لقد ركزت في مقالي السابق -التأويل والتاريخ - على منهج تأويلي
للعالم والنصوص يستند إلى خصوصية علاقات التداخل بين الكون والإنسان.
إن ميتافيزيقا التداخل بين عناصر الكون وكذا ماديته، يستندان
بالضرورة إلى سميائيات ( صريحة أو ضمنية ) للتشابه. ولقد سبق لفوكو
أن درس إبدال *التشابه هذا في كتابه" الكلمات والأشياء". إلا أن ما
كان يثير اهتمامه في هذا الكتاب هو لحظة الانتقال من عصر النهضة إلى
القرن السابع عشر، حيث سيتلاشى إبدال التشابه في إبدال العلم الحديث.
إن فرضيتي، من الناحية التاريخية، أشمل من ذلك، فهي تروم إبراز مبادئ
للتأويل ( ما أسميه بالسميوزيس الهرمسية ) بالإمكان تتبع آثارها عبر
قرون عديدة.
لقد كان على السميوزيس الهرمسية،
من أجل إبراز إمكانية تأثير الشبيه في الشبيه، أن تحدد فحوى المماثلة
. وكان هذا المبدأ، في تصورها، بالغ العمومية والمرونة. فقد كان يتسع
للظواهر التي نصنفها اليوم ضمن ما يسمى بالمماثلة المورفولوجي أو
التناظر النِّسبي؛ كما كان يتسع لكل أشكال الاستبدال الممكنة التي
يسمح بها التقليد البلاغي، وهو ما يسمى بالتجاور - " الجزء محل الكل
"- والفعل أو الممثل الخ.
وأقدم فيما يلي لائحة المقاييس
التي يتم وفقها الربط بين صور وكلمات انطلاقا من قواعد التذكر
السائدة في القرن السادس عشر أو " فن التذكر"، لا انطلاقا من بحث خاص
بالسحر. إن " الإحالة " أمر هام جدا، فقد حدد المؤلف داخل سياق
ثقافته الخاصة، بعيدا عن ادعاءات الهرمسية، مجموعة من التداعيات
الآلية الشائعة :
1- من خلال المماثلة الذي يمكن أن يقسم بدوره إلى مماثلة جوهرية (
الإنسان باعتباره صورة مصغرة للكون ) ومماثلة كمية ( الصور العشر
للوصايا العشر )، ومن خلال الكناية أو الاستعارة المجردة ( أطلس
للفلكيين أوعلم الفلك، الدب يشير إلى رجل سريع الغضب، الأسد يشير إلى
الزهو، سيسرون للبلاغة).
2- التجانس : يحيل الكلب باعتباره حيوانا على برج الكلب.
3- السخرية أو التقابل. الأحمق للحكيم
4- العلامة : الآثار للذئب، أو: تحيل المرآة التي يقف أمامها
تيتوس على تيتوس نفسه.
5- نطق كلمة بشكل مغاير :سانوم ( sanum ) لـ سان ( sane).
6- مماثلة الاسم : أرسطا لـ أرسطو
7- النوع أوالفصيلة : الفهد للحيوان
8- الرمز الوثني : النسر لـ "المشتري".
9- الشعوب : الفرس للبغاوات ، "السكيتيون" للخيول، الفينيقيون
للأبجدية.
10- علامات الأبراج : العلامة للبرج
11- العلاقة بين العضو والوظيفة .
12- الخصائص المشتركة : الغراب للأثيوبيين.
13- الهيروغليفية : النمل للعناية .
14- التداعي الاصطلاحي : أي وحش يمكن أن يدل على كل ما يمكن أن
نتذكره.
إن الشيئين، كما هو واضح، قد
يتشابهان أحيانا من حيث السلوك، وأحيانا من حيث الشكل، وأحيانا أخرى
من حيث إنهما يوجدان في زمن واحد وسياق واحد. فالأساس في هذه المسألة
هو شكل القرابة لا المقياس الدال عليها. فعندما يطلق العنان لآليات
التناظر، فلا شيء يمكن أن يوقف هذه الآلية. فالصور والمفهوم والحقيقة
التي يتم الكشف عنها من خلال المماثلة تتحول هي الأخرى إلى علامة
تحيل على تناظر جديد. فكلما اعتقدنا أننا إزاء مماثلة، فإن هذه
المماثلة ستحيل على مماثلة أخرى ضمن خط تصاعدي لا نهاية له. وسيكون
من حق المؤول، داخل كون يحكمه منطق المماثلة ( والتداخل الكوني )، أن
يفترض أن ما يعتقد أنه دلالة علامة ما فإنه لا يشكل في واقع الأمر
سوى علامة تشير إلى دلالة إضافية.
إن هذه الخاصة تشير إلى مبدإ آخر
من مبادئ السميوزيس الهرمسية : إذا تشابه شيئان، فبإمكان الأول أن
يصبح علامة للثاني والعكس صحيح. إن هذا التحول من المماثلة إلى
السميوزيس ليس تحولا آليا. إن هذا القلم يشبه ذاك القلم، إلا أن هذا
لا يسمح لي باستعمال الأول لتعيين الثاني ( إلا في حالة الدلالة
القائمة على الإيضاح البصري، حيث أريك القلم لكي أطلب منك قلما أو
شيئا يقوم مقامه. إلا أن هذا النوع من السميوزيس يتطلب تعاقدا
مسبقا).
إن كلمة كلب لا تشبه الكلب. إن
بورتريه الملكة إليزابيت على طابع بريدي بريطاني يشبه، من بعض
الزوايا، كائنا إنسانيا هو ملكة المملكة المتحدة. ويمكن لهذا
البورتريه أن يصبح، بالإحالة على الملكة ذاتها، رمزا لهذه المملكة.
إن الخنزير ليس شبيها بالحلوف ولا بنورييغا أو تشاوسيسكو. ومع ذلك
بإمكاني، استنادا إلى تناظر ثقافي بين العادات المحسوسة للخنازير
والعادات الأخلاقية للدكتاتوريين، أن أستعمل كلمة خنزير كي أشير إلى
أحد هؤلاء.
وبإمكان التحليل السميائي لكلمة
بالغة التعقيد ككلمة تماثل ( يمكن العودة إلى كتاب A theory of
Semiotics ) أن يعيننا على الإحاطة بالعيوب الأساسية للسميوزيس
الهرمسية وكذا عيوب كل إجراءات التأويل المضاعف.
مما لا جدال فيه أن الكائنات
البشرية تستند ( هي الأخرى) في تفكيرها إلى حدي الهوية والمماثلة.
ومع ذلك فإن التجربة العادية تثبت أننا نعرف كيف نفرق بين المماثلات
الدالة والمميزة، وبين المماثلات العرضية والوهمية. فقد أرى مثلا
شخصا من بعيد قد تذكرني بعض ملامحه بالشخص " أ" الذي أعرفه، إلا أدرك
بعد ذلك أنه ليس " أ" بل هو " ب" أي شخص غريب. وعادة ما نتخلى بعد
ذلك عن الفرضيات الخاصة بهوية هذا الشخص ولا نضفي أية مصداقية على
هذه المماثلة التي سريعا ما تخرج من دائرة ذاكرتنا. إننا نتصرف بهذه
الطريقة لأننا ندرك جميعا أن أي شيء يمكن أن تكون له، من زواية ما،
علاقات تناظر أو تجاور أو مماثلة مع أي شيء آخر.
ويمكن أن ندفع بالتحليل إلى مداه
الأقصى لنفترض وجود مماثلة بين الظرف " أثناء " والاسم " تمساح" ،
فقط لأن ملفوظا واحدا يجمعهما، هو هذا الذي قمت الآن بصياغته. إلا أن
الفرق بين تأويل معقول وبين تأويل ذهاني** يكمن في الاعتراف بأن
القرابة بينهما ضحلة جدا. إن المصاب بالذهان ليس هوالشخص الذي يلاحظ
أن " أثناء " و " تمساح " يضمهما سياق واحد، بل هو ذلك الذي يطرح على
نفسه جملة من التساؤلات تنصب على الدوافع الغريبة التي جعلتني أربط
بين الكلمتين. وقد أكون في نظره الآن ألمح، من خلال هذا المثال، إلى
سر ما.
فمن أجل قراءة العالم وقراءة
النصوص قراءة يحكمها الشك، يجب بلورة ما يشبه المنهج الهوسي. فالشك
في ذاته لا يشكل حالة مرضية : فالشرطي، كما هو حال العالم، يشك في أن
هناك عناصر بديهية ولا تكتسي ظاهريا أية أهمية، ستكون شاهدا على
أشياء أخرى غير بديهية. وعلى أساس هذا الشك يقوم ببلورة فرضيات جديدة
ويضعها موضع الاختبار. إن هذه العناصر لا يمكن أن تكون علامة لشيء
آخر إلا إذا استجابت للشروط التالية :
- ألا تحتاج إلى شرح ضافي،
- أن تحيل على سبب واحد ( أو على قسم من الأسباب الممكنة )،
- أن تتطابق مع ما هو سابق عنها.
لنفرض أنني عثرت في مكان الجريمة
على نسخة من صحيفة واسعة الانتشار، ففي هذه الحالة علي قبل القيام
بأي شيء أن أتساءل ( استنادا إلى معيار الاقتصاد ) ألا تكون هذه
النسخة في ملك الضحية ؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن هذه الأمارة
ستحيلني على مليون متهم محتمل.
ولأفترض الآن أنني عثرت على جوهرة
نادرة قد تعتبر النسخة الوحيدة من هذا النوع، وأنها لا تكون إلا في
ملك شخص بعينه؛ في هذه الحالة فإن الأمارة تصبح ذات أهمية. وبناء
عليه، إذا لم يستطع الشخص المذكور أن يريني هذه الجوهرة، فإن
الأمارتين ستحيلان على نفس الشيء.
ومع ذلك يمكن، حتى في هذه الحالة،
ألا أستطيع إثبات ظنوني. فهذه الأمارة تبدو فقط معقولة، وهي كذلك فقط
لأنها تسمح لي بالتعرف على الشروط التي يمكن ضمنها تزييف هذه الأمارة
: مثلا إذا أمكن للمتهم إثبات أنه هو الذي أهداها للضحية منذ فترة
طويلة. وفي هذه الحالة، فإن وجود الجوهرة في مكان الجريمة لن تكون له
أية أهمية.
إن المبالغة في إسناد أهمية كبيرة
للأمارات عادة ما يتولد عنها النظر إلى العناصر المكشوفة للعيان
باعتبارها دالة، في حين أن حالتها هاته يجب أن تقودنا إلى القول
بأنها قد لا تحتاج إلا إلى شرح من خلال حدود اقتصادية. ونقدم فيما
يلي مثالا يستعمله العلماء الذي يعتمدون على النظرية الاستقرائية.
والمثال يخص الأهمية التي تسند إلى عنصر مغلوط. إذا لاحظ طبيب ما بأن
كل مرضاه الذين يشكون من سيروز القلب يتناولون الويسكي بالصودا أو
الكونياك بالصودا أو جين بالصودا، واستنتج من ذلك بأن الصودا هي سبب
السيروز، فلا أحد سيجادل في خطإ هذا التشخيص. إنه مخطئ لأن هناك
عنصرا آخر مشتركا لم يأخذه الطبيب بعين الاعتبار و يتعلق الأمر
بالكحول. وهو كذلك أيضا لأن الطبيب لم يأخذ بعين الاعتبار كل المرضى
الذين لا يتناولون الكحول ولا يشربون سوى الصودا، ومع ذلك فهم لا
يشكون من علة السيروز. قد يبدو المثال غريبا نوعا ما، فالطبيب اهتم
بالعناصر التي يمكن أن تُشرح بطريقة مغايرة، متجاهلا ما يشكل موضوع
تساؤلاته. إن الطبيب سلك هذا السبيل لأنه من السهل ملاحظة وجود الماء
لا الكحول.
إن السميوزيس الهرمسية، في
استنادها إلى مبادئ السهولة البادية في النصوص المنتمية إلى هذا
التقليد، تذهب إلى أبعد من ذلك في ممارساتها التأويلية المتشككة. في
البداية كان هناك الاندهاش الذي يقود إلى إيلاء التطابقات التي كان
من الممكن أن تشرح بطرق أخرى أهمية قصوى. لقد كانت هرمسية عصور
النهضة تبحث عن " آثار" ، أي عن أمارات مرئية تأتي بكشف ما يخص
القرابات السرية. فالإرث الثقافي القديم قد اكتشف أن للنبتة التي
تحمل اسم "السحلبية" ( orchidée) بصلتين كرويتي الشكل وتشبهان
الخصيتين. وانطلاقا من هذه المماثلة البسيطة تم الحديث عن قرابات
متنوعة : لقد تم الانتقال من التناظر المورفولوجي إلى التناظر
الوظيفي. فالسحلبية لها بالضرورة مفعول سحري على الجهاز التناسلي (
ولهذا السبب سميت أيضا ب satyrion ) .
والواقع أن الأمر لم يكن كذلك،
فقد شرح بيكون هذا الأمر. فامتلاك السحلبية لبصلتين آت من كون بصلة
جديدة تنمو كل سنة بجانب البصلة الأولى. وبينما تكبر البصلة الأولى
فإن البصلة الثانية تضمحل. وهكذا يمكن للبصلتين أن تكونا شبيهتين
بالخصيتين، إلا أن وظيفتيهما مختلفتان فيما يتعلق بالخصوبة. وبما أن
القرابة يجب أن تكون من طبيعة وظيفية، فإن التناظر في هذه الحالة
سيسقط من تلقاء نفسه. فالظاهرة المورفولوجية لا يمكن أن تكون شاهدا
على علاقة من نوع : سبب يؤدي إلى نتيجة، لأنها لا تتطابق مع معطيات
أخرى تعود من جهتها إلى العلاقات السببية.
إن الفكر الهرمسي يستند إلى مبدأ
الانتقال المزيف. ووفق هذا المبدأ نفترض ما يلي : إذا كانت " أ " لها
علاقة بـ " ب"، ولـ " ب" علاقة >ع< بـ " ج" ، فإن " أ" سيكون لها
علاقة >ع< بـ " ج". فأن تكون للبصلتين مماثلة مرفولوجية مع الخصيتين،
وأن تتحكم الخصيتان في إنتاج المني، فإن هذا لا يجعل من البصلتين
مرتبطتين سببيا بالنشاط الجنسي.
إلا أن الاعتقاد بوجود سلطة سحرية
للسحلبية كان يستند إلى مبدإ هرمسي آخر ويتعلق الأمر ب "تعلق السابق
باللاحق". فحسب هذا المبدأ، فإن النتيجة تفترض وتؤول باعتبارها سببا
لأسبابها الخاصة. إن العلاقة بين السحلبية والخصيتين يعود إلى أن
الأولى تحمل اسم الثانية (السحلبية = الخصيتين). وبطبيعة الحال، فإن
الاشتقاق هنا هو نتاج أمارة مزيفة. وهذا لم يمنع الفكر الهرمسي من
النظر إلى الاشتقاق باعتباره دليلا على التداخل الضمني بين الأكوان
].
لقد كان هرمسيو عصر النهضة
يعتقدون أن "المتن الهرمسي" كتبه " مثلث بالحكمة" عاش في مصر قبل
مجيئ النبي موسى. ولم يثبت اسحاق كازوبون ( Issac Casaubon) في بداية
القرن السابع عشر أن نصا ما يحتوي على بعض آثار الفكر المسيحي، لا بد
أن يكون قد كتب بعد مجيء السيد المسيح فحسب، بل أثبت أيضا أن الترجمة
اليونانية " للمتن " لا تحتوي على أية آثار تخص البنيات التركيبية أو
عناصر معجمية تحيل على اللغة المصرية. إن السحرة والمنجمين الذين
جاءوا بعد كازوبون لا يكترثون نهائيا للملاحظة الثانية، أما الأولى
فيستعملونها وفق المبدإ : "تعلق السابق باللاحق". وبما أن المتن
يحتوي على أفكار ستصبح فيما بعد أفكارا مسيحية، فإن هذا يعني أنه كتب
قبل مجيئ المسيح ومارس تأثيره على المسيحية.
وبالإمكان، كما سأبين ذلك بعد
قليل، العثور على مقاربات مشابهة في بعض الممارسات الحديثة للتأويل
النصي. أما مشكلتنا نحن فيمكن صياغتها على الشكل التالي : إن التناظر
بين السحلبية والخصية تناظر مزيف. فالتجارب المخبرية أثبتت ألا تأثير
لهذه النبتة على الجسم. وسيكون من المعقول الاعتقاد أن المتن الهرمسي
ليس قديما جدا، لأننا لا نملك أي دليل فيلولوجي على وجود مخطوطاته
قبل القرن الأول للميلاد. لكن ما هو المعيارالذي يمكن أن نستند إليه
في القول بأن تأويلا نصيا ما يشكل حالة تأويل مضاعف؟ يمكن أن يعترض
بعضهم قائلا : علينا ونحن نبحث عن تحديد للتأويل الرديء، أن نحدد
معايير التأويل الجيد.
وفي اعتقادي نستطيع الاستناد إلى
مبدإ بوبر القائل بغياب أية قاعدة يمكن وفقها تحديد التأويلات
الجيدة، ولكن هناك قاعدة واحدة على الأقل تسمح لنا بتحديد التأويل
الرديء. فنحن لا نستطيع القول إلى أي حد كانت فرضيات كيبلر أفضل
الفرضيات، ولكننا نستطيع القول بأن التفسير البتوليمي للمنظومة
الشمسية كان تفسيرا خاطئا، لأن مقولتي "فلك التدوير" و " المخرج " لا
تحترمان بعض معايير الاقتصاد والبساطة، كما لا تتلاءمان مع فرضيات
أخرى من الممكن الاستناد إليها من أجل تفسير ظواهر لا يستطيع بتوليمي
(ptolemée) (1) تفسيرها. وليُسمح لي الآن أن أعود إلى مبدئي الخاص
بالاقتصاد النصي دون أن يطلب مني إعطاؤه تعريفا مسبقا.
سأحاول الآن دراسة حالة من
الحالات الصارخة للتأويل المضاعف للنصوص المقدسة / الدنيوية. واسمحوا
لي باستعمال هذه الضديدة (2). فبمجرد أن يتحول نص ما إلى نص مقدس
داخل ثقافة ما، فإنه سيصبح مرتعا لسلسة من القراءات المتشككة، محدثا
بذلك حالة ترف تأويلي. لقد حدث هذا مع المجاز الكلاسيكي في حالة نصوص
هوميروس، وهو أيضا ما كان يستحيل عدم حدوثه مع الكتابات في زمن
النبالة والسكولائية، ومع الثقافة اليهودية في تأويلها للتوراة.
ومع ذلك، فإن هذا لا يمكن أن يحدث
مع النصوص المقدسة بالمعنى الحقيقي للكلمة. فلا يمكن أن يسمح بتجاوز
من هذا النوع، وعادة ما تكون هناك سلطة وتقليد ديني يدعيان امتلاك
مفاتيح التأويل. ولقد حاولت الثقافة القروسطية مثلا بكل جهودها تشجيع
تأويلات تستند إلى حدود زمنية. ومع ذلك ظلت محصورة في اختيارات
بعينها.
إن الشيء الذي يميز نظرية المعنى
الرباعي للكتابة المقدسة سيكون بالتأكيد هو أن معنى هذه الكتابات كان
يتحدد في أربعة ( ما قام به دانتي في قراءته للشعر العلماني الدنيوي
). وكان الوصول إلى هذه المعاني يتم وفق قواعد بعينها. ولم تكن هذه
المعاني، رغم تواريها خلف حرفية الكلمات، معاني سرية. بل على العكس
من ذلك، اعتبرت معاني واضحة عند الذين يقرأون النص قراءة صحيحة. وإذا
لم تكن كذلك لأول وهلة، فقد كان على المفسرين ( في حالة الكتاب
المقدس ) أوعلى الشاعر ( في قراءته لشعره ) الكشف عن مفاتيحها. وهو
أمر قام به دانتي مع le convivio(3) وفي كتابات أخرى مثل :
l'Epistula XIII.
وسينتقل هذا الموقف من النصوص
المقدسة ( بالمعنى الحرفي للكلمة) - في صيغة علمانية- إلى نصوص
تحولت، استعاريا، لحظة تلقيها، إلى نصوص مقدسة. لقد حدث هذا مع
فيرجيل في القرون الوسطى، وحدث هذا مع رابليه في فرنسا، ومع شكسبير(
لقد نقب لفيف من صائدي الأسرار، من خلال سجال فرنسيس بيكون/شكسبير،
في شعره كلمة كلمة، وحرفا حرفا بحثا عن " صناعة صوتية"acrostiches
(4) وإرساليات سرية أخرى قد يكون بيكون قد استعملها ليشير بذلك إلى
أنه المؤلف الحقيقي لـ فوليو 1623). وذلك ما وقع أيضا، وربما بشكل
مبالغ فيه، مع جويس. ولم يكن دانتي نفسه ليسلم من هذا.
وهكذا يتضح أن نقادا كثيرين،
ابتداء من النصف الثاني للقرن 19إلى يومنا هذا، بدءا من الكتابات
الأولى للكاتب الانجليزي/الإيطالي غابرييل روسيتي ( والد الرسام
المعروف بـ دانت غابرييل الذي عاش قبل رافائيل) ومن الفرنسي أوجين
أورو، أو الشاعر الإيطالي الكبير جيوفاني باسكولي، إلى روني غينون،
راح هؤلاء يقرأون ويعيدون قراءة الأعمال الضخمة لدانتي بحثا عن
إرسالية سرية.
والملاحظ أن دانتي هو أول من قال
بأن شعره يحتوي على معنى غير حرفي من الواجب الكشف عنه. إنه معنى
يوجد على ضفتي المعنى الحرفي. ولم يكتف دانتي بتأكيد ذلك صراحة، بل
أكد أن في حوزته المفاتيح المؤدية إلي اكتشاف ذلك المعنى. ومع ذلك
فإن مؤوليه، الذين أطلق عليهم "مريدو القناع "، اكتشفوا عند دانتي
وجود لغة سرية أو اصطلاح يمكن أن تُؤول وفقه الإحالات على قضايا
إيروسية أو على شخصية ما، باعتبارها ذما للكنيسة.
وبإمكاننا هنا أن نتساءل لماذا
أجهد دانتي نفسه كل هذا الإجهاد لكي يخفي أهواءه الجيبيلية(5)
وهوالذي لم يكف عن شتم البابوية جهارا. إن "مريدي القناع" يذكرون
حالة ذلك الشخص الذي قيل له : > أنت لص ياسيدي، صدقني < فرد قائلا :
> ماذا تقصد بـ " صدقني " فهل تلمح إلى أنني رجل حذر <.
لقد كانت بيبليوغرافية هؤلاء
المريدين غنية جدا، إلا أن النقد الدانتيوي تجاهلها ولم يُعرها أي
انتباه. ولقد قمت حديثا، ربما لأول مرة، بحثّ مجموعة من الباحثين
الشباب على قراءة هذه الكتب. ولم تكن الغاية من ذلك هي تبيين خطإ أو
صواب "مريدي القناع" ( فالاكتشافات التي تمت عن طريق الصدفة تشير، في
حالات كثيرة، إلى أنهم كانوا على صواب )، بل هي تقويم القيمة
الاقتصادية لفرضياتهم.
وسننكب الآن على دراسة مثال ملموس
يعالج فيه روسيتي بعض مظاهر الشغف التي كانت عند "مريدي القناع".
فدانتي، حسب هؤلاءالمريدين، يرسم في هذا النص مجموعة من الرموز
والممارسات الطقوسية الخاصة بالأعراف الماسونية ووردة الصليب (6). إن
الأمر يتعلق بقضية هامة لها علاقة بمشكلة تاريخية وفيلولوجية :
فبينما تؤكد مجموعة من الوثائق ظهور الأفكار المنتمية إلى وردة
الصليب في بداية القرن الثامن عشر، وهو التاريخ نفسه الذي ظهرت فيه
المحافل الماسونية الأولى، لانعثر على أية وثيقة - على الأقل تلك
التي يعترف بها العلماء -تشهد على وجود هذه الأفكار أو هذه المنظمات
قبل هذا التاريخ. بل على العكس من ذلك، هناك وثائق جدية تنتمي إلى
القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تشير إلى الكيفية التي اختارت عبرها
المحافل، بكامل توجهاتها، طقوسها وكذا الرموز التي تبين شجرتها
الهيكليلة أو نسبتها إلى "وردة الصليب". فلقد كان على كل تنظيم يعلن
انحداره من تقليد قديم أن يختار شعار التقليد السابق بإحالاته
الماضية ( انظر مثلا اختيار شعار الفائس-fanion du licteur - من قبل
الحزب الفاشي الإيطالي للتدليل على أن الفاشية هي الوريث الشرعي
لروما القديمة ). وقد يكون هذا الاختيار دليلا على نوايا هذه
المجموعة، ولكنه لا يمكن أن يكون دليلا على انتمائها إلى هذا الإرث.
لقد كان روسيتي مقتنعا منذ
البداية أن دانتي كان ماسونيا هيكليا ينتمي إلى " طائفة وردة الصليب
". وعلى هذا الأساس كان متيقنا من وجود رمز ماسوني وردصليبي (
rosicrucien) يحمل الخصائص التالية : زهرة في داخلها صليب، وعلى
الصليب نقشت صورة بجعة تغذي فراخها من لحم تنتزعه من صدرها. وبعد أن
تأمل روسيتي مليا هذا الرسم راح يبحث عما يجسده في كتابات دانتي. لقد
كان روسيتي دون شك يجازف بالقول إن دانتي هو ملهم الرمزية الماسونية.
وفي هذه الحالة نكون أمام فرضية جديدة : وجود نص ثالث نموذجي. وبهذا
سيضرب روسيتي عصفورين بحجر واحد : سيكون في حوزته كل ما يبرهن على أن
الأعراف الماسونية ممتدة في القدم، ويبرهن في الآن نفسه على أن دانتي
استوحى عالمه من هذه الأعراف.
فمن الطبيعي القول : إذا كانت
هناك وثيقة (ب) سابقة في الوجود على الوثيقة ( ج) ، وهذه الوثيقة
تشبه الأولى مضمونا وأسلوبا، فمن الجائز القول إن الوثيقة ( ب) أثرت
في الوثيقة (ج) وليس العكس. ويمكن في أحسن الحالات تصور وثيقة
نموذجية ثالثة ( أ) ظهرت للوجود قبل الوثيقتين، وهاتان الأخيرتان
مشتقتان منها. إن فرضية نص نموذجي يمكن أن تفيدنا في شرح التناظرات
بين وثيقتين معروفتين، وبدون وجود هذا النص يستحيل شرحهما. إلا أن
هذا النص لا يصبح ضروريا إلا في اللحظة التي تصبح فيها التناظرات (
الأمارات ) غير قابلة للشرح بشكل منفصل وبطريقة فيها الكثير من
الاقتصاد. فإذا تم العثور على وثيقتين تنتميان إلى عهدين مختلفين
وكلاهما يشيرإلى مقتل جول سيزار، فلن يكون من المجدي القول إن الأولى
أثرت في الثانية أو إنهما تأثرتا بنص ثالث، لأننا في هذه الحالة أمام
حدث يمكن العثور عليه في نصوص لا حصر لها.
وقد تكون هناك حالة أسوأ مما سبق.
فلكي نثبت جودة ( ج)، نحن في حاجة إلى نص نموذجي (أ) ينتمي إليه كل
من (ب) و(ج). وبما أن هذه الحالة لاوجود لها وجب افتراض تطابق هذا
النص غيرالموجود مع (ج) من جميع الجوانب. إن الناتج المباشر لهذا هو
أن (ج) أثر في (ب). وفي هذه الحالة نكون من جديد أمام مبدإ "تعلق
السابق باللاحق".
إن مأساة روسيتي هي أنه لم يكتشف
عند دانتي ما يؤكد وجود أي تناظر ملحوظ مع الرمزية الماسونية. وبما
أنه كان يشكو من غياب أي تناظر قد يقوده إلى نص نموذجي، فإنه لم يكن
قادرا على تحديد أي نص نموذجي كان يبحث عنه.
فلكي نقرر في أمر جملة مثل "
الزهرة زرقاء" الموجودة في نص كاتب ما، يجب بالضرورة العثور في هذا
النص على الجملة كاملة " الزهرة زرقاء ". فإذا افترضنا أننا عثرنا
على حرف التعريف " الـ" في الصفحة 1 وعثرنا في الصفحة 50 على المقطع
" زه" ضمن وحدة معجمية : " زهوري"، فإن هذا لا يدل على أي شيء. ذلك
أنه بهذه الطريقة - ونظرا لمحدودية الحروف الأبجدية التي يبنى من
خلالها نص ما- يمكن أن نعثر على أي ملفوظ في كل نص من النصوص.
ويستغرب روسيتي أن نعثر عند دانتي
على إحالات على "الصليب" و"الزهرة" و"البجعة". إن وجود هذه الإحالات
أمر بديهي. فليس غريبا أن تظهر، في قصيدة شعرية تتحدث عن أسرار
الديانة المسيحية، الرموز الدالة على الهوى. أما البجعة فقد أصبحت،
وفق تقليد رمزي قديم، رمزا للمسيح في الأعراف المسيحية (إن " كتب
الحيوانات" القروسطية والشعرالديني ملأى بالإحالات على هذا الرمز ).
أما الزهرة، فنظرا لسلاسة بنائها ورقتها وتنوع ألوانها وظهورها في
فصل الربيع، فقد أصبحت في الأعراف الصوفية رمزا واستعارة ومجازا
وصورة للطراوة والشباب، وصورة للأناقة الأنثوية والشباب عموما.
نظرا لكل هذ الأسباب، فإن ما يطلق
عليه روسيتي نفسه " الزهرة العبقة والطرية واللطيفة" ستكون هي رمز
الجمال الأنثوي عند شاعر آخر في القرن الثالث عشر شيولو دالكامو
Ciulo d'Alcamo، وهو رمز إيروسي عند أبولي Apulée ( 7)، وهو كذلك في
كتاب كان دانتي قد اطلع عليه : "رواية الزهرة " ( وهو كتاب يستند إلى
رمزية قصدية ).
وهكذا كان على دانتي وهو يصور
المجد الخارق للكنيسة، عبر حدود الإشراق والحب والجمال، أن يستعين
بالزهرة وصفائها ( Paradis XXXI ). وهو ما يعني بهذه المناسبة أن
الكنيسة المظفرة هي معشوقة المسيح باعتبارها الناتج المباشر للهوى.
نظرا لهذا، فإن دانتي كان على حق عندما لاحظ " أن المسيح جعل، بدمه،
الكنيسة معشوقة له ". والحال أن الإحالة على الدم هو الحالة الوحيدة،
في جميع النصوص التي أتى بها روسيتي، التي ترتبط فيها الزهرة بالصليب
( إنها علاقة مفهومية وليست إينوغرافية ) : "زهرة" تظهر 8 مرات في
صيغة المفرد، وثلاث مرات في صيغة الجمع في الكوميديا الإلهية. أما
الصليب فيظهر 17 مرة. وما يثير القلق حقا هو أنهما لا يظهران أبدا
ضمن نفس السياق.
ومع ذلك فقد واصل روسيتي بإصرار
البحث عن "بجعة". وتأتى له ذلك، فقد عثر على واحدة ضمن سياق معزول في
paradis XXXVI ( لا وجود لتحققات أخرى في القصيدة) جنبا إلى جنب مع "
الصليب". وذلك لأن البجعة هي رمز للتضحية. ومع كامل الأسف لم نعثر
على الزهرة. وهذا ما جعل روسيتي يواصل بحثه عن بجعة أخرى. وقد عثر
على إحداها عند الكاتب سيكو داسكولي Cecco d'Ascoli (8) ( وهو من
الكتاب الذين اهتم بهم كثيرا "مريدو القناع" ، لسبب واحد هو أن نص
الأسيربا -L'Acerba - كان غامضا غموضا مقصودا ). إن بجعة داسكولي
تظهر في السياق العادي للهوى. إلا أن البجعة عنده ليست هي البجعة عند
دانتي، حتى وإن حاول روسيتي محو الاختلاف بينهما من خلال بعض
الإحالات في الهامش.
لقد كان روسيتي مقتنعا أنه عثر
على بجعة أخرى في الاستهلال الخاص ب paradis XXIII حيث نقرأ :> لقد
ظل الطائر صاحيا معلقا على وريقات غصن شجرة في انتظار بزوغ الفجر
وطلوع الشمس لكي ينطلق باحثا عن غذاء لفراخه< . إن هذا الطائر يبحث
عن غذاء لفراخه، فهو إذن ليس بجعة. فلو كان كذلك لما خرج بحثا عن
غذاء، يكفيه أن يطعم أبناءه اللحم الذي ينتزعه من صدره. ومن جهة
ثانية، فإن هذا الطائر ليس بجعة، لهذا فهو يبدو باعتباره صورة
لبياتريس. وكان من الممكن أن يشكل هذا الخلط انتحارا شعريا لدانتي،
حيث إنه سيرسم حبيبته على شكل بجعة بملامح منفرة ومنقار كبير.
ولقد كان بإمكان روسيتي، في رحلة
بحثه الشاقة والمرضية عن الطيور، أن يعثر في القصيدة الإلهية على
سبعة طيور وواحد وأربعين ومائة عصفورا، وكان بإمكانه أن يصنفها
جميعها ضمن فصيلة البجع، ولكنه سيعثر عليها كلها في سياقات منفصلة عن
الزهرة.
وهناك أمثلة كثيرة من هذا النوع
في كتابات روسيتي. وسأكتفي بالإحالة على مثال واحد مأخوذ من النشيد
II ، وهو نشيد نظر إليه باعتباره أكثر الأناشيد فلسفة وأكثرها عمقا
في paradis. إن هذا النشيد يستثمر بشكل كبير وسيلة سيكون لها دور
أساس في الكتاب الثالث كله : لقد صورت الأسرار الإلهية من خلال
النور- وما كان بالإمكان شرح هذه الأسرار لولا هذا التمثيل - وهذا
أمر منسجم مع التقاليد الصوفية واللاهوتية. والحصيلة أن المفاهيم
الفلسفية ذاتها، وهي مفاهيم معقدة، يجب أن تصور من خلال أمثلة بصرية.
والجدير بالملاحظة أن دانتي لجأ
إلى هذا التمثيل محتذيا في ذلك حذو مجموع الأدب اللاهوتي والدنيوي
المعاصرله. فسنوات قبل ذلك فقط كانت الدراسات العربية حول "
البصريات" قد تسربت إلى العالم الغربي. ولقد كان روبير غروسيتاست قد
شرح الظواهر الكوسمولوجية من خلال مفاهيم ضوئية. أما في المجال
اللاهوتي، فقد قام بونافونتير بدراسة الاختلاف بين " lux" و " lumen"
و" color". وقد كان كتاب " رواية الزهرة " قد احتفى بسحر المرايا،
ووصف ظاهرة الانعكاس وانكسار الأشعة وتضخيم الصور. أما روجي باكون
فقد طالب بأن تعامل "البصريات" باعتبارها علما قائم الذات مؤاخذا على
الباريسيين موقفهم السلبي منها في الوقت الذي كان فيه البريطانيون
يحاولون الكشف عن مبادئها.
ومن البديهي أن يعطي دانتي، الذي
كان يجد صعوبة في تفسير درجات الكثافة الضوئية للنجوم الثابتة،
تفسيرا بصريا لهذه الظاهرة. ونظرا لهذا كان من البديهي أن يستعمل
الزمرد الذي يتلألأ تحت أشعة الشمس، أو يستعمل جوهرة أو كتلة مائية
يتخللها شعاع ضوئي. وهذا ما جعله يقترح مثال المرايا الثلاث الموضوعة
في أماكن متباعدة عاكسة أشعة ذات مصدر ضوئي واحد.
وبالنسبة لروسيتي فإن هذا النشيد
لا يمكن تفسيره إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار كون الأضواء الثلاثة
الموضوعة على شكل مثلث - ثلاثة مصادر للضوء، يجب تأكيد هذا وليس ثلاث
مرايا عاكسة لضوء مصدره واحد، فالأمران مختلفان - موطنها الطقوس
الماسونية. إن هذه الفرضية، حتى في الحالة التي نستند فيها إلى مبدإ
" تعلق السابق باللاحق"، تشرح بطريقة أفضل السبب الذي جعل دانتي (
الذي قد يكون قد تعرف على الطقوس الماسونية قبل هذا التاريخ ) يختار
صورة المصادر الثلاثة للضوء، دون أن يكلف نفسه عناء شرح ما تبقى من
النشيد.
فلكي تتحول نظرية ما، كما يلاحظ
ذلك توماس كاهن، إلى إبدال يجب أن تكون أفضل من أخرى، دون أن يعني
ذلك أنها قادرة على شرح مجموع الظواهر التي جاءت من أجلها. وأضيف من
جهتي، ويجب ألا تكون أقل مردودية من سابقاتها. فإذا قبلنا بأن دانتي
يتكلم هنا، من خلال حدود بصرية قروسطية، فسيكون بإمكاننا فهم لماذا
يتحدث في البيتين 89 و90 عن شعاع الشمس المنعكس تماما كما يعود اللون
إلى الكأس مخفيا الرصاص وراءه. أما إذا افترضنا، من جهة ثانية، أن
دانتي يتحدث عن النور الماسوني، فإن الأنوار الأخرى ستظل غامضة.
وأعود الآن إلى حالة تكون فيها
صحة التأويل أمرا لا يمكن الحسم فيه، دون أن يعني ذلك القول إنه
تأويل خاطئ. وفي هذا المقام، قد يتعلق الأمر ببعض التأويلات
الباطنية، كما وردت في التفكيكية. ومع ذلك، فإن اللعبة الهرمينوطقية
عند غلاة من يمثل هذا التيار، أعني جوفري هارتمان، لا ينفي وجود
قواعد للتأويل.
وإليكم كيف يفسر جوفري هارتمان،
أحد ممثلي التفكيكية في يال Yale بعض الأبيا ت من Lucy poems لوورد
زورث حيث يتحدث الشاعر صراحة عن موت طفلة :
I had no human fears :
She seemed a thing that could not feel
The touch of earthly years .
No motion has she now , no force;
She neiher hears nor sees ,
Rolled rond in earth's diurnal course
with rocks and stones and trees.
لا أشعر بأي حزن إنساني- إنها
كانت تبدو عاجزة عن الإحساس- إنها آثار الوجود الأرضي - لقد فقدت
الحركة والقوة - إنها لا تسمع ولا ترى - إنها تجرجر أقدامها على
الأرض، كما تتدحرج الصخور والأحجار والأشجار].
لقد رأى هارتمان في هذه الأبيات
سلسلة من الموتيفات المأتمية الطافية على سطح النص.
ولقد حاول البعض تبيين أن لغة
وورد زورث تتخللها لعبة ماكرة للكلمات لا تستقرعلى وضع بعينه. وهكذا
فإن " diurnal" ( البيت 6) المقسم إلى " die" و " un" و" course"
يمكن أن تحيل في النطق القديم علىcorps ( الجثة ). ورغم ذلك، فإن هذه
التكثيفات توحي بالملل أكثر مما هي معبرة. إن قوة المقطع الثاني
مستمدة من تعويض ضمني لكلمة " grave" بصورة لـ gravitation. ورغم أن
رنة المقطع الثاني قد لا يحس بها الجميع، فإن الكلمة الصوتية هي التي
يُنطق بها دون أن تدون في كليتها. إنها كلمة تجد لها صدى في " fears"
و" years" و" hears" ، ولكنها ستسقط بظهور الكلمة الأخيرة trees.
ويكفي أن نستبدلها بـ tears( الدموع) لتنتعش من جديد الاستعارة
الكونية والمثيرة في القصيدة، وينتشر نحيبها في الطبيعة كما في
الكنيسة الرعوية. ولكن tears يجب أن تنتهي، من خلال الرنة الخافتة،
إلى ما يشكل جناسا تطريزيا لـ trees.
ورغم أن " die" و"urn" و"corpse"
و"tears" قد توحي، بهذا الشكل أو ذاك، بألفاظ أخرى في النص ( أي
diurnal و course و fears و year و hears )، فإن"grave "، على العكس
من ذلك، تعود إلى كلمة لا نعثر عليها في النص، بل هي وليدة تخمينات
القارئ. وبالإضافة إلى ذلك فإن "tears" ليست مشتقة من"trees".
من هنا إذا أردنا أن نبرهن على أن
النص الظاهر " أ" هو نسخة مشتقة من النص الخفي " ب"، علينا أن نثبت
أن كل حروف " أ" - الموزعة على النص كله - تقوم بإنتاج النص "ب" .
أما إذا استثنينا بعض الحروف، فلن يكون للعبة أي معنى. ف top متولدة
عن pot وليس عن port. هناك إذن تأرجح ( ولا أعرف بالضبط من جعل من
هذا التأرجح أمرا مقبولا ) بين التماثل الصوتي للألفاظ وفق مبدأ
الحضور، وبين التماثل الصوتي للألفاظ وفق مبدإ الغياب. ورغم هذا، فإن
" قراءة " هارتمان إن لم تكن مقنعة، فهي على الأقل مغرية.
إن هارتمان لا يشير إلى أن وورد
زورث كان يرمي إلى إنتاج هذه التداعيات، فالبحث عن نوايا المؤلف لا
موقع له ضمن مبادئ هارتمان النقدية. وما يود هارتمان قوله، هو أن من
حق القارئ العنيد أن يجد في النص ما يصبو إليه، لأن النص يحتوي على
مجمل هذه التداعيات، وربما أيضا لأن الشاعر( ربما لاشعوريا ) أراد أن
يخلق تنويعا للثيمة الرئيسة. وإذا لم يكن الأمر خاصا بالمؤلف، فلنقل
إن اللغة هي المسؤولة عن هذا الوقع.
وفي جميع الحالات، فإن الأمر يخص
ووردزورث أيضا. فرغم غياب ما يوحي بالقبر والدموع، فليس هناك ما يمنع
من الإحالة عليهما. إن "القبر" و"الدموع" لفظان يحتويهما نفس الحقل
الدلالي من حيث مبدأ الحضور. إن قراءة هارتمان لا تخالف مظاهر النص
المرئية، ولهذا يمكن القول إن تأويله تأويل مطاطي ولكنه ليس تأويلا
عبثيا. وقد تكون الشواهد على ذلك ضعيفة، إلا أن هناك ما يثبتها داخل
النص.
من الممكن، من الناحية النظرية،
أن نبتكر نسقا يجعل من الأمارات أمرا مقبولا، وبدونه فإنها ستظل
متناثرة وبدون رابط. ومع ذلك هناك دائما، في حالة النصوص، حجة واحدة
على الأقل تعود إلى إمكانية عزل تناظر(9) دلالي ملائم. والتناظر عند
گريماص هو : > سلسلة من المقولات الدلالية التي نقرأ النص من خلالها
قراءة منسجمة < ( Greimas , Du sens p 88 ) . إن أفصح مثال على ذلك،
وربما أكثرها عبثا هو المثال التالي : في حفل استقبال كان هناك
صديقان يتجاذبان أطراف الحديث، فقد أُعجب الأول بالبوفيه وبالخدمات
ولطافة المستقبلين وجمال النساء وخاصة بالطابع الرفيع ل toilette
المقصود ملابس النساء ]. فأجاب الثاني أنه لم يذهب إلى المراحيض. إن
الأمر يتعلق بفكاهة، فنحن نضحك من موقف الصديق الثاني الذي رأى في
الكلمة الفرنسية toilette، وهي كلمة متعددة المعاني، ما يحيل على
المراحيض، وليس ما يريده الصديق الأول أي الملابس والأناقة. لقد كان
الصديق الثاني مخطئا، فالحديث في كليته كان يدور حول حدث اجتماعي
وليس قضية ترصيص الصنابير.
إن أول ما نقوم به للكشف عن تناظر
دلالي ما هو النظر في ثيمة الخطاب. وبمجرد ما ندرك فحوى هذه الثيمة،
فإن التعرف على تناظر دلالي قار سيكون هو الدليل النصي على " الغاية
" الفعلية لهذا الخطاب. ( Eco : Lector in fabula , pp 117 - 129 ).
فلو أن الصديق الثاني استنتج أن صديقه يتحدث عن مجموعة من المظاهر
الخاصة بحدث اجتماعي، لكان بإمكانه إدراك أن اللكسيم " toilette" يجب
أن يؤول وفق هذه الفرضية.
إن تحديد مضمون خطاب ما يشكل
موقفا تأويليا. إلا أن السياق يجعل من هذا الموقف أقل يقينا من ذاك
الذي يعود إلى الأحمر والأسود في طاولة الروليت. إن تأويل هارتمان
المأتمي يتميز بكونه يراهن على تناظر ثابت. إن المراهنة على تناظر ما
يشكل بالتأكيد معيارا للتأويل، ولكن ذلك في حدود عدم تضخيم الطابع
المولد للتناظرات فقط. وهذا المبدأ يصدق أيضا على الاستعارات.
فالحصول على استعارة ما يتم عبراستبدال تعبير بتعبير آخر على أساس
وجود سمة أو سمات مضمونية مشتركة بين التعبيرين : إن "أشيل أسد" لأنه
يشترك معه في الشجاعة والزهو، ولهذا فإننا نرفض الاستعارة التالية :
" أشيل بطة " رغم أن هناك ما يبررها، فأشيل والبطة كلاهما من فصيلة
الكائنات ذات قائمين. فالكائنات التي لها نفس شجاعة أشيل والأسد
قليلة، أما الكائنات التي تمشي على قائمين مثل أشيل والبطة فعددها لا
يحصى. إن أهمية التماثل والتناظر، أيا كان وضعهما الإبستمولوجي، تأتي
من طابعهما الاستثنائي، ولو تعلق الأمر فقط ببعض الصفات. إن تناظرا
يربط بين أشيل وساعة الحائط بحكم أنهما شيئان تناظر لا أهمية له.
لقد انصب السجال القديم على الكشف
في نص ما إما على ما يود الكاتب قوله، وإما على ما يود النص قوله في
استقلال عن نوايا الكاتب. إن الطرف الثاني داخل المعادلة هو الذي
يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كان ما سيتم الكشف عنه يتطابق مع ما
يقوله النص استنادا إلى وجود انسجام نصي، ووجود نسق دلالي أصلي،
أويعود إلى نسق الانتظار الخاص بالقارئ.
من الواضح أنني أحاول أن أحافظ
على رابط دياليكتيكي بين قصدية النص وقصدية القارئ. إلا أن المشكلة
تكمن في أننا إذا كنا نعرف بالضبط ماذا نقصد بقصدية القارئ، فإننا لا
نستطيع إعطاء تحديد تجريدي لمقولة قصدية النص. فقصدية النص ليست
معطاة بشكل مباشر، وحتى إذا حدث وكانت كذلك، فستكون شبيهة في هذا بـ
" الرسالة المسروقة ". فرؤيتها، محكومة بإرادة الرائي. وهكذا إذا كان
بالإمكان الحديث عن قصدية النص، فإن ذلك مرتبط بتخمينات القارئ. إن
مبادرة القارئ تعود أساسا إلى قدرته على تقديم تخمين يخص النص.
إن النص جهاز يراد منه إنتاج قارئ
نموذجي. إن هذا القارئ، وأكرر ذلك، ليس هو ذلك الذي يقوم بتخمينات
نقول عنها إنها وحدها التخمينات الصحيحة. فقد يكون بإمكان نص ما أن
يتصور قارئا نموذجيا قادرا على الإتيان بتخمينات لا نهائية. إن
القارئ المحسوس هو مجرد ممثل يقوم بتخمينات تخص نوعية القارئ
النموذجي الذي يفترضه النص.
فإذا كانت قصدية النص تكمن أساسا
في إنتاج قارئ نموذجي قادر على الإتيان بتخمينات تخص هذا القارئ، فإن
مبادرة هذا القارئ تكمن في تصور كاتب نموذجي- لا يشبه في شيء الكاتب
المحسوس بل يتطابق مع استراتيجية النص.
وبناء عليه، فإن النص ليس مجرد
أداة تستعمل للتصديق على تأويل ما، بل هو موضوع يقوم التأويل ببنائه
ضمن حركة دائرية تقود إلى التصديق على هذا التأويل من خلال ما تتم
صياغته باعتباره نتيجة لهذه الحركة. ولا أشعر بأي خجل في القول بأن
ما أحدده هنا يعود إلى الدائرة القديمة والصالحة دائما : " الدائرة
الهرمنطيقية ".
إن التعرف على قصدية النص هو
التعرف على استراتيجية سميائية. وقد يتم التعرف على الاستراتيجية
السميائية أحيانا انطلاقا من أسس أسلوبية متداولة. فبمجرد ما نستمع
إلى قصة تبدأ بـ " كان يا مكان "، فإننا سندرك أن الأمر يتعلق بحكاية
خرافية قارؤها النموذجي سيكون طفلا ( أو رجل يرغب في تقمص ردود أفعال
صبيانية ). قد يتعلق الأمر، بطبيعة الحال، بحالة من حالات السخرية،
وسيقرأ النص بعد ذلك قراءة عالمة. وفي هذه الحالة، كان علي أن أعترف
بأن النص يوهمني بأنه يبدأ بداية خرافية.
كيف يمكن الوصول إلى حدس خاص
بقصدية النص ( intentio operis) ؟ إن السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك
هو إخضاع هذه القصدية لسلطة النص باعتباره كلا منسجما. إن هذه الفكرة
قديمة جدا. إنها تعود إلى أوغستين ( de doctrina christiana ) : إن
كل تأويل يعطى لجزئية نصية ما يجب أن يثبته جزء آخر من النص نفسه،
وإلا فإن هذا التأويل لا قيمة له. وبهذا المعنى، فإن الانسجام
الداخلي للنص هو الرقيب على مسيرات القارئ. وبغير ذلك لا يمكن التحكم
في مصيرها. ولقد أثار بورجيس ( وهو يتحدث عن شخصيته بيير مينار ) أنه
من المثير أن نقرأ " محاكاة المسيح " l'imitation du christ (10) كما
لو أن سيلين Céline هو كاتبها. إن اللعبة مغرية وقد تكون مجدية
ثقافيا. ولقد حاولت القيام بذلك، واكتشفت ملفوظات كان من الممكن أن
يكون كاتبها هو سيلين : > إن الرضى مرتبط بالأشياء الدنيئة، فهو لا
يتقزز من الأشياء الشائكة، ويحب الملابس القذرة <. إلا أن قراءة من
هذا النوع لا تصدق إلا على عدد محدود من الملفوظات المشكلة لنص
l'imitatio. أما الباقي، وهو ما يشكل الجزء الأكبر من الكتاب، فلا
تصدق عليه هذه القراءة. وفي المقابل إذا قرأت الكتاب انطلاقا من
الموسوعة المسيحية القروسطية، فإن هذا الكتاب سيستعيد انسجامه.
والجدير بالملاحظة أن قصدية
الكاتب الفعلي قد تم تجاهلها كليا ضمن جدلية قصدية القارئ وقصدية
النص. فهل يحق لنا التساؤل عن فحوى القصدية " الحقيقية " لووردزورث
عندما كتب Lucy poems ؟ إن تصوري لتأويل النصوص، باعتبارهذا التأويل
يشكل الكشف عن استراتيجية الغاية منها إنتاج قارئ نموذجي، يعتبر
هوالآخر البديل المثالي للكاتب النموذجي ( باعتباره استراتيجية نصية
فحسب ) يجعل من مقولة قصدية كاتب فعلي أمرا لا أهمية له.
علينا أن نحترم النص دون الكاتب
لذاته أو باعتباره شخصا. ولكن سيكون الأمر فظيعا إذا نحن أقصينا هذا
الكاتب المسكين باعتباره شيئا لا موقع له داخل تاريخ التأويل. فهناك
حالات، داخل سيرورة الإبلاغ، يصبح التعرف فيها على نوايا المتكلم
أمرا في غاية الأهمية كما هوالحال في التواصل اليومي. إن جملة واردة
في رسالة مجهولة " إني سعيد " قد تحيل على عدد هائل من الذوات التي
تعتقد أنها ليست حزينة، ولكني أنا الذي قمت في هذه اللحظة بالضبط
بالنطق بهذه الجملة " أنا سعيد". وبناء عليه، فمن المؤكد أن قصدي هو
القول إنى "أنا" هو هذا السعيد، وليس شخصا آخر، وعليكم أن تفترضوا
هذا الإمكان من أجل إنجاح التواصل بيننا.
فهل بالإمكان، قياسا على هذا، أن
نأخذ في الحسبان حالة تأويل النصوص المكتوبة التي يقوم كاتبها
الحقيقي بالاحتجاج قائلا : " لا ، لم أكن أقصد ذلك " ، وهذا ما سيشكل
موضوع محاضرتي الآتية.
هوامش ( المترجم )
* إبدال : paradigme
** الذهان Paranoia والمصاب بالذهان هو paranoiaque
1- ptolemée فلكي وعالم رياضيات وجغرافي يوناني توفي حوالي 168 بعد
ميلاد المسيح . من كتبه La composition mathématiqque . ولقد درس
حركة الكواكب والنجوم وقدم في هذا الشأن تصورات علمية هامة.
2- لقد تبنينا فيترجمتنا لكلمة oxymore لفظة "الضديدة" التي
يقترحهاعبدالسلام المسدي في قاموسه. والضديدة تعني تركيب للفظين
متناقضين : "النهارالمظلم" ، أو " الليل المضيء".
3-convivio : ويعني بالفرنسية Le banquet وهو كتاب من الكتب الهامة
التي ألفها دانتي ، الشاعر الإيطالي الشهير الذي عاش في النصف الثاني
من القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر. والكتاب عبارة عن
دراسة فلسفية عميقة يعرض من خلالها لحكمته وتأمله الفلسفي
4- acrostiches نوع من الصناعة الشعرية يهدف من خلالها الشاعر إلى
تكوين اسم " المحبوب" من خلال الحرف الأول لكل بيت.
5- gibeline مشتقة من Weibelingen الذي عين امبراطورا على ألمانيا
سنة 1138. وتطلق في إيطاليا على مناصري أمبراطور ألمانيا
6- rosicrucienne التي نترجمها بشكل تقريبي ب " وردة الصليب " ، تشير
إلى ثيمة رمزية موغلة في القدم . فبالإضافة إلى رمزية الوردة في
الفكر الغربي، فإنها تسند، في السياق الذي يتحدث عنه إيكو وكالر، إلى
الصليب . فهي " في الإقونوغرافيا المسيحية تشير إما إلى : الكأس الذي
سيوضع فيه دم المسيح، وإما إلى تجلي قطرات هذا الدم، وإما إلى جروح
السيد المسيح " انظر J Chevalier - A Gheerbrant : Dictionnaire des
symboles. إن هذه الرمزية هي أساس التأويل الذي يقوم به روسيتي
لأعمال دانتي . فوجودrosa candida في الكوميديا الإلهية سيدفع روسيتي
إلي البحث عن مجموعة من الموتيفات التي يمكن أن تؤكد تأثر دانتي
بتقاليد ماسونية أو غيرها.
7- Apulée كاتب لاتيني من أصل إفريقي ( 170 بعد ميلاد المسيح ). سافر
إلى أثينا طلبا للفصاحة ليصبح هناك أفلاطونيا، ليتركها بعد ذلك ليجوب
آسيا رغبة في الاستئناس بطقوسها ورغبة في معرفة " أسرارالأشياء" .
وسيعود إلى قرطاج - حيث ولد- ليصبح أحد فصحائها وبلاغييها . من أهم
ما كتب : Les metamorphoses.
8- Cecco d'Ascoli كاتب وفلكي إيطالي عاش في النصف الثاني من القرن
الثالث عشر والنصف الأول من القرن الرابع عشر. لقد أحرق في فلورانسا
سنة 1327 بتهمة الهرطقة استنادا إلى الأفكار الواردة في قصيدته
الموسوعية Acerba.
9- نقترح كلمة تناظر كمقابل للكلمة الفرنسية isotopie والتناظر هو
مجموعة من الوحدات الدلالية التي تمكن من قراءة نص ما قراءة منسجمة.
10- l'imitation du christ
-
|