من أجل إعطاء تحديد دقيق لمفهوم الشخصية في النص السردي كما وردت
عند يوري لوتمان (1) علينا أن نستحضر مجموعة من القضايا النظرية
الخاصة بعملية تشكل النص السردي ككل، ومثوله أمامنا كعلامة مكتفية
بذاتها.
فبما أن الشخصية لا تشكل داخل النص السردي سوى عنصر من العناصر التي
يعج بها الكون النصي، فإن إدراكها لا يمكن أن يتم بشكل منعزل عن باقي
العناصر الأخرى. وبناء
عليه، فإننا سنحاول أن نتتبع خطوات لوتمان في تصوره لمفهوم الحدث
وتمييزه بين نوعين من النصوص : - نصوص ذات مبنى( textes à sujet)
- نصوص بلا مبنى (textes sans sujet ).
وسنوضح بعد ذلك كيفية الانتقال من
النص الأول إلى النص الثاني، ونوعية العلاقة الرابطة بين نص ذي مبنى
ونص فاقد للمبنى. لكي نصل في النهاية إلى تحديد تصور لوتمان للشخصية
ونمط بنائها ومجموع العلاقات التي تجمع الشخصيات فيما بينها، وعلاقة
هذه الشخصيات بمجموع العناصر المكونة للنص السردي .
1 - مفهوم الحدث :
إن النص في حد ذاته حدث، والحدث هو
وقوع شرخ داخل المتصل الزمني والمتصل الفضائي. فإنتاج نص ما هو في
واقع الأمر تكسير للمتصل من أجل تسريب اللامتصل. ولقد ألح بورس
(Peirce) كثيرا ( تصوره الخاص لإنتاج العلامة )، على أننا داخل
المتصل لا يمكن أن ننتج علامة ( المتصل بياض لا يوجد إلا في ذاته،
تماما مثلما كانت الأولانية مقولة اللامحدد واللامميز واللازمني).
ومن أجل فعل ذلك علينا أن نقوم بتكسير المتصل. ذلك أن العلامة هي
سؤال من الضروري أن نجيب عنه، وحاجز يجب أن نتجاوزه. (2)
وكما أن العلامة لا تولد إلا من
خلال إحداث شرخ داخل المعطى الطبيعي والاجتماعي، فإن النص السردي لا
يمكن أن يولد إلا من خلال تحويل "العادي" و"الطبيعي" عن مساره إلى ما
يشكل انزياحا عن المعيار. "فالمتصل الفضائي للنص، الذي يعاد داخله
إنتاج عالم الموضوعات، يمثل أمامنا على شكل خطاطة، وهذه الخطاطة
تمتلك نوعا من الوجود الموضوعي، وذلك في حدود أن الفضاء يمثل أمام
الإنسان على شكل موضوعات تقوم بملئه. " (3)
وبما أن الخطاطة هي رسم للحدود
العامة للنص من الناحية الفضائية والزمانية والدلالية، "فإن بنية هذه
الخطاطة، باعتبارها مبدأ لتنظيم وإعداد الشخصيات داخل المتصل الفني،
تتخذ شكل لغة تستخدم للتعبير عن علاقات أخرى ليست فضائية داخل النص "
(4). والفضاء الفني هو مجموع العناصر المكونة للنص، وكذا مجموع
العلاقات التي تنسجها هذه العناصر فيما بينها. وهذا المفهوم مرتبط
أشد الارتباط بمفهوم المبنى. (5)
وعلى هذا الأساس، فإن هذا المبنى،
باعتباره عملية تنظيم وتأليف لسلسلة من العناصر داخل عالم مغلق (
عالم يملك تنظيما وبنية وغاية ) لا يمكن أن يتأسس كذلك إلا في حدود
ارتباطه بالحدث، "فالحدث" يوجد في أساس مفهوم المبنى. (6) إنه من هذه
الزاوية ليس مسؤولا عن ظهور القصة ( fableفي مفهوم الشكلانيين الروس)
فحسب، ما دام ميلاد قصة ما محكوما بحدوث شيء ما " جدير بأن يروى "،
بل يوجد أيضا في أساس تنظيم عناصر هذه القصة وتأليفها تأليفا خاصا :
أي النظر إليها كمبنى. ذلك أن " الحدث هو الوحدة الصغرى التي لا يمكن
فصلها عن المبنى."(7)
ولإن كان فسلوفسكي ( Vessélovski )
(8) يرى في الحدث، باعتباره أصغر وحدة داخل المبنى، ما يشبه الموتيف
(motif)، (والموتيف وحدة معنوية صغرى تشكل، في تآلفها مع وحدات أخرى،
ثيمة )، فإن لوتمان نظر إلى الحدث من زاوية علاقته بتبلور الشخصية
باعتبارها سلوكا، وباعتبارها فعلا يمارس داخل النص السردي الذي سيتم
إدماجه لاحقا داخل نص الثقافة. فنص الثقافة في نظر لوتمان هو الذي
يجعل من " هذا الذي وقع" حدثا أو لا يمكن اعتباره كذلك، أي لا يشكل
أي تأثير على الكون الإنساني من خلال امتداداته المتعددة. ولعل هذا
ما دفع لوتمان إلى وضع السؤال التالـي : "ماذا يمثل الحدث، باعتباره
وحدة، داخل سيرورة تكون المبنى" ؟(9). إن الجواب عن هذا السؤال
يستدعي، حسب لوتمان، استحضار عنصرين أساسيين :
- البعد الدلالي أولا. فالنص يتحدد من خلال الكون الدلالي الذي
يؤطره.
- وعالم الشخصية ثانيا. فلا يمكن أن نشيد كونا دلاليا داخل نص
سردي في غياب السند الذي يقوم عليه هذا الكون، وهذا السند هو الشخصية
(سواء كانت جنا أو إنسانا أو موضوعا من موضوعات العالم) .
وبناء عليه، يلاحظ لوتمان أن
"الحدث داخل النص هو تنقل الشخصية عبر حدود الحقل الدلالي". (10)
فالحدث يوجد عندما يتضافر عنصران : الشخصية من جهة والحقل الدلالي من
جهة ثانية. فالفعل الصادر عن الشخصية يعد حدثا في حدود أنه يقوم
بتحطيم حاجز ما، أويقوم بخرق قانون ما، أو يقوم بالخروج عن مألوف ما.
إلا أن هذا الحدث نفسه لا يدرك كـ
"حدث" أو " لاحدث "، إلا عندما يوضع داخل إطار ثقافة تحدد وضعه
وسمكه، " فلا يمكن اعتبار وصف واقعة ما أو فعل ما في علاقتهما بمرجع
واقعي أو نسق دلالي للسان ما كـ"حدث" أو "لاحدث"، قبل أن نحل مشكلة
موقع هذا الوصف داخل الحقل الدلالي الثانوي المحدد من خلال ثقافة مـا
". (11) وهذا ما تؤكده عملية بناء النص ذاتها.
فالنص يستجيب - في خطاطته العامة
على الأقل - لما يطرحه أفق انتظار القارىء الذي يعيش ضمن نفس الشروط
الثقافية التي أنتج ضمنها النص السردي، وهذا يقتضي الأخذ بعين
الاعتبار كل العوالم التي يتحرك داخلها متلقي النص أو القارئ. ويأتي
على رأس هذه العوالم ما يتعلق بنمط البناء ذاته. " ذلك أن المبنى
مرتبط ارتباطا عضويا بصورة للعالم تحدد سلم ما يمكن اعتباره حدثا،
وما لا يمكن اعتباره كذلك، أي ما يمكن اعتباره مجرد عنصر عرضي لا
يقوم بإبلاغ أي شيء . " (12)
وإذا كان وجود الحدث مرتبطا، كما
سبق أن رأينا، بوجود نص للثقافة يحدد لهذا الحدث وضعه ضمن النص
الخاص، فإن هذه القاعدة يمكن تحجيمها وتقليص امتداداتها. ولن ننظر
بعد ذلك إلى إلى الحدث من خلال موقعه ضمن النص الإطار، بل سننظر إليه
ضمن موقعه داخل النص المتحقق كمـا هو معطى من خلال التجلي اللغوي.
فمن خلال موقعه داخل هذا المستوى أو ذاك يشتغل "هذا الذي وقع " إما
كحدث وإما كشيء "عادي" . فبما أن هناك، بالإضافة إلى الوصفة الدلالية
العامة للنص، وصفات أخرى محلية تمتلك كل واحدة منها حدودها
المفهومية، فإن الحدث يمكن أن يتحقق كتراتبية لأحداث ذات مستويات
خاصة، باعتباره سلسلة من الأحداث، أي باعتباره مبنى" . (13)
وبهذا المعنى، فما يمثل، على
مستوى نص الثقافة، حدثا يمكن أن يتطور في هذا النص أو ذاك باعتباره
مبنى. (14) فالتعامل مع واقعة ما باعتباره حدثا مسألة نسبية، واعتبار
هذه الجزئية أو تلك من الحياة اليومية حدثا أو ليست حدثا، مسألة
يحكمها مبدأ التراتبية الذي أشرنـا إليه قبل قليل.
ويوضح لوتمان هذه المسألة من خلال
المثال التالي، لنتصور أن زوجين اختلفا حول تقويم الفن التجريدي،
ورفعا أمر هذا الخلاف إلى الشرطة لتحرير محضر في هذا الشأن. فالشرطي،
بعد معاينته للواقعة، وبعد تأكده من أن ليس هناك خرق للقانون ولا أثر
لجريمة، سيرفض تحرير هذا المحضر. أي سيرفض اعتبار ما وقع حدثا. وعلى
العكس من ذلك، فإن عالم النفس، أو عالم الأخلاق أو مؤرخ الآداب
سيتصرف كل واحد من هؤلاء أمام ما وقع باعتباره حدثا. (15)
وبالنسبة للوتمان، فإن هذه القضية
ليست محصورة في النصوص الفنية، بل تتجاوزها إلى كل ما يشكل خروجا عما
ينظر إليه عادة كشيء عادي وطبيعي. وهكذا فإن الوقائع العادية ( faits
divers) تدخل هي الأخرى ضمن ما يشكل حدثا لأنها تعد دائما خروجا عن
المعيار. وبناء عليه يعرف لوتمان الحدث بقوله "إن الحدث هو دائمـا
خرق لمحظور ما. إنه واقعة حدثت ولم يكن من الضروري أن تحدث. فبالنسبة
لشخص يتأمل مقولات القانون الجنائي، فإن الفعل الإجرامي سيشكل حدثا،
وسيكون اجتياز الطريق بشكل فوضوي حدثا في نظر قانون السير."(16)
ويمكن أن نتناول هذا المفهوم -
استنادا إلى تصور لوتمان - من زاويتين مختلفتين ومتكاملتين في الآن
نفسه :
- الزاوية الأولى تعود إلى مفهوم "السردية" كما تحضر في تصور
گريماص، أي كل الخصائص التي تجعل من نص ما يشتغل كنص سردي . (17)
- الزاوية الثانية تعود إلى مقولة الإمكانات السردية، أي كيف
نستطيع، في انطلاقنـا من وضعية بدئية، تصور ( توقع ) سلسلة من
التطورات الممكنة.
ففيما يعود إلى الزاوية الأولى، فإن
التعريف الذي يعطيه گريماص للسردية يتطابق في أكثر من جانب مع مفهوم
الحدث (كوحدة صغرى داخل المبنى) كما ورد عند لوتمان. فالسردية عند
گريماص >هي اقتحام اللامتصل لطولية الخطاب في حياة ما، أو ثقافية ما،
أو قصة ما، أو شخص ما<. (18) فالانتقال من المتصل إلى اللامتصل داخل
طولية الخطاب يتم عبـر الاقتحام (الخرق ، و Irruption في اللغة
الفرنسية تعني الدخول المفاجىء بلا إذن). والاقتحام ليس شيئا آخـر
سوى "وقوع شيء ما جدير بأن يروى " .
إننا في هذه الحالة نقوم باقتطاع
جزئية من حياة ما ونطرحها داخل إطار يحددها كحدث غير مألوف. والقصة
في مفهومها العام ليست شيئا هذا الاقتحام. فالذي يندرج ضمن المألوف
ولا يحدث قطيعة معه يدخل ضمن الممارسة العادية للحياة ولا يشكل قصة.
أما فيما يتعلق بالزاوية الثانية،
فإن مقولة الإمكانات السردية مرتبطة أشـد الارتباط بمفهوم الحدث من
حيث إن انتقاء إمكانية سردية من ضمن إمكانات أخرى يرتكز على مفهوم
الحدث هـذا. ذلك أن عملية الانتقال في حد ذاتها تعد إجراء يكمن في
جعل"شيء ما وقع" يشتغل كحدث، وفي نفس الوقت إلغاء هذه الصفة عن واقعة
أخرى. وبناء عليه إذا كانت ترسيمة الخيط السردي تتخذ الشكل التالي :
إمكــــــــانــــــــات
تقليص
إمكــــــــانــــــــات
تقليص
إمكــــــــانــــــــات
تقليص
فإن كل انتقال من حلقة سردية إلى أخرى يقتضي تقليص الوقائع
القابلة للاشتغال كحدث، والسير بالخيط السردي إلى نهايته المنطقية
وهو ما يتطابق مع "التشبع" الذي يؤدي بالنص إلى الامتلاء الدلالي
والتركيبي.
ولكن الحدث ىُبنى أيضا، فالسياق
الداخلي للنص، أي المرجعية المباشرة التي يشيدها النص من خلال بنائه
الخاص يمنح هذا العنصر أو ذاك وضع حدث. وبناء عليه فإن الانتقال
المشار إليه أعلاه مرتبط أشد الارتباط بالخيار الإيديولوجي للسارد.
فالتركيز على هذا العنصر دون ذاك واعتباره حدثا معناه تثمين لزاوية
نظر معينة على حساب زاوية نظر أخرى.
2 - نصوص ذات مبنى ونصوص بلا مبنى :
إن هذا التصور الخاص للحدث
باعتباره العنصر الرئيس في تشكل النصوص واشتغالها كذلك، سيدفع لوتمان
إلى إقامة تمييز بين نوعين من النصوص : نصوص ذات مبنى ونصوص بلا
مبنى. ولكل نص من هذه النصوص خصائصه ونمط اشتغاله.
وبناء عليه، إذا كان الحدث يشتغل
كنقيض للمتصل، لأن هذا الحدث هو نتاج دخول اللامتصل، مع ما يعنيه هذا
الدخول من إحداث شروخ داخل بنية المتصل، فإنه يعد وحدة رئيسة داخل
المبنى. بل يمكن القول إنه لا يمكن الحديث عن مبنى (أي عن تنظيم
وترتيب وتأليف، وإعداد للزمن وإعداد للفضاء) دون الحديث عن حدث يبرر
وجود المبنى. ومن هنا، فإن غياب الحدث يتطابق مع نصوص بدون مبنى (مع
المتصل لا يمكن أن ننتج دلالة)، في حين أن وجود الحدث هو الذي يسمح
بالحديث عن نصوص ذات مبنى.
وتتميز النصوص الفاقدة للمبنى في
تصور لوتمان بثلاث خصائص على الأقل :
1 - الخاصية الأولى يحددها لوتمان في الثبات. فهذا النوع من
النصوص يتميز برسمه لحدود عالم مشيد بطريقة ثابتة وكونية. وتبعا
لذلك، فهذه النصوص تمتلك "طابعا تصنيفيا، فهي تقوم بإثبات عالم، كما
تقوم بإثبات نمط تنظيمه "(19) ويقدم كمثال على ذلك "دليل الهاتف"،
فهذا النص له عالمه الخاص، وتتحدد لغته - من خلال النصوص - كعنصر
كوني. فلائحة الأسمـاء المثبتة في النص تقوم بوظيفة جرد للكون. وما
عدا هذا العنصر لا نعثر على أي شيء آخر، فنحن لا نعثر داخل هذه
النصوص على وجهة نظر ولا على تصور خاص. (20)
2 - أما الخاصية الثانية التي تميز هذه النصوص فيحددها لوتمان في
طبيعة الوضع الداخلي لهذا العالم (نمط وجوده ونمط اشتغاله). فهذه
النصوص تتميز بكونها "تلح على ترتيب خاص للتنظيم الداخلي لهذا العالم
" (21) فالنص معطى بطريقة معينة، ووفق نظام معين لدرجة أن أي إخلال
بهذا النظام سيؤدي حتما إلى ضرب القواعد المؤسسة لهذا النوع من
النصوص. فإذا عدنـا إلى دليل الهاتف، فإن أي إخلال بالقانون الذي
يحكم تسلسل الأسمـاء سيؤدي حتما إلى سقوط الدليل ككل. (22)
3 - أما الخاصية الثالثة فتتعلق بطبيعة الحدود الراسمة لعالم هذه
النصوص. فهذه النصوص تمثل عالما مغلقا مكتفيا بذاته أي محددة بما
يشبه القالب الكوني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حدود هذا العالم تتميز
بالثبات. (23)
وهذه الخاصية الثالثة هي التي يجب
اعتمادهـا في تصورنا لعالم النصوص المالكة للمبنى. فعلى أساسها ستبنى
هذه النصوص الأخيرة كتفجير لهذه الحدود وتحققها داخـل عالم خاص يمنح
عناصر تكونه من العالم المغلق : عالم النصوص الفاقدة للمبنى.
ولبيان ثبات هذه الحدود، يعود
لوتمان هذه المرة إلى النصوص الفنية ليلاحظ أنها مبنية على أساس وجود
مبدإ للتقابل الدلالي الثنائي. إنها تحتوي - بلغة گريماص - على
مضامين تتقابل فيما بينها ويلغي بعضها البعض الآخر. فمن السهل جدا،
كما يؤكد ذلك لوتمـان ملاحظة، أن هذا العالم يتوزع على سلسلة من
الثنائيات، وكل حد داخل الثنائية يشتغل وفق علاقة خاصة مع الحد
الآخر.
وهكذا نعثر على ثنائية من نوع :
فقير (م) غني
جهل (م) معرفة
ويتحقق هذا العالم من خلال حصوله على سمة فضائية تستوعب التقابل
السابق ضمن ثنائية جديدة. فعالم الفقراء يتحقق فضائيا داخل النص على
شكل" أكواخ" "دور صفيح"، و"أحياء شعبية"، في حين يتحقق عالم الأغنياء
كـ "شارع رئيسي" و "قصر" و "شرفة". (24) ويمكن أن ننظر إلى ثنائية
"جهل" (م) "معرفة" بنفس المنظار، ونبحث لها عن أنماط للتحقق ضمن
عنصري الفضاء والزمان وإرغاماتهما. ومن هنـا يمكن التأكيد أن
"القاعدة التي تقوم عليها النصوص ذات المبنى هي النصوص الفاقدة
للمبنى، باعتبارالأولى نفيا للثانية. (25)
ويمكن، في ضوء هذه الثنائيات
الدلالية وإرغماتها الفضائية والزمانية، تصور نوعين من الشخصيات :
شخصيات متحركة وشخصيات ثابتة:
- الأولى تؤكد عالم النصوص الفاقدة للمبنى كما تؤكد ثبات حدوده.
- والثانية تخترق هذه الحدود، وبعبارة أخرى تقوم بتفجير العنصر
الساكن وتحوله إلى عناصر مرئية.
ومن مميزات الشخصيات الأولى أنها
خاضعة لبنية النوع الأساسي الفاقد للمبنى. إنها تنتمي إلى التصنيف،
وتؤكد، من خلال حضورها، هذا التصنيف ويُحظر عليها اجتياز الحدود."
(26) في حين، تبدو الشخصيات الثانية من خلال ديناميتها، باعتبارها
اختراقا للمحظور وتفجيرا للبنية الساكنة، كما تعد نقيضا للشخصيات
الثابتة " فهي شخصيات تمتلك الحق في اجتياز الحدود . "(27)
ويبدو أن ما يحدد الفصل بين هذين
النوعين من الشخصيات هو انتماؤهما إلى عالمين متقابلين، ولا قدرة لنا
على عقد مصالحة بينهما. إنهما نتاج توزيع طبيعي لا يمكن التصرف فيه
لا بالنفي ولا بالإثبات. (28) وكما يؤكد ذلك لوتمان "يستحيل على
الأحياء زيارة الأموات ويستحيل على الأموات زيارة الأحياء." (29)
وهذا التقسيم الصارم لعالمين يمكن
إسقاطه على بنية أخرى، بنية لا تتحدد من خلال التقابل "أحياء (م)
أموات " أو "أرض (م) سماء" ، داخل حقبة تاريخية ما. وهكذا فما يمثل
على مستوى البنية الفاقدة للمبنى كثنائية صارمة، يتخذ على مستوى
البنية المالكة للمبنى شكل خرق لهذه الحدود وتشكيلا جديدا لها. "
فحركة المبنى، أي الحدث، تكمن في اختراق هذه الحدود المحظورة التي
تؤكدها البنية الفاقدة للمبنى ". (30) فكل شيء مع هذا الخرق يتحول
إلى حركة : تشكيل جديد للفضاء وتشكيل جديد للزمان وتخصيص لحركة البطل
: "روميو وجولييت يخترقان الحدود الفاصلة بين المنازل " العدوة" ،
البطل الذي يقطع صلته بأبيه ليصبح قديسا، أو البطل الذي يقطع صلته
بوسطه الاجتماعي ليلتحق بالشعب، بالثورة . "(31)
إن هذه الدينامية في حركة
الشخصيات، وفي حركة الفضاء والزمان هي نتاج تفجير الثنائيات الدلالية
المشار إليها سابقا، إنها تتخذ أبعادا مشخصة من خلال الفعل الصادر عن
الشخصية، أي تخترق الحدود المسيجة للحقل الدلالي على حد تعبير
لوتمان. فإذا كانت العلاقات داخل البنية الدلالية تتميز بالسكون، فإن
عملية تشخيص هذه البنية ( إعطاؤها بعدا تصويريا ) تقتضي تحريك
العلاقة وتحويلها إلى عمليات.
وهكذا تبدو العلاقة واضحة بين
الثنائيات الدلالية وبين حركة الشخصيات داخل الفضاء. فتجسيد هذه
الثنائيات الدلالية وإعطاؤهـا بعدا تصويريا يمر عبر خلق أفعال تسند
إلى كائنات تتحرك داخل فضاء جديد " مادامت حركة البطل داخل الفضاء
المخصص له لا تشكل حدثا" (32). وبناء عليه، فإن النسق الفاقد للمبنى
نسق أول وقابل للتجسيد داخل نص مستقل، في حين يعد النسق المالك
للمبنى نسقا ثانويا ويمثل دائمـا شريحة تضاف إلى البنية الأساسية
التي لا مبنى لها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة بين الشريحتين بين
النسقين] هي علاقة صدامية، وهذا بالضبط ما يشكل مضمون المبنى.
واستحالة هذا المضمون يضمنه اللامبنى. إن المبنى "عنصر ثوري" في
علاقته" بصورة العالم. " (33)
يستفاد من هذه الفقرة أن الانتقال
من النسق الأول إلى النسق الثاني، ليس انتقالا سكونيا يكتفي فقط
بتحويل ما هو مكثف داخل البنية الأولى، إلى ما هو مفصل داخل البنية
الثانية (من صورة كونية تضم داخلها سلسلة من الثنائيات على شكل قيم
عامة، إلى أشكال تحققاتها الخاصة)، إنه على العكس من ذلك انتقال
ديناميكي (صدامي على حد تعبير لوتمان). فالمضمون الأول يغتني من خلال
التحققات الخاصة. فكل تحقق (خلق نص خاص) يضيف بهذا الشكل أو ذاك،
قيمة جديدة أو معدلة إلى المضمون الأول. فصورة الشر، كحد داخل مقولة
معنمية تامة :
خير (م) شر
تغتني بفعل إدراج الوضعيات الإنسانية المتنوعة، كأشكال ثقافية
تتضافر فيها عناصر شتى : خرافية ودينية وأسطورية وإيديولوجية وسياسية
...
إن هذه الملاحظة تتعلق فقط
بالعلاقة الرابطة بين المضامين العامة وبين المضامين الخاصة. إلا
أننا يمكن أن ننظر إلى هذه العلاقة من زاوية أخرى. أي من زاوية بناء
النص تركيبيا. حينها سيتخذ الأمر وجهة أخرى. فانطلاقا من النسق الأول
يمكن أن نطور هذه المضامين في اتجاهين متقابلين، رغم أنهما يعودان
إلى نفس البنية المضمونية المدرجة في النصوص الفاقدة للمبنى. "فإذا
نظرنـا إلى المبنى بوصفه حدثا، أي كاجتياز للحدود الدلالية، اتضح لنا
آنذاك مدى التحولات التي يعرفها المبنى. فاجتياز حدود واحدة، وفي
نطاق نفس الحقل الدلالي، يحيلنا على إمكانية تطوير هذا الاجتياز ضمن
سلسلتين صغيرتين في اتجاهين متقابلين. وهكذا فإن صورة العالم التي
توجد في أساس انقسامه إلى عالم الكائنات البشرية (أحياء) وإلى عالم
الكائنات غير البشرية ( الآلهة، الحيوانات، الأموات)، أو إلى "نحن" و
"هم" تفترض نوعين من المبنى ."(34)
إن هذا التحقق المزدوج للنسق
الأول هو ما يشير إليه گريماص - ضمن مشروع أكثر شمولية وأكثر عمقا -
عندما يناقش الترسيمة السردية المنضوية تحت لواء برنامج سردي ما.
فانطلاقا من نفس الوضعية الابتدائية بإمكاننا تطوير هذا البرنامج أو
ذاك. فإذا كان التحققق الخاص يحيلنا على ترسيمة عامة فاقدة لأي
استثمار دلالي، وتحتوي العناصر التالية :
نقص وعي بالنقص ، اكتساب أدوات
الفعل
دائرة التحول انجاز اتصال أو انفصال .
فإن هذه العناصر قد تكون تجسيدا
لبرنامج الاتصال كما قد تكون تجسيدا لبرنامج الانفصال. (35)
ويخلص لوتمان في ختام مناقشته
للمبنى إلى النتيجة التالية : هناك عنصران، أحدهما ثابت والآخر
متحول. ويحيل هذا التقابل على تقابل آخـر : التقابل بين اللغة (الحدث
الثابت) والأخبار التي تتضمنها هذه اللغة (المبنى). وكما أن الأخبار
تؤثر في الوعاء الذي يحتويها (اللغة) فإن المبنى، كنص وكبناء، يمكن
أن يشتغل، في علاقته بنصوص من مستويات دنيا - كلغة . (36)
3 - الشخصيات بين الحدث والمبنى :
إذا كان الحدث في تعريف لوتمان
تكسيرا لمتصل وخرقا لقانون ما أو انزياحا عن مألوف ما، وإذا كان وجود
هذا الحدث هو الذي يسمح لنا بالحديث عن مبنى وعن نصوص متحققة من خلال
تجلي خاص، فإن هذا الانزياح (خرق المتصل) يستدعي الأداة التي تقوم
بالتكسير. ذلك أن الثنائيات الدلالية - كما يتصورها لوتمان على الأقل
- تحتاج لكي تتجسد في وقائع محددة -إلى ذات الخطاب التي تقوم بزحزحة
الحدود المكونة للبنية الدلالية المجردة. فاجتياز الحدود الدلالية
يفترض عملية خرق. وعملية الخرق تفترض ذاتا تقوم بالخرق، والذات
تحتاج، لكي يستقيم وجودها، إلى نص يرسم حدود الكون الذي تتحرك داخله
بصفتها مجموعة من القيم المضمونية.
وهكذا، فإن الوضع الوجودي للشخصية
لا يتحدد لحظة تحقق النص كمجموعة من العناصر المشخصة، بل يتحدد لحظة
تصور بنية دلالية مجردة. وهذا الوضع يفترض مستويين للوجود :
- مستوى أول تتحدد داخله الشخصية باعتبارها سندا مجردا قابلا
لاستقبال استثمارات دلالية متنوعة.
- مستوى ثاني تظهر داخله الشخصية من خلال بعدها المؤنسن باعتبارها
عنصرا يقوم بالربط بين مجموعة من الثيمات.
وبناء عليه، فإن "القاعدة التي
يقوم عليها بناء النص تتكون من البنية الدلالية ومن الفعل. وهذا
الفعل يمثل دائما محاولة لتجاوز هذه البنية. "(37) والتجاوز بهذا
المعنى هو خلق علاقات صدامية ( من النفي إلى الإثبات أو من الإثبات
إلى النفي) بين حدي البنية الدلالية. والعلاقة الصدامية تعني تحويل
الحدود إلى وظائف ( أي إلى عمليات). ونتيجة لذلك يحدد لوتمان نوعين
من الوظائف المؤسسة للنص في بداية تشكله :
- الوظائف الأولى هي وظائف تصنيفية (ساكنة)
- أما الوظائف الثانية هي وظائف العامل (متحركة)(38).
ومن خلال التمييز بين هذين
العنصرين ( التمييز بين وظائف تصنيفية وأخرى مرتبطة بفعل العامل)،
يمكن، في تصورنا، التمييز بين مستويين في تشكل النص : مستوى خارج
سميائي ومستوى سميائي.
أ - المستوى الأول معطى من خلال
سيرورة سميائية سابقة (بورس يتحدث عن هذه السيرورة باعتبارها تجربة
ضمنية). إنها حصيلة فعل سابق تحول، بفعل عملية التسنين المصاحبة لكل
سلوك إنساني في أبعاده المتنوعة، إلى قالب ثابت يشتغل كمبدإ للتنظيم
والمراقبة، وهو ما يتطابق مع البنية الدلالية كما يحددها لوتمان.
ب - المستوى الثاني - المستوى
السميائي بحصر المعنى - هـــو التحقق الذي تخضع له هذه البنية.
وبما أن المستوى الأول ينعكس داخل
المستوى الثاني، فإن هذا الانعكاس هو الذي يغذي أشكال التحقق التي
تخضع لها البنية الدلالية في بعدها التصويري :
البنية الدلالية مستوى خارج
سميائي
الفعل مستوى سميائـي
التجلي النسق النصي
ورغم ذلك، فان هذين المستويين لا يقعان في نفس البعد. ذلك
أنه"بمجرد ما نطرح" "الفعل "، فإننا في واقع الأمر، نقوم بإسقاط
معادل مشخص لما يَمْثُل في المستوى السميائي كشكل عام ومجرد، ومن ثم
نقوم برسم خطوة أولى في اتجاه تحويل الثابت واللازمني إلى عنصر متحرك
وزمني وقابل للتجسد في بنية ملموسة.
ولتوضيح هذه الترسيمة يعطي لوتمان
مثالا عل ذلك الخريطة الجغرافية. فهذه الخريطة تشتغل كمثال نموذجي
لنص مصنف (نص فاقد للمبنى) (39). إن الخريطة تشتغل كمساحة فضائية غير
محددة المعالم، أو كبنية مغلقة مكتفية بذاتها (حدودها ثابتة بتعبير
لوتمان ) إنها تشتغل كدليل أو كمرشد لمعرفة أقطار العالم وبحاره
ومحيطاته فقط، تماما كما هي الثنائيات الدلالية التي تقف وظيفتها في
تنظيم سلسلة من القيم في قوالب ثابتة. ورغم ذلك، يكفي أن نرسم على
الخريطة سهما يشير مثلا إلى الخطوط البحرية المنتظمة. أوإلى الخطوط
الجوية، لكي يتحول النص إلى نص ذي مبنى : ُندخل فعلا يتجاوز البنية .
" (40)
فهذا السهم المرسوم على الخريطة
يقوم بتحريك هذه البنية، ويخلق داخلها اتجاهات وعلاقات، كما يحدد -
وهذا هو الأهم - نقطا استدلالية تخلق علاقة بين الخريطة والمشاهد،
تماما كما هو الشأن مع الحدود القيمية التي تصبح مألوفة عند المتلقى
عندما تتخذ شكل فعل من حيث كونها تتجسد داخل وضعية إنسانية محددة.
ويوضح لوتمان هذه الفكرة الأخيرة
بطريقته الخاصة "ففي تحديدنا لحركة ما تشير إلى باخرة حقيقية، سنحصل
على شيء يذكر بالعلاقات البادية في نص ذي مبنى. فالباخرة قد تنطلق
وقد لا تنطلق، قد تلتزم بالخط المرسوم على الخريطة وقد تحيد عنه ( من
الناحية البنيوية فإن نفس المسار يحيلنا على حالتين : قد يمثل تنفيذا
لمهمة معيارية أو لا يمثلها، وقد ينجز خارج إطار أي ارتباط مع فكرة
"واجب نمطي") . إن المسألتين مختلفتان جذريا : ففي الحالة الأولى
تتخذ أي خطوة إلى الأمام معنى تنفيذ أو عدم تنفيذ المعيار، وفي
الحالة الثانية لا وجود للمعنى إطلاقا". (41)
وبعبارة أخرى فإن الخط المرسوم
على الخريطة لا يشكل فعلا حقيقيا. إنه يشير إلى حالة الإمكان لا أقل
ولا أكثـر. فتحديد حركة الباخرة، وتحديد سبيلها لا يعني أن الباخرة
ستنطلق فعلا (انطلاقها يشكل فعلا حالة تحيين). وكذلك الأمربالنسبة
لقيمة مضمونيـة كـ "الاستبداد" . فتحويل صفة الاستبداد إلى دور ثيمي
لا يضعنا أمام تحقق فعلي للاستبداد، بل يشير فقط إلى إمكانية للفعل.
فنحن لا زلنا في هذه المرحلة داخل حدود فضائية عامة. ولكي نحصل على
تحول حقيقي داخل هذه البنية (الخريطة في المثال السابق ) يجب أن ندخل
عناصر أخرى ضرورية لعملية التشخيص. " فبمجرد ما نرسـم على الخريطة
سبيل الباخرة، سيكون بالإمكان طرح مسألة زمن التنقلات في علاقته بزمن
الملاحظ (هل هذا الانطلاق تم فعلا، أو هو قيد التفيذ، أم سيتم في
المستقبل ) وكذا درجة واقعية هذا الزمن " .(42)
ويتضح من خلال المثال السابق أن
لوتمان يحدد تشكل النص السردي من خلال تحويل ما هو ساكن إلى ما هو
متحرك، وهذا التحول ممكن فقط في حالة تضافـر عنصرين :
- دخول فعل يزحزح عناصـر البنية. فلكي تتخذ البنية الدلالية (
المستوى العميق ) وجهـا مشخصا يجب إدخال الفعل التركيبي الذي يحول
الصفات إلى أدوار ثيمية.
- إدخال عنصر الزمن، فلكي تتشخص هذه البنية لا بد من صبهـا داخل
وعاء الزمن، ولحظتها سنتوقف عن التفكير في الحياة من خلال حدود
قيمية، لكي ننظـر إليها من خلال حدود زمنية :
بنية دلالية
فعل
زمـن
تشخيص
وكما سنرى لاحقا بتفصيل، فإن هذا التصور لا يختلف كثيرا عن تصور
گريماص للسردية. فالعلاقات عنده تتحول إلى عمليات، ويتحول اللازمني
إلى زمن عبـر دخول الفعل المرتبط باستحضار ذات الخطاب.
وبناء على ما سبق "يمكن للخريطة
أن تشتغل كنموذج لنص ذي مبنى، ويحتوي هذا النص على عناصر ثلاثة :
1 - مستوى البنية الدلالية الفاقدة للمبنى.
2 - مستوى الفعل المدرج داخل نفس البنية الدلالية الفاقدة للمبنى.
3 - المستوى الملموس للعوامل ." (43)
وهذه المستويات مرتبطة فيما بينها
ارتباطا وثيقا، وتنسج فيما بينها علاقة تأثر وتأثير. "إضافة إلى ذلك،
فإن العلاقة المتبادلة بين هذه المستويات] تتغير وفق وجود التقابل
البنيوي الأساسي في هذا الموقع أو ذاك.
سنن - إرسالية
1 - 2 ، 3
1 ، 2 - 3 . (44)
فإذا كان المستوى الأول والمستوى
الثالث -حسب لوتمان - ينتميان إلى خانتين متمايزتين، فإن المستوى
الثاني يمكن أن ينظر إليه كعنصر داخل السنن، كما يمكن أن ينظر إليه
كعنصر داخل الإرسالية وذلك وفق نظرة الذي يقوم بالوصف .(45) وبعبارة
أخرى يمكن النظر إلى الفعل النمطي (المستوى الثاني ) من زاويتين :
- إما كعنصر داخل المستوى العميق.
- وإمـا كعنصر داخل المستوى السطحي.
وذلك وفق العلاقة التي ينسجها
الفعل مع العناصر المكونة للمستويين معا. فهو عنصر توسطي في سيرورة
إنتاج الدلالة داخـل المسار التوليدي.
ويحدد لوتمان في ضوء تصوره
للمستويات المشكلة للنص، العناصر الثابتة في كل نص ذي مبنى وهي ثلاثة
:
1 - حقل دلالي موزع على مجموعتين فرعيتين متكاملتين.
2 - حدود تفصل بين المجموعتين، وتعد هذه الحدود في الحالات
العادية حدودا مغلقة، ولكنها في الحالات الخاصة تكون مفتوحة في وجه
البطل / عامل ( النص ذو مبنى يتحدث دائمـا عن حالات خاصة).
3 - البطل عامل . (46)
يتضح مما سبق أن الشخصية عند
لوتمان مفهوم معطى مع البنية الدلالية المجردة. فلحظة التفكير في
الحياة من خلال حدود قيمية تمثل أمام الإنسان على شكل ثنائيات
تقابلية، تبرز الشخصيـة، عبر الفعل، كحد فاصل بين التجريد ( الكوني
والعام والمجرد )، وبين إمكانية إسقاط سلسلة من الوضعيات الإنسانية
التي تمثل في جميع الحالات حالة خاصة تتطلب معالجة خاصة. وبناء عليه،
لن يكون اسم العلم وجميع التسميات، وكذا كل الصفات التي تسند إلى هذه
الشخصية سوى تخصيص لحالة داخل تحقق خـاص.
إن السؤال المركزي الذي يفرض نفسه
في هذه الحالة، يتعلق بكيفية الانتقال من هذا المستوى إلى مستوى آخر
يعد امتدادا للأول في شكل وجودي مغاير؟. إذ لا يكفي أن نقول بأن النص
يحتوي في بداية تشكله على بنية دلالية وبنية للفعل وأداة تجسيد هذا
الفعل في سلوك محدد. ذلك أن تحريـك هذه البنية يقتضي تجاوز هذا
المستوى (مستوى البنية المجردة) وخلق مستوى آخـر قادر على استيعاب
المعطيات الموصوفة داخـل المستوى الأول ضمن سياق ثقافي يحدد للنص
خصوصيته.
يحدد لوتمان هذا الانتقال في
الفعل الذي يقود العالم إلى تجاوز حدود هذه البنية الدلالية كما
يرسمهـا النص الفاقد للمبنى". فالعامل في علاقته بحدود الحقل الدلالي
للمبنى (الحقل الدلالي ) يتدخل من أجـل تجاوز هذه الحدود. وتشكل هذه
الحدود في علاقتها بالعامل حاجـزا"(47). وهذا التجاوز ممكن فقط في
حالة خلق وضعية إنسانية معينة تفترض فضاء جديدا غير الفضاء الذي
يتحرك داخله البطل/ عامل". وهكذا فإن نقطة انطلاق المبنى تكمن في
تأسيس علاقة بين البطل والحقل الدلالي الذي يحيط به. وهذه العلاقة
قائمة على الاختلاف والحرية. فإذا كان البطل بطبيعته يتطابق مع محيطه
أو لا يمتلك القدرة على التخلص من هذا المحيط، فإن تطور المبنى سيكون
مستحيلا. (48) إن التطابق ( تطابق البطل مع المحيط) يعني غياب أي
حركة وأي فعل، أي البقاء في حدود المتصل دون تجاوزه. أما التجاوز
فإنه يشكل بداية الفعل وبداية استشراف آفاق تجاوزالنقص بالمفهوم
البروبي للكلمـة.
إن النقص، هو بمعنى من المعاني،
"إخلال بالنظام القائم"، وأي إخلال بالنظام معناه القذف بالذات خارج
الفضاء الذي تتحرك داخله. وبعبارة أخرى ننتقل - داخل البنية الدلالية
- من حد إلى حد ( من مضمون إلى مضمون ) عبر الفعل بهدف العودة من
جديد إلى نفس البنية. ( إخلال بالنظام - تحولات - إعادة النظام إلى
طبيعته الأولى). " فالعامل يدخل، وقد تجاوز الحدود، في حقل دلالي
مضاد للحقل الدلالي الابتدائي، ولكي تتوقف الحركة، على العامل أن
يذوب في الحقل الابتدائي، أن يتحول من شخصية متحركة إلى شخصية ساكنة.
وإذا لم يحدث هذا التطابق، فإن المبنى سيظل ناقصا والحركة ستستمـر
(49)" .
وبعبارة أخرى فإن حركة البطل (وهي
حركة تتم تجريديا داخل البنية الدلالية كانتقال من حد إلى حد ) هي
إسقاط مشخص لما يشكل وضعية مجردة داخل البنية الدلالية. ويتطابق هذا
الانتقال - كحركة داخل الفضاء - مع الانتقال من فضاء الـ " هنا " إلى
فضاء الـ "هناك" . وإذا كان الفضاء الأول يتطابق مع "المتصل" كغياب
مطلق للمعنى، فإن خلق "التوتر" بين الذات وفضائها ( صراع البطل مع
محيطه بلغة لوتمان) يفترض إسقاط فضاء جديد هو فضاء الفعل بامتياز.
"فبطل الحكايات العجيبة مثلا لا يشكل في الوضعية الابتدائية جزءا من
العالم الذي ينتمي إليه : إنه مطرود ومدان لأنه لم يظهر على طبيعته
الحقيقية، ثم يقوم بتجاوز الحدود الفاصلـة بين "هذا العالم" و "ذاك
العالم" . ( 50 )
ولنأخذ مثالا بسيطا يشرح عملية
التحول من المجرد إلى المحسوس، ومحاولة إعطاء معادل مشخص لمقولة
معنمية تامة :
فقر (م) غنى .
سنلاحظ أن انتقاء "الغنى" كوضعية
نهائية داخل بنية العناصر المحسوسة يتم عبر إسقاط "اللافقر" كحد
متناقض مع الفقر. ومعنى هذا أن الحركة داخل البنية الدلالية المجردة
تفترض أن الانتقال من الفقر إلى الغنى يتم عبر حد جديد هو اللافقر.
و"اللافقر" هذا هو الذي يوضح عملية إسقاط فضاء آخر غيرالفضاء الأول
(فضاء الفقر) وسنحصل على الترسيمة التالية :
فقر (فضاء الابتداء الـ "هنا")
اللافقر (فضاء الـ"هناك") فضاء الغنى (فضاء الـ"هنا")
وبما أن كل فضاء هو منتوج ثقافي
(سلسلة من العلاقات والصفات التي تصب داخل وعاء فضائي يشتغل كسند
لها)، فإن "الغنى" الجديد يتطابق فضائيا مع الوضعية الابتدائية
(الثورة على الفضاء الأول والعودة إليه من جديد)، لكن التحول من
الفقر إلى الغنى يتم خارج الفضاء الأول. > فعندما يعود البطل، وقد
تغيــر وجوده، سيصبح سيدا، وليس مجرد نقيض لهذا العالم. "وأي حركة
لاحقة ستكون مستحيلة. وهذا بالضبط ما يفسر كون المبنى يتوقف بمجرد ما
يتزوج العاشقون وينتصر الثائرون ويموت الفانون <. (51)
فهل هذه التحولات كافية للحديث عن
نص سردي كامل ملقى للاستهلاك ؟. لا يبدو ذلك، فلوتمان يتصور مستوى
ثالثا في المسار الذي يقود من أشد المستويات تجريدية ( البنية
الدلالية ) إلى أشد المستويات محسوسية ( التجلي المشخص للبنية
الدلالية أو المستوى السطحي بلغة گريماص). فكيف يتم الانتقال من
المستوى الثاني (مستوى العوامل) إلى المستوى الثالث (مستوى الشخصيات)
؟
لقد لاحظنـا أن لوتمان يطرح كقاعدة أساسية لبناء نص ذي مبنى
عنصرين أساسيين : البنية الدلالية والفعل الذي يقوم بتجاوز هذه
البنية. ويخضع هذان العنصران لعملية تشخيص أولى تختصر في طرح فاعل
يقوم بعملية التحريك لتتحول على إثر ذلك القيم المضمونية المجردة إلى
صفات ووظائف ضمن سياق ثقافي عام. فكيف يتصور لوتمان المرحلة الثالثة
؟
إن هذا التحول مرتبط أشد الارتباط عند لوتمان بالتمييز بين العامل
والشخصية. فالعامل هو منبع الفعل وأصله. إنه التجسيد المطلق للفعل.
في حين لا تشكل الشخصية سوى أداة بسيطة للتنفيذ. وبعبارة أخرى، يشكل
العامل الصورة المثلى للفعل، في حين تكون الشخصية وجها محققا من وجوه
هذا الفعل. " فالعوامل الحقيقيون هم الله والجن (الشيطان) والملائكة
والمستشارون الجيدون والسيئون. في حين لا تشكل الشخصيات التاريخية أو
الكائنات البشرية ( أبطال الخرافات ) سوى أدوات. ...] فالفكرة
القائلة بالدور السلبي للإنسان تضع بالضرورة الله والجن على قدم
المساواة في مرتبة عامل."(52)
وفحوى هذا التصور، أننا من جهة
أمـام فعل مطلق ( التجربة الإنسانية مجسدة في صورة كلية ) ويمثله
العامل، ومن جهة ثانية، ولكي يتخذ هذا الفعل صورة قريبة من المتلقي،
نخلق شكلا مصغرا للعامل، وهذا الشكل هو ما تمثله الشخصية. وهذه
الازدواجة - في تصور التشخيص الذي تخضع له البنية الدلالية - يفترض
شروطا وظروفا للفعل. وهذه الشروط مرتبطة بالضرورة بالصورة التي
نملكها عن العالم. وبعبارة أخـرى فإننا نتصور هذه البنية الدلالية
ضمن شروط ثقافية خاصة، "ذلك أن أنسنة وظائف المبنى محكومة بطبيعة
التصنيف الدلالي : فنوعية صورة العالم ونوعية المبنى ونوعية الشخصيات
عناصر يشترط بعضها البعض". (53) وبناء عليه " يمكن التمييز-انطلاقا
من الشخصيات، أبطال الكثير من النصوص الفنية وغير الفنية المتمتعة
بأسماء ومظاهــر إنسانيــة - بين مجموعتـين : العوامل والشروط أو
ظروف الفعل. فلكي تتأنسن هاتان المجموعتان من وظائف المبنى، يجب
إعطاء تأويل خاص للعالم : إن القوى الحية هي الإنسان، والإنسان يشكل،
داخل هذه القوة ،حاجـزا ." (54)
وهكذا فحتى في الحالات التي نكون
فيها أمـام نصوص تتناول قضايا تتعلق بالحيوانات أو الجن أو كائنات
فوقية، فإن عملية التشخيص تتم عبر تصورات تعود إلى الإنسان وإلى
تصوره للحياة ضمن الوعاء الثقافي الذي يحدد هوية هذه الحياة. "
فالعامل قد لا يكون مشخصا ذا هيئة إنسانية]، إلا أن الحدود أو المحيط
يمكن أن يكون له بعد مشخص". (55)
ويقيم لوتمان - ضمن هذا التصور -
تمييزا جديدا بين العامل والشخصية، فالشخصيات عنده تتميز عن العوامل
بحركيتها تجاه محيطها. "وهذه الحركية هي نتاج خاصية أساسية، فالشخصية
المتحركة تتميز عن الشخصية الساكنة بكونها تمتلك حلولا للفعل، الشيء
المحظور عن الشخصيات الأخرى." (56)
وهذا التأويل الخاص، أي الشروط
الثقافية التي تشتغل كفاعدة أساسية لبناء الشخصية، سيدفع لوتمان إلى
تحديد جانب آخر في تبلور الشخصية وإدراكها كذلك. وهذا الجانب، كما هو
واضح في كتاب لوتمان، مرتبط أشد الارتباط بالتجلي النصي الذي تتحدد
داخله الشخصية لا كعامل - أي كوحدة تركيبية دلالية يقوم ببنائها النص
ويفك رموزها المتلقي - بل كوحدة ممعجمة (lexicalisée) ذات تفرد ظاهر
من خلال اسم علم أو رمز يدل عليه.
وإذا كنا قد لاحظنا أن أصل بناء
الشخصية هو وجود بنية دلالية مجردة ذات طابع كوني، فإن وضع هذه
البنية داخل شكل خاص معناه استحضار النص الثقافي العام الذي ينتج
داخله النص السردي.
ونتيجة لذلك فإن بناء الشخصية
ومثولها أمام المتلقي ككيان متكامل هو بناء ثقافي. فالمتلقي لا
يستطيع إدراك هذه الشخصية ومعرفـة أسرارهـا إلا من خلال المخزون
الثقافي المشترك بين محفل الإبداع ومحفل التلقي. "فالشخصية الفنية
تبنى لا كتحقيق لترسيمة ثقافية محددة فحسب، بل تبنى أيضا كنسق من
الانزياحات الدلالية تجاه هذه الترسيمة، ووجود هذه الانزياحات هو
الخالق للوصفات الخاصة. "(57)
فما بين الترسيمة الثقافية التي
تشكل معيارا ثابتا وبين الوصفات الخاصة (التحقق الخاص للترسيمة)
تتسرب الشخصية كتأكيد لهذه الترسيمة من حيث إنها تولد وتنمو وتموت
ضمن هذه الترسيمة، وكانزياح عنها لأن أي تحقق هو، بشكل من الأشكال،
إغناء لهذه الترسيمة. فما يشكل عمق النص، في حقيقة الأمر، ليس إعادة
إنتاج الترسيمة الثقافية المؤطرة لحياة مجموعة بشرية ما، بل الخروج
عنها وخلق فجوات وشروخ داخلها هو ما يمنح النص خصوصيته وتلوينه
الخاص.
وهكذا فإن "الانزياحات تشكل نوعا
من الانتشار المحتمل الذي يعتبر ضروريا لسلوك البطل تجاه المعيار
المتوسط الذي يفرضه الفهم غيرالفني لطبيعة الانسان. إن ماهية
الإنسان، التي تمثل داخل ثقافة معينة معيارا وحيدا لسلوك ممكن، تتحقق
في النص الفني كتجميع لسلسلة من الإمكانات التي لا تتحقق إلا جزئيا
داخل حدود النص، والأمر لا يتعلق فقط بتجميع للأفعال فحسب، بل هـو
تجميع لأنواع سلوكية قابلة للتصور ضمن حدود نسق مصنف وأكثر عمومية. "
(58)
وبعبارة أخرى، فإن النسق المصنِّف
هو حلقة نهائية داخل سلسلة التسنينات التي يخضع لها السلوك الإنساني
كأفعال تتكرر باستمرار. وتحتاج هذه الأفعال، لكي تتخذ شكل قانون عام،
إلى أن تثبت داخل قوالب. وحصولها على هذا الوضع يجعل منها جهازا نقيس
به السلوك اليومي (مدى مطابقة هذا السلوك أو عدم مطابقته للمعيار)
كما يشتغل كتوقعية تحدد المسارات الممكنة انطلاقا من وضعية إنسانية
محددة.
وبناء عليه، يمكن تلخيص هذا
التصور في الترسيمة التالية :
بنية دلالية مجردة نص بلا مبنى
فعل - عامل نص ذو مبنى
الترسيمة الثقافية
الشخصية
تجميع تجميع تجميع
للصفات للسلوك للأفعال
التحقق النصي
(الوصفات المحلية)
فمن البنية المجردة كقالب كوني،
ننتقل إلى الفعل المرتبط بالعامل كاستشراف بدئي للتباشير الأولى
لعملية التشخيص، لكي ننتقل بعد ذلك إلى خلق الشخصيات كإسقاط لنص
الثقافة (الترسيمة الثقافية). وداخل هذه الترسيمة نقوم بعملية
الانتقاء الضرورية لبناء نص يتميز بالخصوصية (الانزياحات الدلالية).
وهذه الانزياحات هي ما يشكل الانتشارالسردي الاستقبالي. وهذا
الانتشار بدرجاته وأبعاده هو ما يشكل أسلوب الكاتب في التعامل مع نص
الثقافة، أي ما يكشف عن قدرته على التعامل الأصيل مع معطيات الثقافة.
"وهذه الأبعاد تشكل، في حد ذاتها، إحدى السمات المكونة للطريقة
الفنية التي يعتمدها الكاتب. "( 59)
وبما أن الترسيمة الثقافية إرث
مشترك بين الكاتب والقارىء، فإن عملية تسنين سلسلة من القواعد
الشكلية والمضمونية من أجل خلق نص ما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وجود
هذا القارىء كمحفل يسهم -من موقعه الخاص- في سيرورة إنتاج دلالة ما.
وبناءعليه، يجب "التمييز بين
الانتشار الذي يعود إلى القارىء الملم بمعيار بنية ما، وبين
اللامحمولية البادية لحظة تدمير هذه البنية : سيبدو سلوك قديس في
حياة قديس من القرون الوسطى للقارىء المعاصر سلوكا غير مفهوم، وسيكون
هذا السلوك عند الفنان وجمهوره الأصيل محددا بدقة . " (60)
الهوامش :
1) سنعتمد على بعض الفصول من كتاب لوتمان
La structure du texte artistique, ed , Gallimard , 1973
2) Deledalle :Avertissement aux lecteurs de Peirce in Langage 58 p
26
3) ص 323 La structure du texte artistique
4) المرجع نفسه ، ص 424.
5) نفسه ، ص : 324 .
6) نفسه ، ص : .324
7) نفسه ، ص : 324 .
8) يشير لوتمان إلى مجموعة من الآراء الخاصة بالحدث ومن جملتها رأي
فسلوفسكي نفسه، ص : 324 .
9) لوتمان ص : 326 .
10) نفسه ، ص : 326 .
11) نفسه ، ص : 326 .
12) نفسه ، ص : 327 .
13) لوتمات ، ص ، 326 - 327 .
14) لوتمات ، ص ، 327 .
15) نفسه ، ص : 327 .
16) نفسه ، ص : 330 .
17) انظر Narratologie p . 4 : ( Mieke )- Bal
18) Greimas ( A J ) : Du sens II , Ed, Seuil 1983, p .46
19) نفسه ، ص : 330 .
20) نفسه ، ص : 330 - 331 .
21) نفسه ، ص : 331 .
22) نفسه ، ص : 331 .
23) نفسه ، ص : 332 .
24) نفسه ، ص : 331 .
25) نفسه ، ص : 332 .
26) نفسه ، ص : 332 .
27)نفسه ص 332
28) نستثني من ذلك بطبيعة الحال الحكايات العجيبة، حيث يتم خلق تداخل
بين كل أنواع الشخصيات دونما اعتبار لا للفضاء ولا للزمان، فالموتى
يعودون إلى عالمنا والأحياء يطلون على العالم الآخـر .
29) نفسه ، ص : 332 .
30) نفسه ، ص : 332 .
31) نفسه ، ص : 332 .
32) نفسه ، ص : 333 .
33) لوتمان ، ص 333
34) لوتمان ص333
35) انظر - Greimas : Les acquis et les projets, in Joseph Courtès
: Introduction à la sémiotique narrative et discursive, p15
36) يعرف توماشفسكي الحكاية (fable) بالعبارات التالية : " إن
الحكاية هي مجموع الأحداث المترابطة فيما بينها التي ندركها من خلال
العمل الادبي، ويمكن عرضها بطريقة براغماتية، وفق النظام الطبيعي، أي
النظام السببي لأحداث في استقلال عن الكيفية التي تمت بها عملية
إدراج هذه الأحداث داخل العمل الفني."
- Théorie de littérature , ed , Seuil , Paris 1965 p: 268
37) 334 La structure du texte artistique, p.
38) نفسه ص334
39) نفسه ص 334
40)نفسه ص 334
41) نفسه ص 334
42) نفسه ص 334 - 335
43) نفسه ص 335
44) نفسه 335
45) نفسه ص335
46) نفسه 335
47) نفسه ص336
48) نفسه ص 335
49) نفسه ص 336
50) نفسه ص 336
51) نفسه ص 336
52) نفسه ص 338
53) نفسه ص 339
54) نفسه ص 339
55) نفسه 337
56) نفسه ص 339
57) نفسه 350
58) نفسه ص 350-351
59) نفسه ص 351
60) نفسه ص
351
|