحاسيس سيغما تأتيه عبر أصوات اللغة الفرنسية. وعلى الطبيب أن يتأكد حينها ما إذا كانت الكلمات التي تتجلى من خلال شكل صوتي تتطابق مع الأحاسيس التي يشعر بها في الاستعمال اللساني. ولكنه متشكك في الأمر : فسيغما قد يستعمل كلمات غير دقيقة، لا لأن هذه الأحاسيس غير دقيقة، ولكن لأن المريض قد لا يترجم بشكل جيد الإيطالية إلى الفرنسية : إنه يقول " بطن" ، ولكنه يريد أن يتحدث عن الكبد ( قد يكون سيغما جاهلا، ولذلك فإن بطن وكبد تعنيان عنده حتى في اللغة الإيطالية نفس الشيء).

سيأخذ الطبيب كفي سيغما : هناك لطخات حمراء، غير منتظمة. " علامات لا تبشر بخير " همهم الطبيب : " ألا تشرب كثيرا مثلا ؟ اعترف سيغما، "وكيف عرفتم ذلك ؟ " سؤال ساذج : فالطبيب يمكنه أن يؤول بعض الأعراض كما لو كانت فصيحة بشكل كبير( فهو يعرف على ماذا تدل بعض اللطخات وعلى ماذا يدل الانتفاخ ). ولكنه لا يعي ذلك بشكل أكيد : فمن خلال كلمات سيغما ومن خلال تجاربه اللمسية والبصرية تعرف على بعض الأعراض وحددها من خلال مفاهيم علمية تتطابق مع ما درسه في الجامعة؛ ولكنه يعرف أيضا أن تعفنات عديدة تشير إليها نفس المجموعة من الأعراض. فعليه الآن أن ينتقل من العرض إلى المرض الذي يدل عليه هذا العرض، وهذا الأمر من اختصاصه. ونتمنى فقط أن لا يستدعي الأمر القيام بأشعة، ففي هذه الحالة سيضطر إلى الانتقال من العلامات الگرافيكو فوتوغرافيا إلى الأعراض البادية عليه، ومن العرض إلى الضرر العضوي، حينها لن يقف عند حدود نسق واحد من الأعراف السميائية بل سيشمل عمله أنساقا أخرى، وهي صعوبة قد تؤدي إلى الخطإ التشخيصي.

ولن نهتم بهذا الأمر، ويمكننا أن نترك سيغما يواجه مصيره وحده، ونتمنى له الشفاء : إذا استطاع قراءة الوصفة الطبية ( وهو أمر صعب، فعادة ما تكون الكتابة الخطية للأطباء صعبة القراءة)، ويمكن أن يشفى ويستمتع بالعطلة الباريسية.

قد يكون سيغما غريرا وعنيدا، وعندئذ، سيرد على النصيحة التي يقدمها له الطبيب " إما أن تتوقف عن الشرب وإما أعفي نفسي من أية مسؤولية تخص كبدك'' قائلا : "خير لي أن أستمتع بالحياة دون الاهتمام بالصحة، من أن أتحول إلى شخص تأكله الوساوس ويقضي حياته في وزن الطعام والشراب في ميزان صيدلي". وفي هذه الحالة فإن سيغما سيقيم تقابلا بين قيمتين : حياة جميلة في مقابل صحة جيدة، وهو تقابل لا يشبه ذلك الذي نقيمه عادة بين حياة (م) موت : فأن يحيا الحياة دون الاكتراث بمخاطرها الدائمة التي هي الموت، تبدو له وكأنها نفس الوجه لقيمة أساسية، وهي "عدم الاكتراث"، وهو ما يتقابل من جهة أخرى مع الثنائية : صحة - اكتراث، وهي ثنائية مليئة بالملل.

وفي هذه الحالة سيكون لسيغما نسق فكري خاص ( من نفس طبيعة النسق السياسي أو الجمالي) يتخذ شكل تنظيم خاص للقيم، أو المضامين. وبما أن هذه المضامين تتخذ شكل مقولات ذهنية، فإنها ستكون أيضا بدائل ''استعملت'' محل شيء آخر: إنها كذلك بالنسبة لما يترتب عنها من قرارات، وبالنسبة للتجارب التي تدعمها. وبنفس المعنى، فإن هذه المضامين تبدو كعلامات داخل الحياة الشخصية والبيشخصية لسيغيما. وإذا كانت الأشياء كذلك فهذا أمر يدعو إلى التأمل، ولكن هناك من يعتقد في صحة هذا الأمر.

وما يهمنا الآن هو التركيز على أن شخصا سويا واجه مشكلا عضويا وطبيعيا كـ ''ألم في البطن''سيجد نفسه منغمسا داخل شبكة من أنساق العلامات : بعضها مرتبط  بإمكانية القيام بأفعال عملية، وأخرى تعود مباشرة إلى مواقف نسميها ''إيديولوجية''. وفي جميع الحالات، فإن هذه الأنساق مجتمعة تعد رمزا أساسيا داخل التبادل الاجتماعي، إلى الحد الذي يمكن أن نتساءل معه هل العلامات هي التي تسمح لسيغما بالعيش داخل المجتمع، أم أن المجتمع الذي يعيش داخله سيغما باعتباره كائنا إنسانيا ليس سوى نسق واسع ومركب من العلامات؟ وفي الختام، هل يعي سيغما بشكل عقلاني آلامه؟، هل كان من الممكن لسيغما التفكير في هذه الآلام وتصنيفها، لو لم يؤنْسنْه المجتمع والثقافة ويجعلا منه حيوانا قادرا على بلورة علامات وإبلاغها ؟

ومع ذلك قد يوحي المثال الذي سقناه بأن هذا الغزو الشامل للعلامات لا يتعلق سوى بحضارة صناعية، ولن يتجلى سوى داخل مدينة تغطيها الأضواء والمصابيح، مدينة مليئة بالألواح التوجيهية، ومليئة بالأصوات والإشارات من كل الأنواع. إننا ننظر إلى المسألة، وكأن وجود العلامات مرتبط بوجود الحضارة، بالمعنى العادي للكلمة.

إن الأمر ليس كذلك، فحتى لو كان السيد سيغما فلاحا معزولا عن العالم، فإنه سيعيش أيضا وسط العلامات. سيجوب أطراف البادية منذ طلوع الفجر تحت رحمة الغيوم الممتدة في الأفق، سيكون بإمكانه التكهن بالزمن، وستطمئنه ألوان الأوراق على مآل الموسم الفلاحي، وستخبره سلسلة الأخاديد المحفورة على أديم الأرض وفوق الهضاب عن نوعية الفلاحة التي تصلح لها هذه التربة. ويخبره برعم وسط الحشائش عن انتشار نوعية معينة من الحبوب في هذا المكان، وسيكون بإمكانه التمييز بين الفطريات السامة وتلك الصالحة للإستهلاك، وستحدد له الفقاعات التي تفرزها الأشجار الضخمة جهة الشمال، إذا لم يكن قد استنتج موقعه ذاك من خلال مدار الشمس. وبما أنه لا يملك ساعة، فسيستعين بالشمس لمعرفة الوقت، وهبة ريح واحدة تقول له أشياء كثيرة لا يستطيع الحضري أبدا معرفة كنهها. وهكذا فإن رائحة ما كافية لتحدثه، هو الذي يعرف أين تنبت بعض الورود، من أين تهب الريح.

وإذا كان صيادا، فإن أثرا على الأرض، أو كومة من الشعر معلقة على فنن فيه أشواك، وبعض الآثار الطفيفة ستكشف له عن هوية الطريدة التي مرت من هنا، ومتى مرت. والخلاصة أن السيد سيغما، حتى ولو كان غارقا وسط عالم طبيعي فإنه سيعيش وسط العلامات.

إن هذه العلامات ليست ظواهر طبيعية، فالظواهر الطبيعية في ذاتها لا تقول أي شيء، إنها  لا تحدث السيد سيغما إلا إذا كانت هناك تقاليد علمته كيف يقرأ هذه الظواهر. إن سيغما يعيش إذن وسط عالم من العلامات، لا لأنه يعيش وسط الطبيعة، بل لأنه يعيش وسط مجتمع حتى وهو يعيش وحده : فما كان لهذا المجتمع البدوي، أن تقوم له قائمة لو لم يبلور أسننه الخاصة في تأويل المعطيات الطبيعية ( التي ستتحول حينها إلى معطيات ثقافية). وهذه المعطيات هي التي تسمح لنا بفهم ماذا يعني كتاب مخصص لدراسة مفهوم العلامة : إنه سيهتم بكل شيء.

وبطبيعة الحال من حق اللساني أن يلاحظ أننا إذا كنا سنطلق اسم علامة على كل ما يتوسط ذاتين بما فيها الترجمات المنفردة التي يقوم بها سيغما بينه وبين نفسه، فلن تكون هناك أية حدود لمفهوم العلامة. سيقول لنا هناك بالتأكيد أدوات تعد علامات بالمعنى الخاص كالكلمات وبعض العلامات، وبعض الأعراف الإشارية، وما تبقى، الذي لا يعد علامة هو تجربة إدراكية، أو قدرة على صياغة الفرضيات والتوقعات استنادا إلى التجارب.

إن هذا المقترح يستجيب فعلا للحس السليم. وسنحاول تفنيده في الصفحات الآتية. ولكن القارئ لم يصل بعد إلى هذه المرحلة. لنأخذ بعجالة ظاهرتين ستؤكدان لنا أن الاعتراض اللساني هو اعتراض اختزالي.

من جهة، استعمل مفهوم العلامة، طوال تاريخ الفكر الفلسفي بالمعنى الواسع للكلمة إلى الحد الذي أصبح ينطبق فيه على عدد كبير من التجارب التي وصفناها من خلال مثالنا السابق، ومن جهة ثانية، لقد عودنا الاستعمال العادي - ما تقدمه القواميس بشكل خاص - على استعمال كلمة ''علامة'' بشكل فضفاض لكي يشير إلى معناها العام.

 

II - لقد استعان الفلاسفة ب''العلامة''، كما استعان بها رجل الشارع سواء بسواء، فرجل الشارع يستعمل تعابير يومية مثل ''علامة سيئة''، " اعطنا علامة عندما تكون جاهزا" ،''ولدت تحت أية علامة''. إن الفلاسفة، في نظر المتعلمين، يستعملون كلمة علامة بدقة، ويعطونها معنى منسجما، أما في الاستعمال اليومي، كما هي الحال في الجمل السابقة، فإن ''علامة'' وهو لفظ جناسي، أي لفظ يستعمل في ظروف متنوعة، وبمعاني مختلفة، وغالبا بطريقة ميتافيزيقية وعامة. وسنرى فيما بعد، كيف يمكن للاستعمال الفلسفي لكلمة علامة أن يكون عاما، إلا أننا في هذه المرحلة سنقتصر على اللغة اليومية : سنرى أن ''علامة'' ستستعمل استعمالات خاصة وصحيحة ومقبولة من الناحية التقنية. ونعني بالتقنية زاوية نظر متخصصة تدرس كل أنواع العلامات، وهي التي نطلق عليها السميائيات أو السميولوجيا.

فلنأخذ الاستعمال العادي باعتباره إحالة على مصدر مأذون، ولنتأمله كما يقدمه قاموس في اللغة. ولكي نتجنب الانحياز لقاموس بعينه، سنبني مدخلا مثالا لـ ''علامة'' استنادا إلى كل التصورات كما أثبتتها أربعة قواميس مشهود لها بالرزانة :  Le grand Robert  ( 11)مدخلا ، Le grand Larousse da la Langue Française  (11) مدخلا،   Le Lexis de chez Larousse  (7)مداخل  ،Le Littré   (15) مدخلا.

العلامة : ( من اللاتيني   signum، سمة ، تمثال، إشارة دليل)

أ- 1 - أمارة، سمة، عرض، وبصفة عامة شيء مدرك يمكن أن نستخلص منها توقعات واستنتاجات وإشارات خاصة بشيء آخر غائب ومرتبط به. آثار مرض ما بادية على محيا المريض، أو يعبر بها المريض عن هذا المرض ( علامات فيزيقية، علامات وظيفية).

2- سمات فيزيقية مثل لطخة، ندبة تسهل التعرف على شيء آخر، أو على شخص ( ويمكن في هذه الحالة إثبات ذلك في أوراق التعريف كعلامات خاصة).

3-  إيماءات وأفعال تحيل على طريقة في الوجود والفعل والإحساس ( مثل التعابير " إعطاء علامات دالة على الفرح " " علامات خارجية دالة على الغنى").

ب - 4 : حركة إرادية نعبر من خلالها عن شيء أو نخبر عنه، مثال ذلك : الأمر أو الرغبة أو الخبر : " لم تصدر عنه علامات تثبت أنه حي"، "انقطعت أخباره".

5- سمة تمييزية مطبوعة أو مختومة على شيء أو شخص من أجل التعرف عليه.

6- شكل طباعي بسيط ( نقطة، خط مستقيم، مائل) يحيل عرفيا على موضوع مجرد، أو كيان طباعي مركب له نفس الوظيفة ( أرقام، تركيبة كميائية، علامات نباتية، علامات الاختصار، علامات فلكية، علامات عرفية تحيل على وحدات عسكرية ). ملاحظة : يطلق على هذه العلامات أحيانا رموز ( يجب ألا نخلط بينها وبين  مجانساتها في 10و 11)

7- التمثيل المادي لموضوعات محسوسة : مثال ذلك رسم حيوان يلائم موضوعا أو مفهوما يتطابق معه.

8-(لسانيات) إجراء يتم من خلاله تمثيل مفهوم أو موضوع من خلال صورة سمعية ( كلمة مثلا ). كل عنصر يعد جزءا داخل سيرورة.

9- كل عنصر داخل فعل بصري يحيل على صورة سمعية أو على كلمة أو مفهوم أو موضوع مثال : حروف الأبجدية، العلامات السينوغرافية، المختصرات، سينوغرافيا، علامات الضبط، النوتات الموسيقية، أبجدية المورس، أبجدية براي مثال : حروف الطباعة.

10- الرمز، كيان تصويري أو غير تصويري يمثل، من خلال خصائصه الشكلية أو من خلال طابعه العرفي، حدثا أو قيمة، أو حدسا أو هدفا، مثلا : الصليب ("علامة الصليب")، المنجل والمطرقة، جمجمة ميت "علامات شعارية" ، "علامات البحرية" (شراع ، شهب، مربع منحرف )

11- الرمز، كيان تصويري أو غير تصويري يحيل بطريقة فضفاضة أو إيحائية أو غير دقيقة على حدث أو قيمة.

ج-12- ( لاتينية نادرة )  علم.

13- تشاكلات فلكية، علامات البروج  ( أو علامات كوكبية، علامات الحظ).

14- تحت علامة، تحت تأثير شيء ما، تحت أحضان، في مناخ ، في ظل شروط أحدثها شيء ما

15- ( تعريف قديم  seing

16- (نادر-  أموال وضعت بين يدي عرافة مغامرة.

17- ظاهرة طبيعية، حدث ينظر إليه كتجل لإرادة مستترة، أو قصدية إلهية، أو قدرة سحرية، أو توضيح لنظرية، فأل ( معجزة).

ويجب أن ننبه على أن القواميس التي اطلعنا عليها قامت، من أجل التعرف على الاستعمال اليومي، بتصنيف مختلف التصورات الموصوفة هنا في خانات غير ممنهجة، ومن جهتنا سنعمل على تنظيم هذه التصورات وذلك من أجل :

1- أن نصنف ضمن ( أ ) العلامات غير القصدية التي تشكل، بطريقة ما، أحداثا طبيعية نستعملها من أجل التعرف على شيء ما أو استنباط وجودها ( وهكذا فمن خليط دخان في أعلى الجبل نستنتج وجود نار)، ونصنف ضمن (ب) العلامات الاصطناعية التي يستعملها الإنسان من أجل التواصل مع أخيه الإنسان استنادا إلى وجود أعراف.

2- التمييز بين التصورات الأساسية والتصورات المشتقة ( استعاريا أو من خلال الامتداد)، فالتصورات الثانية تصنف بعد الأولى ضمن نفس الخانات.

3- تخزين في (ج) تعابير مركبة وبعض التصورات الأدبية أو التعابير المهملة، حتى وإن كانت مشتقة من خلال الامتداد، من معاني موصوفة في (أ) و(ب). وهكذا فإن التصور (15) مرتبط بالتصورين (5) (3). أما التصور (14) المعزول، فهو مثبت في كل القواميس باعتباره تعبيرا مستقلا، ويشير إلى نقطة سنناقش فحواها فيما سيأتي : إن بعض الألفاظ لا تكتسب بعض القيم المحددة إلا ضمن سياق، وهي حالتنا هنا، رغم أن " علامة" هذا التعبير مرتبطة بالتصور (13). وفي الختام فإن التصور (17) الذي تقف عنده كل القواميس إلى حد أنها تخصص له خانة مستقلة ليس سوى امتداد لـ (1) و(4) و(8)، وذلك تبعا للفرضية الميتافييزيقية والدينية والسحرية التي تتحكم في التعرف على هذه العلامات : يمكن أن نرى فيها أعراضا وأوامر وأمارات أو كلمات أصيلة في لغة إلهية.

وفي جميع الحالات نلاحظ، ونحن نقرأ هذه التعريفات، من جهة وجود سمات مشتركة بين كل أنواع هذه العلامات، ومن جهة ثانية وجود خصائص تسمح لنا بتمييز مجموعات متعددة من هذه الأنواع. فلقد تبلورت منذ القدم، استنادا إلى لعبة الخصائص المشتركة والمختلفة، مجموعة من التعريفات الخاصة بالعلامات. إن هذه التعريفات والتصنيفات، حتى وإن كان اللسانيون أو الفلاسفة هم الذين اقترحوها، فإنها تشترك في خصائص بارزة : إنها قائمة على الاستعمال المشترك. إما لأن هؤلاء الفلاسفة واللسانيين يكررون تعاريف وتصنيفات صاغتها الذوات المتكلمة ( والقواميس )، وإما لأنهم يبلورون تعاريف جديدة ستسقط، بمجرد اقتراحها في الميدان العمومي للحس السليم.

يجب أن ننطلق من التعديل الذي يعد ثمرة للحس السليم ( المشترك أوالعام )، لأننا أولا في حاجة لنقطة ارتكاز ما، ولأن اطلاعنا على لائحة هذه التصنيفات وتاريخها سيمكننا من بناء فينومينولوجيا حقيقية للعلامة. إن التصرف بهذه الطريقة قد يبدو تافها وبيزنطيا. وبالمقابل إذا لم نفعل ذلك، فهذا معناه أن خطابنا سيظل غامضا ومطلقا واستعاريا. إن كون مجموعة من الفلاسفة قبلوا الحل الثاني لا يشكل بأية حال من الأحوال عذرا : بل على العكس من ذلك يجب أن يدفعنا إلى الدقة والتقنية. فلم يشعرلا أرسطو ولا أفلاطون بأي حرج وهما يمزجان فلسفة اللغة باعتبارات ذات طبيعة لسانية ونحوية.

وعلى العكس من ذلك ظهرت في أيامنا هذه فلسفة أكاديمية تتقزز من التحليل التقني الخالص للغة، لا لوجود تخصص لا يني يتقوى في هذا المبحث ( وهو تخصص يشعرهم أنهم ليسوا مؤهلين للاقتراب من ميدان يحتاج إلى معرفة دقيقة ومتخصصة )، بل لأن الفلسفة تنظر إلى نفسها باعتبارها خطابا نظريا شاملا، تتحدى التحاليل التقنية الدقيقة. وبهذا المعنى، فالفكرة القائلة إن الإنسان " حيوان رمزي" وبصفته تلك فهو تواق إلى التواصل، هي فكرة من طبيعة فلسفية. وبالمقابل فإن وصف الطريقة التي يتم بها هذا التواصل والميكانيزمات التي تحكم الروابط الدلالية ليس من الفلسفة في شيء، بل هو أمر يعود إلى اللسانيات أو إلى شيء آخر. وهكذا فإن بعض الفلاسفة المشهورين، هايدغر مثلا، سمحوا لأنفسهم المحاججة فلسفيا استنادا إلى اشتقاقات تجعل متخصصا في اللسانيات التاريخية يشمئز مما يسمع، ولكنه حجاج لا يجعل إيزودور دو سيفيي يتحرك في قبره. والحال أن بورس الذي قضى حياته في تصنيف وبنينة كل ميكانيزمات الدلالة- وهو السبب الذي جعل الفلاسفة ينظرون إليه نظرة مريبة - مازال ينظر إليه باعتباره فيلسوفا بفضل صفحاته التي كتبها عن الميتافيزيقا والأخلاق ( أو بفضل ما كتبه عن المنطق )، لا بفضل إسهاماته السميائية ( وبدون هذه الإسهامات لا نعرف بالضبط ماذا يريد قوله عندما يتحدث عن الله والعالم والذهن البشري). وبالتأكيد لا يمكن التشكيك في ضرورة اهتمام الفلسفة بالقضايا التي لا تعيرها العلوم اهتماما نظرا لاستغراقها في التخصص الأعمى، ولكن الاهتمام بالقضايا الكبرى لا يعني تجاهل النتائج المكتسبة في ميادين خاصة : وهذا يعني، على العكس من ذلك، أخذ هذه النتائج بعين الاعتبار وتأويلها ( عندما يتم الحصول عليها خارج ميدان النشاط الفلسفي )، إن لم نقل إثارتها عندما تغامر الفلسفة في حقل لم تصل فيه التخصصات الدقيقة إلى نتائج يمكن الاستفادة منها.

وتلك مسألة تعرفها الفلسفة جيدا : فمن المستحيل حاليا تأسيس فلسفة للغة دون الأخذ بعين الاعتبار كل ما أنتجته اللسانيات في القرنين الماضيين؛ ومن جهة ثانية، سيكون من المفيد جدا بناء سميائيات من أجل تمديد الإشكالية اللسانية إلى إشكالية الدلالة ( كما تتجلى في جميع المستويات بما في ذلك المستوى غير اللفظي).

إلى هذا الحد لا يمكن التساؤل : هل السميائيات هي فقط الشكل التقني الذي تتخذه فلسفة الدلالة ؟ ( التي تقوم بتفكيك الفلسفات العامة للغة ) أم يتعلق الأمر بتقنية للبحث تتبناها فلسفة اللغة من أجل الحديث عن العلامات؟

ومع ذلك هناك أمران لا يمكن إنكارهما :

أ- إن الإنجازات الأكثر أهمية في ميدان اللسانيات كانت - شأنها شأن إنجازات الفيزياء وعلم النفس - ثمرة مجهود التقنيين في التخصصين معا، لا من إنجاز الفلاسفة وحدهم. ( إنشتين وهيزنبارغ في الفيزياء، وسوسير وهالمسليف في اللسانيات).

ب- تعد السميائيات حاليا تقنية في البحث نجحت في وصف اشتغال سيرورة الإبلاغ والدلالة.

وما دام الأمر كذلك، فإننا سنتصرف، في جزء هام من هذا الكتاب، بطريقة لا تذكر بالخطاب الفلسفي الأكاديمي، لأننا نعتقد أنه من الأجدى لنا الحديث عن العلامة بلغة فلسفية. سنحاول أن نقدم وصفا تقنيا لظاهرة السميوز، سنحلل اشتغالها الملموس، وسنجازف بتقديم تعاريف جزئية. وبدون هذه الطريقة لايمكن تأسيس فلسفة للعلامة. وإذا حدث وتأسست هذه الفلسفة فإنها ستكون فلسفة رديئة. وبالمقابل، وبفضل هذه الفلسفة سنقوم بما قامت به فلسفة العلامة. فعلى هذه الفلسفة أن تأخذ بعين الاعتبار حالات مثل تلك التي يكشف عنها موريس : " السؤال الخاص بمعرفة هل بنية اللغة وبنية الطبيعة لا يمكن مناقشتهما بشكل صحيح إلا إذا تم توضيح لفظي " بنية اللغة" و" بنية الطبيعة" ؟ (موريس 1938 – 22).

وتبعا لذك فإن فلسفة العلامة يجب أن تنظر إلى أساليب تحليلها باعتبارها قادرة على تمكين كل خطاب فلسفي من مراقبة حدوده الخاصة : " تعدنا السميائيات بإنجاز إحدى المهام التي نظر إليها عادة باعتبارها من طبيعة فلسفية، ولقد أخطأت الفلسفة عندما خلطت في لغتها الخاصة بين مختلف الوظائف التي تقوم بها العلامات. ولكن الأمر يتعلق بتقليد قديم يريد من الفلسفة أن تدرس بعمق الأشكال المميزة للنشاط الإنساني وتناضل من أجل معرفة عامة وممنهجة. وهذا التقليد يتخذ شكلا عصريا في تماهي الفلسفة بنظرية للعلامات وتوحيد العلم، أي المظهر الأكثر عمومية والأكثر نسقية لسميائيات خالصة ووصفية " ( موريس 1938 ، 58 – 59).

قدمنا في الفصل الأول تعريفا تقريبيا للعلامة، إنه تعربف نسبي ومؤقت، لأنه " تعريف متوسط"، وإن جاز التعبير، فإنه تعريف يأخذ في الاعتبار مختلف التعريفات السابقة عليه. وهذا التعريف كاف من أجل تناول الفصل الثاني، حيث حاولنا أن نقدم وصفا لمجمل التصنيفات الخاصة بالعلامة قديما وحديثا. إن هذين الفصلين من طبيعة متسامحة، فهما لا يدعيان تأسيس أفق نظري موحد، بل يقدمان فقط بانوراما للآراء.

أما الفصل الثالث فهو أكثر انسجاما، على الرغم من أنه يقدم بانوراما لمختلف النظريات. إنه يدرس البنية الداخلية للعلامة بدءا من المقاربة البنيوية  في اللسانيات. ولقد بدا لنا من المفيد أن نخصص فصلا كاملا لهذه المقاربة لسببين على الأقل : أولا لأن هذا التيار هو الذي مارس في هذا القرن تأثيرا حاسما على تطور السميائيات. وثانيا لأن هذا التحليل، على الرغم من أننا لا نستطيع تطبيقه بشكل جاهز على الأنساق الأخرى للعلامات، فإنه يقدم لنا توجيهات ثمينة وأساسا نظريا من أجل التفكير في العلامات غير اللسانية.

ولهذا فإن الفصل الرابع الذي يصف مجمل أنماط الإنتاج وتأويل العلامات، سيتجاوز النموذج اللساني الذي ناقشناه في الفصل الثالث. ولكنه يؤدي ذلك باستعمال مفاهيم مصدرها هذا النموذج. وهذا الفصل هو أقل تسامحا من الفصول الثلاثة السابقة : فهو يقدم مقاربة نظرية واحدة ووحيدة.

أما الفصل الخامس فخصصناه للقضايا الفلسفية للعلامة. إنه الفصل الأكثر تعقيدا. ولكنه لا يريد لنفسه أن يكون - ولن يكون- تاريخا لفلسفة العلامة. إنه يتناول قضية أخرى. وربما سيبدو متسامحا كالفصول الثلاثة الأولى، ولكن ليس عبثا أن ينتهي مع فلسفة بورس، فإذا كنت قد تركت الكلمة الأخيرة لهذا السميائي فلأنني أنوي أن أقترح على القارئ رأيا يتخذ شكل خاتمة.

وقبل أن أختم علي أن أقدم بعض الملاحظات. إن هذا الكتاب يعالج مفهوم العلامة. والسميائيات تقدم نفسها في أغلب الأحيان على أساس أنها العلم الذي يدرس العلامات : ولكن هذه العلامات هي المادة الأساس التي تستعملها كل الكائنات من أجل التواصل مع كائنات أخرى استنادا إلى السيرورة التي يؤسسها نسق إبلاغي يطلق عليه بورس السميوز. فلا يمكن أبدا أن يكون هناك تواصل استنادا إلى علامات معزولة، وحتى في الحالة التي نستعمل فيها علامة معزولة- كلمة، إشارة طرقية، إيماءة يدوية - فإننا نستند إلى سياق ( يمكن أن أقول /بيفتيك/، ولكنني إذا نطقت هذه الكلمة في مطعم، فهذا يعني/ إعطني بيفتبك/). إن العلامات تنتظم داخل أكوان السميوز في ملفوظات وإثباتات وأوامر وتساؤلات. وتنتظم الملفوظات في نصوص، أي ضمن خطاب. ويمكن القول حينها لا وجود لسميائيات للعلامة دون سميائيات للخطاب. إن نظرية للعلامة كوحدة معزولة ستكون عاجزة عن شرح الاستعمال الجمالي للعلامات، ولهذا فإن تأسيس سميائيات للفن هو تأسيس  بالضرورة لسميائيات للخطاب والنص. (......)

ولهذا يجب أن تكون الأمور واضحة، فالسميائيات هي التخصص الذي يدرس حياة السميوز. فعند حديثنا عن السيد سيغما، قمنا بوصف السيرورة المحسوسة للسيموز. إن سيغما والطبيب وكل الممثلين في حكايتنا الصغيرة يمارسون السيميوز تماما كما كان السيد جوردان يمارس النثر دون أن يعرف ذلك. وبطبيعة الحال، إنهم لا يمارسون السيميوز كما سنفعل - نحن العارفين بخباياها- على امتداد صفحات هذا الكتاب، إنهم لا يقدمون تأملا نقديا لطبيعة العلامة، وهي المحرك الأساس للسيميوز.

                

*- النص الذي نقدم ترجمته إلى العربية هو مقدمة كتاب أمبيرتو إيكو : Le signe, ed Labor, 1984)

 

 

 

 

 

 
 
 
معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقـة تعريـف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003