معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

مؤلفــات بطاقة تعريــف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

 

ادريس جبري

في سيمياء الشخصية والجسد : مـدخل لـقـراءة أعـمال سعـيد بنـكراد

مجلة : فكر ونقد ، العدد العدد 58 2004

توطئة : عن واقع نقد الخطاب السردي العربي

كثيرة هي الكتب والدراسات والأبحاث التي تناولت النص الروائي العربي  بالمتابعة والتحليل والنقد والقراءة .ومختلفة كذلك هي زوايا النظر التي اعُتمدت في مقاربة هذا النص.بل ومتنوعة أيضًا هي المناهج والمفاهيم والمقولات التي وُظفت لهذا الغرض. ولذلك كان من الطبيعي أن يأتي الخطاب النقدي العربي حول النص الروائي متعددًا إلى حد يحتار معه القارئ في رصد الخيوط الناظمة لأنواع هذه القراءات والمقاربات، ومظاهر تميزها ودرجة فرادتها...

وهكذا نجد في الساحة النقدية المغربية منها والعربية على حد سواء، رواجًا كبيرًا لبعض الخطابات النقدية في مجال الرواية، يغلب عليها إما طابع "الحذلقة"  Bricolage ،بمعناها السلبي، إذ تفتقر إلى الرؤية المنهاجية الواضحة وإلى تحديد المفاهيم والمقولات والإلمام بخلفياتها العلمية والفلسفية والأيديولوجية، مما يسمها، في الغالب الأعم،بالارتجال و"الادعاء"،ويفوت عليها بالتالي فُرصة الإلمام بالصنعة وإدراك أسرارها... وإما طابع الاحتراف الأكاديمي الصرف، مما يجعل القارئ يتيه في المفاهيم والمقولات السردية بشكل يبعث على التساؤل،عّما إذا كانت دراسة هؤلاء الدارسين تهدف إلى تجريب وتطبيق تلك المناهج والمفاهيم على متن روائي تجريبًا وتطبيقًا يحّولان المقاربة إلى ضرب من المعميات والمتاهات، ويضفي المصداقية على المناهج وما يرتبط بها ... تضيع معها خصوصيات النص السردي، حيث يغيب فيه المعنى باعتباره مستهَلَكه الثقافي والأيديولوجي والقيمي...

ونظراً لهيمنة هذا النوع الأخير من القراءات الذي حّول بعض الدراسات، إن لم يكن معظمها، في مجال الدرس الروائي العربي إلى" تمارين تطبيقية" – استعراضية وآلية خالية من "الحياة" أحيانا- لمقولات سردية أو غير سردية، تنتمي تارة إلى معجم Todorov وتارة إلى سجل  Genetteوتارة أخرى إلى مرجعية  Hamon أو غيرهم...

وقد ظلت مفاهيم ومقولات هذه التيارات السردية مسيطرة على الخطاب النقدي السردي عموما،لمدة طويلة صارت معها متكلسة ونمطية.إذ لا نجد، في غالب الأحيان، قراءة في الخطاب السردي خال من [الرؤية من خلف] أو [من الرؤية من الداخل] أو [الرؤية مع] ،أو مقولات من قبيل [الزمن الصاعد] و[الزمن النازل] أو [الحكي من الخارج] Heterodiegitique أو [الحكي من الداخل] Homodiegtique...إلخ. وهي الظاهرة التي سبق أن هيمنت على الخطاب النقدي والتربوي بفرنسا مع مطلع ستينيات القرن الماضي، بشهادة الباحث الفرنسي A.Compagnon في كتاب متميز له حول نظرية الأدب لما قال : " إن  أي مرشح(= في امتحان أكاديمي أو مبارة تربوية) إن لم يستطيع أن يحدد بداية النص الذي تحت عينيه ،هل هو داخل"Homo  أو خارج الحكي Heterodiegitique فردي أو مكرر Iteratif ، بؤرته داخلية أو خارجية لن ُيكتب له النجاح[1]"( = في امتحان أو مبارة).

 وهي نفس الظاهرة التي اكتسحت الخطاب النقدي والتربوي أيضاً في المدرسة والجامعة المغربيتين في السنوات الأخيرة من القرن الفائت، وما تزال آثارها ماثلة حتى هذه اللحظة،وإن بدرجة أقل. فالطالب أو المترشح الذي لم يتمكن من معرفة المفاهيم السردية أعلاه أو ما في شاكلتها،والذي لا يقدر على استيعابها وتمّثلها واستخراجها في نص من النصوص السردية،أو تطبيقها عليها، َيحُكم على نفسه  في امتحان أو مبارة ما بالفشل الحتمي .

وبالطبع، يمكن تفسير هذا الاهتمام الكبير بما يعرف بالسرديات البنيوية في الحقل النقدي المغربي بالخصوص،بإحساس الدارسين بالحاجة لإعادة الاعتبار للمكونات النصية والجمالية، ضدًا على القراءات "الأيديولوجية" والانطباعية والاسقاطية التي كانت سائدة لمدة طويلة، إلى درجة لم يسلم منها، بدرجة أو بأخرى،باحث أو دارس في هذا المجال.وعلى هذا الأساس كانت تتم قراءة الخطاب الروائي العربي والمغربي بوجه خاص، وعليه كان يتم  التفاوت بين خطاب نقدي وآخر، وكان يتم التفاضل بين الباحثين، مما فوت على هذا النوع من القراءات إبراز خصوصيات النص السردي، وبالدرجة الأولى مساءلة أشكاله وعلاماته، ومحاصرة مُستهلكه الثقافي والقيمي …

وهذه هي منطقة الظل التي سيقتحمها الأستاذ سعيد بنكراد في قراءته للخطاب الروائي والثقافي. وقد ارتادها الباحث بجرأة الواثق من عدته وعتاده المنهجي، ومن جهاز مفاهيمي ينتمي إلى حقل السيميائيات السردية والثقافية المعاصرة، لكن، بلمسات و"تخريجات بنَكرادية " ُتكّسر صرامة تلك المفاهيم والمقولات وتضفي عليها طابع النسبية و"الليونة" لأن مجالها مجال الإنسان/ الشخصية وحرارة الجسد، وهو ما سيتضح عبر ما سيأتي  من الصفحات .

1-  في نقد الكتابة التقليدية والبحث عن موقع جديد :

ُيعد الأستاذ سعيد بنكراد أحد الأسماء الرائدة في المشهد الثقافي المغربي، إذ بدأ منذ أوائل الثمانينيات يرسم ملامحه الخاصة كباحث في مجال السرديات والسيميائيات وفي ميدان رصد المعنى أنى وجد( في النص اللغوي وغير اللغوي) وكيفما وُجد: في النص والعلامات وفي الصور والأشكال...

وقد استطاع الباحث بالفعل أن ُيساهم مساهمة لها قيمتها الملموسة، سواء في "ترويج" الدرس السيميائي والسردي بالمغرب[2]،وتكييفه مع خصوصيات النص المحلي،أو في تطويع مفاهيمه وضبط مصطلحاته بما يحفظ للجملة العربية سلامتها ودقتها.علاوة على ترسيخ قيم علمية وأخلاقية وتربوية في مجال البحث العلمي والإنساني بالدفاع المستميت والراسخ عن قيم حرية الطالب/ الإنسان [3] واحترام إرادته. الشيء الذي رسخته دروسه وكرسته محاضراته، إذ َنحت منحى جديدا يزاحم،بل ويحاصر ما كان مترسخًا من المناهج النقدية التقليدية،ويقوض مفعولها،ويحد من انتشارها،وممّا علق بها من عقليات تقليدية محافظة. وقد كان لكل ذلك آثاره العلمية الواضحة، لما تحمل عبء تعريب و"ترويج" مفاهيم نقدية وكتابية جديدة ، بالخصوص في ميدان السميائيات والسميائيات السردية التي بدأت تبحث لها في ذلك الوقت عن موطئ قدم في الجامعة المغربية.

في هذا الاتجاه بدأ الأستاذ بنكراد يحفر نفقه الصعب ليخترق " صخور" المناهج التقليدية ويزعزع اقتناع أصحابها وحوارييها حول النص الأدبي والسردي على وجه التحديد، بل ونظرتهم للعالم والإنسان والوجود. ويمكن أن نعتبر ترجمته لكتاب PH.Hamon المعنون ب:سيميولوجية الشخصيات الروائية، سنة 1990، أولى لبنات هذا الصرح الأكاديمي الذي يروم الباحث تشييده لينشئ له موقعًا، هو موقعه، في الخريطة الثقافية المغربية والعربية.

يقول الأستاذ عبد الفتاح كيليطو وهو يقدم لهذه الترجمة ما نصه " إن دراسة فيليب آمون PH.Hamon المتعلقة بالوضع السيميولوجي للشخصية، لم تفقد أهميتها وما زالت لمن يقرأها اليوم تتسم بالنضج والعمق والرونق والحيوية [4] ".وطبعا ستكون لترجمة هذا الكتاب آثارها البارزة فيما يأتي من كتابات الأستاذ بنكراد، وبالخصوص في كتبه: شخصيات النص السردي- البناء الثقافي – سنة 1994، وكتابه الموالي:مدخل إلى السميائيات السردية [5]، في نفس السنة. ثم كتابه : النص السردي، نحو سيميائيات للأيديولوجية، سنة 1996.فضلا على مقالات مطولة على صفحات مجلة علامات [6] التي يديرها ويتخذها منبرًا "ثقافياً" وأكاديميًا إشعاعياً لترسيخ الفكر السيميائي العلائمي ورصد المعنى حيثما كان، انطلاقاً من اقتناع مفاده أن النص السردي والروائي منه بوجه خاص، هو تجسيد للمعنى عبر مكونات العالم الروائي، من شخصية وفضاء وزمان ووصف... وكل ما يؤثث الكون الروائي.

من هذه الزاوية،سنعمل في هذه الدراسة على إبراز خصوصيات قراءة الأستاذ بنكراد للنص السردي العربي، وللنص الثقافي على العموم، لا سيما وأنه حقق تراكمًا معرفيًا نظريًا وتطبيقيًا في هذا المجال ُيسعف الدارس على رصد ملامح هذه القراءة وفتوحاتها النقدية والقرائية، وتعيين خصوصياتها و" تفردها" .

ومتى تقرّر هذا،أمكن لنا بعد ذلك أن ننطلق في هذه الدراسة من مفهوم الشخصية كمفهوم سيميائي اعتمده الباحث لمقاربة رواية: الشراع والعاصفة، للروائي السوري حنا مينه،ومن مفهوم الجسد كعلامة سيمائية "لاستنطاق" رواية: الضوء الهارب، للروائي المغربي محمد برادة .ويأتي تركيزنا على الشخصية في بعدها الثقافي وعلى الجسد في تجلياته الإيديولوجية، باعتبارهما بؤرتين يتمحور حولهما كتابا: شخصيات النص السردي– البناء الثقافي، والنص السردي: نحو سيميائيات الإيديولوجيا.بل ولكون الشخصية والجسد مفهومين ناظمين للنصيين السرديين لكل من حنا مينه ومحمد برادة . ذلك ما ستتضح معالمه في الفقرات الموالية :

2- الشخصية الروائية بين النص الثقافي وبناء المعنى :

         ينطلق الأستاذ بنكراد في مقاربته للنص السردي من بنائه الثقافي،وغايته في ذلك هو العمل على تصفية الحساب مع تلك الدراسات والقراءات التقليدية السائدة التي تختزل مقاربتها للشخصية في النص السردي إلى ُبعد سيكولوجي أو سوسيولوجي ...إلخ،مما يجعلها تبحث لهذه الشخصية التي تتحرك في عالم خيالي على معادل موضوعي لها في العالم الواقعي.وهي الظاهرة التي أطلق عليها Barthes " الوهم المرجعي [7]". ولا غرابة في ذلك، إذا علمنا أن هذا البّحاثة الفرنسي كان على الدوام ينعت الشخصيات السردية ل"كائنات من ورق" لا تحيل إلا على ذاوتها، وعلى موقعها داخل الكون السردي.

غير أنه تدارك الأمر في كتابه :S/Z لما بدأ يتحدث عن السنن الثقافي ودوره في تحديد طبيعة الشخصية وسماتها.ولهذا فأي خرق للسنن الثقافي لأمة من الأمم " قد يكون مصيره الموت[8]".وهي الفرضية التي انطلق منها الأستاذ بنكراد ودافع عنها في مقاربته للشخصية في النص الروائي العربي، لّما ركز على البناء الثقافي باعتباره مرجعاً له أهميته وفعاليته الإجرائية.

والحديث عن البناء الثقافي في النص السردي معناه ارتباط الشخصية بالعالم الخارجي الواقعي،لكن، ليس ارتباطا سيكولوجيًا أو سوسيولوجيًا أو حتى كمعادلات موضوعية لما في الواقع، ولكن بالأساس، ك"وسائط ثقافية" بين العالم الواقعي وعالم الممكنات بتعبير E.Eco باعتباره بناءاً ثقافيًا وتكثيفًا للتجربة الواقعية بكل تحويلاتها وتلويناتها .

        من هذا المنظور، حاول الأستاذ بنكراد أن ُيعيد الاعتبار لمفهوم الشخصية في النص الروائي  ليس كدال لغوي وحسب، بل وباعتبارها مدلولا ثقافيًا أيضاً، وبؤرة جذب لكل القيم الثقافية المنتشرة في ثنايا النص السردي. ذلك أنه من المتعذر إدراك الزمن أو الفضاء، على سبيل المثال، دون التركيز على الشخصية كُبعد ثقافي تتحرك في الفضاء وتجوب الزمن وتنشئ عوالمها الممكنة...

بهذا يكون الأستاذ بنكراد  قد تجاوز أطروحات الشكلانيين الروس أنفسهم الذين بفضلهم حققت نظريات السرد تطورا هائلا، بل وحقّق "القطيعة المعرفية" مع السائد من مقاربات النص السردي، حيث تجاوز بموجبها بعض أطروحات السرديات البنيوية الصرف، التي تحولت على أيدي كثير من الدارسين العرب والباحثين المغاربة على حد سواء، إلى "تمارين تطبيقية جافة" بلا روح ولا حياة، تركز على مكونات النص السردي في تعال عن الواقع، وتغض الطرف عن أبعاده الثقافية وخلفياته الأيديولوجية وتعتبرها من سقط المتاع، بحجة أو بأخرى .

في ظل هذا السائد من الدراسات وهيمنة هذا النوع من المقاربات فتح الأستاذ بنكراد جبهة جديدة لمقاربة الشخصية على أسس نظرية ومعرفية تنتمي إلى التراث النظري عند Lotman    وGreimas وEco  وغيرهم،مع ضرورة الإشارة إلى تأويلات الباحث ومبادراته الخاصة في تلوين المفاهيم والمقولات المستعملة لاسيما مفاهيم السميائيات الأيديولوجية. وهو الأمر الذي ميز هذه القراءة ووسمها بميسم لا تعدو أن تكون معه إلا " تخريجات بنكرادية ".

       ويبدو أن كل قراءة سيميائية، أو تتبنى السيميائيات بمختلف أشكالها،هي قراءة مغرضة بامتياز.بمعنى أنها قراءة ُتقارب النصوص والعلامات والرموز...مقاربة ُمبيتة تقوم على نقد كل الأشكال والعلامات والأنساق اللغوية وغير اللغوية الظاهرة منها والمضمرة، وهي تروم البحث عن المعنى أنى وجد وكيفما وجد، " بعيدا عن أية نظرة ميتافيزيقة أو مثالية .فإما أن تكون السيميائيات نقدا للواقع ولنفسها ، باعتبارها جزءا من هذا الواقع ، وإما ألا تكون[9]".

إن الهّم الذي ُيحرك السيميائي  وُيوجهه، من هذه الناحية، هو المعنى وإنتاج المعنى في جدلية الواقع والمجتمع والثقافة والأيديولوجيا التي تؤطر هذا المجتمع وتوفر له العدة الرمزية واللغوية. أي ذاكرة ثقافية تحكم تصوره للعالم والإنسان وللحياة والموت...وهذا ما يفسر ذلك الترابط الجدلي بين الثقافة - بمفهومها العام - والمعنى وإنتاج المعنى بل واستهلاكه كذلك. " بهذا المعنى تكون السيميوطيقا تعرية للأيديولوجية ونقدا لها وفضحًا للبرمجة الاجتماعية للسلوك الإنساني .إن السيميوطيقا علم ينتقد ميتافيزيقا الدليل ويحرر  الدليل من الاستيلاب ويكشف عن الأخبار الصادقة ويبنينه ويخلق المعنى المنفلت من إسار الأيديولوجية .بذلك تكون هذه السيميوطيقا إنسانية المنزع باعتبارها نظرية الإنسان والتاريخ  [10] ".

وبناء عليه ،يظل "سوء النية" لصيقاً بالباحث السيميائي بل وملازماً له.وبالطبع، لا نخال في هذا السياق دارسًا سيميائيًا، أو باحثاً يستعين ب"خدمات السميائيات، مجرداً من سوء النية، بمعناها الإيجابي.ومتى تقرر هذا، اتضح أنه لا يمارس قراءته للنصوص اللغوية وغير اللغوية(الأشكال والرموز والصور...) إلا  انطلاقاً من هذه الزاوية، وبتوجيه من هذا الاقتناع .

فالمعنى ضالة الباحث السيميائي. ولذلك فبمنأى عن المعنى وإنتاج المعنى، قد يبطل مفعول السيميائيات في بُعدها الإنساني .فكل النصوص والعلامات  والأشياء والأشكال اللغوية وغير اللغوية ... وتتضمن معنى ما أو معان ما، قد تبوح بها وقد تسكت عنها. وتظل مهمة الباحث السيميائي في هذا المجال، رهينة بمدى قدرته على استخراج هذا المعنى وإنتاجه، بل واستنطاقه وتكليمه... لتحديد مدى نزوعه الإنساني أو غير الإنساني( الاستيلاب والوعي الزائف). فكل ما يقع تحت يدي السيميائي من نصوص وعلامات وأنساق لغوية وغير لغوية، متهم حتى يثبت اتهامه من جديد...

وتلك هي الاستراتيجية العامة المتحكمة في قراءة الأستاذ سعيد بنكراد للنص السردي العربي، وتلك هي الرؤية التي توجه قراءته تلك، وتحدد مسارها .

ولذلك فقد كان همه وهو ينجز قراءته لرواية : الشراع والعاصفة لحنا مينه ، أن يبرز ذلك الترابط الوثيق والجدل القائم بين الشخصية في الرواية والثقافة التي تحتضنها وتروج لها . يقول الأستاذ بنكراد في هذا الصدد :" فالشخصية عندما تمثل أمامنا على شكل وحدات مرئية داخل النص السردي، لا يمكن أن تكون إلا ثقافية. فهي ثقافية في نمط ظهورها وثقافية في لباسها وثقافية في حركاتها وثقافية في نوعية العلاقة التي تنسجها مع الشخصيات الأخرى. وباختصار، فإنها حصيلة تجارب جماعية [11]".

لقد تشبع الأستاذ بنكراد بمفاهيم ومقولات وأدوات السيميائيات الثقافية، وتمكن من إدراك أسرارها وتمثل خلفياتها المعرفية والأيديولوجية . وهكذا نجده في قراءته لرواية: الشراع والعاصفة،يستعين بجهاز مفاهيمي ُيحيل على مرجعية روسية أحيانا وإيطالية أحيانا أخرى، مستحضراً بالدرجة الأولى على اجتهادات كل من Lotman و Eco.

فشخصية محمد بن زهدي الطروسي، هو أحد الشخوص الرئيسية في النص الروائي، فَقد مركبه في البحر على إثر عاصفة هوجاء. وعاد إلى الشاطئ / البر ليتحول من بحار إلى قهوجي. وفي انتظار أمل العودة من جديد إلى البحر، تعرف الطروسي على شخصية  الأستاذ كامل .ذلك المناضل الماركسي الملتزم. وطبعا عبر هذه الشخصية سيعرف الطروسي تحولا حاسما في حياته الخاصة والعامة، إذ سينتظم في العمل السياسي لمواجهة الاستعمار الفرنسي في سوريا .وبعد الحرب العالمية الثانية، وبفعل تحولات كبرى وعلى مستويات مختلفة، سيعود الطروسي مرة أخرى إلى البحر على ظهر مركب جديد  وبتصورات جديدة .

فشخصية الطروسي، سواء على مستوى القصة أو الفعل السردي، هي شخصية محورية في النص الروائي، إلا أنها لا تكتسي أهميتها ودلالاتها في ذاتها، بل تكتسيها في علاقاتها مع باقي الشخصيات المكونة للنص الروائي .وبطبيعة الحال، هناك فئتين من الشخوص تتقاسم أحداث الرواية : فئة يوحدها الانتماء الطبقي ( الفقر ) والمهني ( البحارة ) . وهم فئة الشعب العريضة من أمثال كامل وأبو حميد وخليل العريان...ثم فئة تشترك في قيمة التسلط والاستغلال من أمثال شخصية أبو ريشة ونديم مظهر وصالح بن برو...وكان من الطبيعي والحال هذه ،أن يشتد الصراع بين هاتين الفئتين على مستويات مختلفة : على مستوى القيم الثقافية والأيديولوجية ...

وهكذا، يتشكل المسار السردي العام للرواية من تقابلات بين شخصية الطروسي/فئة المغتربين، وبين فئة المستحمين العابرين، كما يسميهم السارد. وحرمان هذه الفئة من الأسماء والاكتفاء بالصفة،حسب ما يذهب إليه الأستاذ بنكراد، يعني تفضيل الفئة الأولى عن الثانية وتحديد قدرها المستقبلي .

فالفئة الثانية كثلة غير محددة الملامح والمعالم، ولا يمكن أن ُتدرك إلا من خلال شخصية الطروسي " كاسم علم متفرد في الظهور والفعل والقدرة [12] ".وهو كذلك متفرد في عشقه للبحر.هنا مصدر حزنه الشديد لما غرق مركبه / المنصورة في البحر، واضطر كرها ليتخلى على هويته كبحار ويتحول إلى قهوجي في البر. وهو ما تعبر عنه الرواية بعبارة صريحة وقوية:" ما أصعب أن يتخلى الإنسان عن مهنته لزوال مهنة أخرى؟ البحار يصبح قهوجيا ؟[13]"

في فضاء المقهى سيتعرف الطروسي على شخصية الأستاذ كامل.هذه الشخصية التي لا تشير إليها الرواية إلا في إحساسها بالظلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأيديولوجي .وهو مبرر كاف ومُقنع لينتمي إلى أيديولوجية ثورية، تشكل الخلاص أو الأمل في الانعتاق الفردي فالجماعي .ولذلك سلك استراتيجية الاستقطاب لبعض الشخوص التي تتردد على مقهى الطروسي. وقد كان هذا الأخير أول وأهم وأسهل شخصية استقطبها الأستاذ كامل .والسر في ذلك ببساطة، هو ذلك التجاوب التام بين أفعال شخصية الطروسي ومعرفة الأستاذ كامل. فقد تحقق بينهما انسجام وتجاوب تامين، أحدهما يكمل الآخر وإن كان بينهما تقاطع في الفعل والقول. وهي الخلاصة التي أكدها الأستاذ بنكراد في قوله :" فكل حركة وكل فعل صادر عن الطروسي ، يجد له صدى في عالم المعرفة الذي يمثله الأستاذ كامل  [14]".

بعبارة أخرى،فإن رواية الشراع والعاصفة ، عادة ما تقدم لنا شخصية الطروسي من خلال قيم أصيلة وكونية ( الرجولة، الشهامة، الشجاعة، التضحية...).فقيم الطروسي الأخلاقية في الواقع، كقيم فردية، هي في الأصل الوجه الآخر لقيم الشعب أو الجماعة التي يدعو إليها الأستاذ كامل . نقرأ في الرواية ما يؤكد هذا المنحى فيما نصه :" صدق الأستاذ كامل:القضية ليست قضية فرد.بل قضية مجتمع. ينبغي إصلاح المجتمع[15]". فشخصية الطروسي تفعل وتملك الفعل ، لكنها تفتقد إلى الخلفية النظرية والمعرفية، في حين تملك شخصية الأستاذ كامل المعرفة كجهاز نظري وأيديولوجي، فيما ينقصها الفعل.

بهذا المعنى، فشخصية الطروسي هي التجسيد الفعلي والمثالي للجهاز النظري والأيديولوجي الذي تمتلكه شخصية الأستاذ كامل وتدعو إليه وتناضل من أجله . ذلك "أن الأيديولوجيا لا يمكنها أن توجد إلا في جهاز يمنحها بعدها المتجذر في الممارسة[16]". فالطروسي هو الممارس الفعلي والمجسد العملي لهذه الأيديولوجية التي تبناها الأستاذ كامل في قمة صفائها وكمالها ونقائها. في مقابل هذا فالأستاذ كامل يمتلك خطابا أيديولوجيًا متعاليًا وسابقًا عن النص السردي لأنه الحامل الكامل والمكتمل للقيم المجردة العليا( الصدق،الخير، الشهامة  التضحية، الحب ...). وبطبيعة الحال، فهي تشكل قيما جاهزة سلفا وخارجة عن أي سياق تاريخي أو جغرافي، لأنها تنتمي إلى ما يطلق عليه كريماص Gréimas ب الأكسيولوجيا [17] Axiologie.

وواضح في رواية الشراع والعاصفة،أن شخصية الطروسي هي التجسيد الفعلي لهذه الأكسيولوجيا والُمحينة لها.إنها "الأيديولوجية المجسدة "، بتعبير ألتوسيرAlthouser ، للخير والحب والكرامة والشهامة ...ضمن وضعيات معينة، سواء في دفاعه عن نفسه أو في إنقاذه لمركب الشختورة، أو أيضا في نقل السلاح للمقاومين ضد الاستعمار الفرنسي أو في تهريب الزعماء.

لقد عرف مسار شخصية الطروسي سلسلة من التحولات(الاستئناس Initiation ) الإيجابية: من الأدنى إلى الأعلى ومن الفردية إلى الجماعية، بل ومن الزيف إلى الحقيقة ومن الرأسمالية إلى الاشتراكية...وهذا ما خلص إليه الأستاذ بنكراد وعبر عنه بعبارة جامعة مانعة في قوله : " إن رواية الشراع والعاصفة بمجموع عناصرها، رحلة من البحر إلى البحر ومن البر إلى البحر. ورحلة من الجهل ( جهل النفس )إلى المعرفة ( معرفة النفس) ومن قضايا الفرد إلى قضايا هموم الجماعة. ومن الارتباط بالطبقة إلى استشراف آفاق الوطن ، ومن الانعزال إلى التفتح .[18]"

وإدراك هذه الحقيقة، لا يمكن أن يتم إلا من خلال المخزون الثقافي المشترك بين المبدع والمتلقي والشخصية في إحدى قنوات تمرير هذا المخزون الثقافي وإنتاج المعنى، وبالتالي فبناء الشخصية في النص السردي ليس بناء اعتباطيا ولا مجانيا .إنه يخضع لإرغامات ثقافية وأيديولوجية وسردية كذلك .

بتعبير آخر، فرواية: الشراع والعاصفة، لحنا مينه هي " إخراج سردي "لجهاز أيديولوجي سابق عن الوجود .وبالضبط للأيديولوجية الماركسية كمعرفة وأيديولوجية عند شخصية الأستاذ كامل، وفي الآن نفسه كتجل فعلي عند شخصية الطروسي.وهذه التجليات والتحققات المتولدة " عن سنن كلي هي التعريف السيميولوجي الذي يمكن أن يعطى للأيديولوجيا[19]".وهي التي عمل الأستاذ بنكراد على ُمساءلتها واستنطاقها ونقدها،انطلاقا من مفهوم الشخصية كعلامة ثقافية في النص السردي.وهي التي سيعمل على رصدها ومحاصرتها في قراءته لرواية : الضوء الهارب للأستاذ محمد برادة ، وذلك من خلال مفهوم الجسد باعتباره علامة ثقافية مركزية تُدافع عن قيم معينة وتنبذ قيماً أخرى، لهذا السبب أو لآخر.

3- تسريد الجسد وتحيين الأيديولوجيا في رواية الضوء الهارب

إذا كان الأستاذ سعيد بنكراد قد قارب مفهوم الشخصية في رواية الشراع والعاصفة لحنا مينه كعلامة سيميائية يجري عليها ما يجري على العلامة السيميائية في طبيعتها ووظيفتها وتكوينها واشتغالها، خاصة في توليد المعنى وتداوله وتصريفه واستهلاكه، فإنه سيحاول  الشيء نفسه كذلك في  مُقاربة رواية الضوء الهارب لمحمد برادة،وإن سيركز على استخراج" القواعد السردية التي تحكمت في بناء الشكل الروائي العام من خلال المشهد الجسدي، باعتباره الركيزة التي يقوم عليها الفعل السردي، والكشف عن الواقع الأيديولوجي من خلال " تسريد "الجسد عبر ثنائية المذكر والمؤنث[20]."

فما هو وجه الاختلاف والائتلاف بين مقاربة الشخصية والجسد في قراءة الأستاذ بنكراد للروايتين معاً؟ وهل العودة إلى معالجة الأيديولوجية في عصر ما أصبح يُعرف ب "نهايات الأيديولوجيات"، هو بشكل أو بآخر، عودة إلى ما كان سائدا في عقد السبعينيات في المغرب لمّا هيمن التوجه الماركسي الأيديولوجي عند الباحثين؟ أم يمكن تفسير ذلك فقط بالاستعانة بالسيميائيات الثقافية التي ترى " أن إنتاج المعنى خاضع لمقومات ثقافية [21]"، وبالتالي أيديولوجيا.؟

إذا كانت المرجعية المعرفية والنظرية لا تخرج في عمومها عند الأستاذ بنكراد في كتابه المعنون ب:شخصيات النص السردي – البناء الثقافي- عن مرجعية النظرية عند  Propp  وLotman و Hamon  Greimas بالخصوص، ومحاولته لتجريب ترساناتها المفاهيمية، فإن كتابه : النص السردي، نحو سيميائيات للأيديولوجية، يشكل، في نظرنا،بداية حقيقية نحو تأسيس كتابة نقدية جديدة في الخطاب النقدي للسرد المغربي والعربي على حد سواء،لها خصوصياتها وفرادتها، سنعمل، بما يسمح به المقام، على تشكيل معالمها العامة في الفقرات الموالية.

معلوم،أن كثيرًا من الباحثين العرب قد اعتمدوا نفس المرجعية النظرية بمقولاتها ومفاهيمها، وساروا على هدي خلفياتها العلمية والأيدولوجية، إلا أن ما يميز كتابة الأستاذ بنكراد،في هذا الصدد ،كونها لا تستسلم لهذه المرجعيات النظرية ووجهات النظر المتحكمة فيها استسلام "المريد لشيخه"،إنما  ترتكز بالأساس على دور الذات القارئة،ودرجة تفاعلها ونوعية أسئلتها، قصد خلق مسافة نقدية بين النظري والتطبيقي، مراعاة لطبيعة الموضوع المدروس  وحرصاً على استحضار أسئلته.

إن المتتبع لما يكتبه الأستاذ سعيد بنكراد، ليحس أنه أمام كتابة جديدة بالفعل.إذ يغرُف صاحبها مفاهيمه وأدواته من مرجعيات مختلفة، لكنه ينحتها وفق الرؤية الفلسفية التي ينطلق منها وتحكم توجه الكتابة لديه .فهو إذن لا يطاوع المفاهيم والمقولات التي "يقترضها " من حقول معرفية متنوعة ، بل عادة ما ُيضّمنها " شيئا "  - إذا صح هذا التعبير- ممّا راكمت تجربته القرائية، وتمرسه المعرفي والثقافي ، وحتى الأيديولوجي أيضاً .

هذا "الشيء " هو ما يستطيع القارئ أن ُيدركه في تأويلات الأستاذ بنكراد وحضور رؤيته الخاصة ومخياله الثقافي والسياسي والأيديولوجي كذلك .أو بتعبير آخر، فقراءة الأستاذ بنكراد للنص السردي كعلامات ثقافية ،من نوع القراءات التي لا تستنسخ المفاهيم والنظريات، ولا تسمح أيضا بتصنيفها ضمن تيار أو اتجاه أو مدرسة محددة .فهو يقرأ النصوص والعلامات، فيتذوقها أولا، وُيفجرها ثانيا، ويبُصمها ثالثا، ثم رابعا، يولدها من جديد فيحررها تحريرًا...

فمع كتاب: النص السردي، نحو سيميائيات للأيديولوجية،بدأ الأستاذ بنكراد  "يتحرر " من ولائه لنظرية  Greimas، وبدأ يتوجه نحو تشكيل " طوبيكه [22]" Topic الخاص- بمعناه عند U.Eco - كقارئ  يروم مقاربة النصوص والأشياء والعلامات لحسابه الخاص .هنا،وهنا بالذات،بدأ ُيوّقع كتبه باسمه الخاص، وعلى حساب اقتناعه الفكري والفلسفي، ونظرته للوجود والعدم... وهي الحقيقة المجسدة في قراءته لرواية : الضوء الهارب، لمحمد برادة من خلال مفهوم الجسد . وهي نفس الحقيقة  الممتدة إلى النص الثقافي[23] بمختلف أشكاله و تجلياته ...

لقد أنجز الأستاذ بنكراد قراءته لرواية الضوء الهارب لمحمد برادة من خلال مفهوم الجسد باعتباره تصور أيديولوجي ونتاج ثقافي .الأمر الذي أسعفه على توقيع قراءته للرواية توقيعًا "بنكراديًا "صرفًا ،منحها رمزه المميز  Logo، ووسمها بميسم له " ُنكهته الخاصة ". فالجسد في الرواية هو بؤرة البؤر، ومركز ثقلها. ولهذا نفذ من خلاله الباحث فداعبه من منطلق سيميائي، لأن الجسد لم يَعد ُمعطى فيزيقيا يمتد في الفضاء والزمان وحسب،ولكن بالدرجة الأولى والأخيرة، علامة سيميائية تحمل قيمًا ثقافية وتصورا أيديولوجياً وأخلاقياً حول الإنسان والعالم والحياة والموت...

فالجسد من هذا المنطلق،نص ثقافي بامتياز: ُيحسن التكلم باللغة الإيروسية وُيتقن احتضان الذاكرة الثقافية لمجموعة ثقافية ولغوية ما . من هنا ، لا يستقيم الحديث عن الثقافة " بمعزل عن الذاكرة بحيث إن جوهر الثقافة ينبغي أن ينظر إليه بوصفه ذاكرة...فالثقافة ترسخ التجربة السابقة بواسطة التذكر أو الصناعة التذكرية ...بل يصح القول إن الثقافة تلعب دور البرنامج .إنها تلك التعليمات التي تتحكم في كل سلوك الإنسان أو التي يصدر عنها كل سلوك إنساني.أي إننا نصوغ من خلال الثقافة (البرنامج والتعليمات ) الواقع الذي نعيش فيه والعالم الذي نحيا فيه [24]."

وإذا تبين ذلك بما يكفي، أمكن  النظر إلى الجسد باعتباره مظهر من مظاهر الثقافة والكتابة عنده،إذ عادة ما تعكس  أو تعارض أو تفند أو تثبت تصورًا حول هذا الجسد . ولهذا السبب اتخذه الأستاذ بنكراد ُكوة ُيطل من خلالها على مجموع الوقائع النصية للرواية ، وَمعبرًا لرصد ومحاصرة " الآثار التي تركتها الذات التي يفيض عنها النص في الفعل السردي [25]."

إن الجسد في رواية : الضوء الهارب، شيء من أشياء العالم،له شكله وله أنساقه وعلاماته الخاصة. فهو بذلك علامة سيميائية حبلى بسلسلة غير متناهية من الدلالات عندما ينتقل من فضاء إلى فضاء: من فضاء طبيعي / نص طبيعي سابق عن الثقافة إلى فضاء غير طبيعي/ نص ثقافي، يصير الجسد غير الجسد، وتصير الوظيفة غير الوظيفة، والتصور غير التصور. فعندما ينتقل الجسد من فضاء تحكمه الحركات والإيماءات والوضعيات الطبيعية إلى فضاء يحكمه"برنامج وتعليمات " صادرة عن ثقافة معينة، في هذه الحال  يجسد الجسد سننا ثقافيا [26] Code Culturel   يمنحه البعد الثقافي والرمزي والأيديولوجي .

وهي الأبعاد التي عمل الأستاذ بنكراد على رصدها واستخراجها في النص السردي الروائي، إذ لم يعد الجسد ُيصدر حركات وايماءات طبيعية و وظيفية،بل صار ُيصدر ويختزن دلالات تمرر أنساقا من القيم المجردة الكامنة فيه،أو المراد ُكمونها.ومن منطلق " النية المغرضة والمبيتة " التي تميز الباحث السيميائي- كما أسلفنا- فإنه يعمل على تتبعها واستخراجها، ثم استنطاقها وتكليم المسكوت عنه فيها، كقيم مجسدة في الجسد وكأشكال محينة في النص الروائي، بل وكبؤرة مركزية لتحيين وتعريف وإعادة إنتاج قيم بكل أنواعها . والجسد كنص ثقافي كاف، في نظر الأستاذ بنكراد، ليجسد قيما ثقافية لمجتمع من المجتمعات البشرية ، وليبرز طبيعة الأيديولوجيا المتحكمة فيه...

ومن هذه الزاوية، تكتسي قراءة الباحث أهمية خاصة في إطار المشهد القرائي للنص الروائي في المغرب بالخصوص، لا سيما وأن رواية: الضوء الهارب لمحمد برادة قد حظيت بحفاوة خاصة ومثيرة للانتباه من لدن القراء والنقاد والدارسين، إلى درجة يتساءل معها القارئ عن القيمة الجمالية والتجريبية لهذا النص الروائي، بل وتثير فضوله لاستكشاف ما يمكن استكشافه مما يمنح هذا النص السردي  قيمته الفنية والقيمية أو غيرهما ! ولعلها  "الرغبة العلمية" التي دعت ثلة من الدارسين الذين قاربوا هذا النص الروائي" المُتميز"، من مداخل متعددة ومتنوعة.

فهناك من قاربها من مرصد دراسة الأفضية [27]، وهناك من ركز على المكونات الروائية للرواية وأساليبها المختلفة، كما فعلت الأستاذة بديعة الطاهري [28] ( التقعير، الحلم، الذاكرة...) وهناك من ركز في الرواية على الجانب التيميThematique، كما فعل الأستاذ عبد الرحيم العلام في كتابه: رواية الأوهام وأوهام الرواية [29] . إلى جانب هذه المقاربات هناك أيضا من اهتم في الرواية بقضايا تقنية كوظائف المونولوج المسرود، أو بالاشتغال على شعرية الجسد أو على ديمقراطية الحكي[30]...

غير أن لقراءة الأستاذ سعيد بنكراد نكهتها الخاصة لكونها لم تصدر عن قارئ يقوم ب"تطبيقات باردة " أو "تمرينات آلية " لمفاهيم أو لمقولات تنتمي إلى حقل السرديات والسيميائيات أو لغيرهما، وإنما لكونها تمت بقلم باحث سيميائي متمرس على أدواته ومتمثل للخلفيات الفلسفية والأيديولوجية لمختلف اتجاهات الحقل السردي والسيميائي،خاصة تلك التي تنطق الأخرس الصامت،بل وُترغمه على الكلام والإفصاح وإنتاج المعنى. وهو مقصد كل باحث سيميائي يتجاوز التناول البنيوي الصرف للخطاب الروائي، إما وصفًا لعناصره ومكوناته أو رصدًا وتصنيفًا لعلاقاته وآلياته المختلفة .

ورغم أهمية هذا النوع من القراءات البنيوية الوصفية، إلا أنها تغفل بعداً أساسياً في عملية تلقي النص الأدبي والسردي بالخصوص، هو الفاعلية والممارسة الإنسانية في بُعدها الثقافي والأيديولوجي والتاريخي الذي يؤطر النص،ويحكم رؤية الكاتب وهو يكتب. هذا النوع من القراءات عادة ما تختزل النص وخصوصياته في مقولات جافة وباردة لا حياة فيها، بدعوى الموضوعية والحياد العلمي. في حين أن النص الأدبي والسردي بالذات هو الحياة  [31] نفسها ، وعلى هذا الأساس ينبغي التعامل معه والنظر إليه .

يبدو أن قراءة الأستاذ بنكراد لمفهوم الجسد في رواية : الضوء الهارب لمحمد برادة قد توهم أنها ستكون قراءة اختزالية وانتقائية، بمعناهما السلبي، إلا أن الأمر على عكس ذلك تماما.فالجسد هو المدار الذي تنتظم حوله كل مكونات الرواية وعناصرها .فهو منبعها ومصبها في الآن نفسه. فالجسد حاضر في كل تضاعيف الرواية بل وفي كل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة:"فهو حاضر في الرسوم وفي الكلمات وفي الصور وفي الأحلام وفي السياسة والأخلاق والسلطة.كل شئ يدور حول الجسد [32]".

فالجسد من هذا المنظور، يسرد قصة شخوص الرواية النسوية منها والرجولية. وعندما يسرد قصة ما، فهو يتكلم ليُدل وحتى في حالة صمته فهو َيدل. ففي صمته كلام وفي شكله كلام وفي استرخائه كلام وفي توهجه كلام...كل ما في الجسد يتكلم وفي كل الوضعيات ...هذا الكلام، كلام الجسد، هو الذي سيقوم الأستاذ بنكراد بمجهود إضافي لُيحيط به ويستنطقه ثم ُيكلمه بطريقة هي أبعد عن "الاستنطاق البوليسي" وأقرب إلى  "الاستنطاق السيميائي".

يشكل الجسد في رواية : الضوء الهارب لمحمد برادة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك،القاعدة التي أقام عليها الروائي أساس بناء روايته. ولذلك ف"غياب الجسد معناه انهيار للرواية[33]". فإليه تؤول الرواية وأحداثها وأشياؤها وأفضيتها ووصفها وسردها... بهذا المعنى، فالجسد هو" الشخصية " المركزية في الرواية، بل هو المحرك الذي لا يتحرك ،إذ من خلاله تتحدد معالم الشخوص النسوية منها والذكورية وتصوره لها...

نقرأ في الرواية المقطع الآتي الذي يبرز التصور الذي يحكم الجسد ويحدد أبعاده الثقافية، وطبيعة القيم التي يروج لها :

·       جسد العيشوني:" مسترخيا كان على اللحاف العريض،داخل الشرفة الفسيحة[34]."

·       جسد فاطمة قريطس :"كان وجهها يكتسي غلالة ناعمة ومثيرة .العينان عسليتان مضيئتان بالتماعة ملتبسة،وقصة شعرها الكستنائي على طريقة الغلمان ...[35]"

·       جسد غيلانة : " نظراتها لا تخلو من تحرش، وشقرتها ممتزجة بصهبة خفيفة ...استدارة النهدين وملاسة الساقين...[36]"

·       جسد كنزة :"أخذت تحكي بانطلاق عن انطباعاتها وإعجابها بالموديلات العارية ، لأنها تبرز جمال المرأة المغربية المبخوسة الحق .[37]"

هكذا يرصد الأستاذ بنكراد الجسد بكل تفاصيله الإيروسية كما وردت في الرواية، وخلفياته الثقافية والأيديولوجية والأخلاقية أيضاً .فجسد العيشوني كرجل، على سبيل المثال، جسد لا ُيشار إليه في ُبعده الجنسي أو الشبقي، ولكن، يُشار إليه فقط في لحظات قد تكون " لحظة  تعب أو لحظة انتشاء أو لحظة تأمل .[38]" أما جسد المرأة (فاطمة قريطس وغيلانة وكنزة ) فيقف السارد عنده وقفات طويلة ليصف تفاصيله في بعدها الجنسي والأيروسي: النهد أو الصدر أو الخصر أو الساق أو العين ...

هذه الأجزاء من الجسد عندما تنتقل إلى فضاء جديد، قد يكون سريرًا أو مرقصا أو غيرهما، تفقد على التو ُبعدها الطبيعي والوظيفي، بل و حتى الإنساني لتدخل في حقل ثقافي وأيديولوجي جديدين تبرزهما بالخصوص ثنائية: الرجل/ المرأة،لا كمعطيين بيولوجيين ولكن كبعدين ثقافيين وكعلامات تسوق لقيم ذكورية تحكم قيم المجتمع العربي بالخصوص .

فالعيشوني كذكر وسارد،عادة ما ُيقدم العالم القصصي من خلال ما يسميه الأستاذ بنكراد ب "العين المذكرة " دونما أي اعتبار " للعين المؤنثة " وتفاصيلها الإنسانية . وبطبيعة الحال، عندما نختار– والاختيار موقف وأيديولوجية واقتناع – أن نسرد أحداث الرواية وتفاصيلها انطلاقا من"عين مذكرة "، فالأمر لا يخلو من تمرير موقف ثقافي بالدرجة الأولى ،وبالتالي قيمًا ذكورية تؤمن بها جماعة بشرية ما في فترة تاريخية ما، وتعمل على المحافظة عليها. حينها ،وحينها فقط " ُيصبح العالم مذكرًا .فالعين التي تقدمه محكومة بقوانين وأسنن السجل الذكوري[39] ".ذلك ما تجسده عين العيشوني بالذات كذكر معتز بذكوريته ومُفاخر بأسننها. وذلك ما يتحقق أيضاً عندما تأتي فاطمة قريطس أو غيلانة أو كنزة – كأجساد - إلى النص الروائي ، إذ لا تأتي  إلا عبر وجدانه وأحاسيسه ولا تحضر إلا عبر نزواته وجنونه هو ، هو ولا أحد غيره .

إن تجربة فاطمة قريطس، لا تسرد كما تسرد تجربة العيشوني مثلا، وعندما تكتبها فإنها تكتبها بخجل وتحكيها بخجل، بل وتعيشها بخجل مضاعف .إنها تحكي هذه التجربة عبر الكتابة ولكن حكي لا تملك فيه سوى الحكي . فقد َمنحت فاطمة جسدها للداودي في فاس لكونه مناضلا، ومنحته للعيشوني لأنه فنان. كما منحته في فرنسا للكثيرين لحاجتها إلى المال.مما يعني أن جسدها في الحقيقة، ليس ملكا لها إنما هو معبر للرجال وموضوع للقيم الذكورية.

إن جسد المرأة في هذه الحال عبارة عن "بضاعة" للمقايضة [40] Echange –بمفهومه عند Barthes. فهي تمنحه لمن َيعرض قيمة معينة .قد تكون هذه القيمة سياسية أو فنية أو مادية صرف.فهي لا تملك جسدها في ذاته ولذاته، بقدر ما تملك ما يُقايض به. فالذي يملك الجسد بالفعل والحقيقة هو الرجل /الذكر : يفعل فيه وبه كل ما يرغب ويشتهي.أي أنه " يفعل فيه وينفعل به "بالشكل والطريقة التي يريد، وبالتالي فجسد المرأة /الأنثى هنا  في آخر  المطاف هو مجرد " مثير فيزيقي يوقد الشهوة في نفوس الآخرين –الرجال طبعا – ولا تعرف عن النار التي تشتغل في داخلها – أي فاطمة قريطس – أي شيء  [41]".

ومن هذه الزاوية،فمن حق الرجل / الذكر أن يحكي مغامراته وتجاربه وغزواته مع الجسد النسوي / المرأة، لأنه في إطار الثقافة التي تأمه ويأمها وينتمي إليها وتنتمي إليه، ويصنعها وتصنعه،ويسوقها وتسوق له، هو قيمة القيم ومركز الكون ومن ثمة، خالق القيم والمستفيد منها . ولأنه كذلك، فإنه يمتلك الأجساد النسوية ولا تملكه أية امرأة ( فاطمة، كنزة، غيلانة... ).

ولا نستغرب والحالة هذه أن يمتد هذا النوع من القيم حتى هذه اللحظة، وبأشكال مختلفة. فالرؤية القيمية والأخلاقية بل والفلسفية والوجودية التي تتضمنها : ألف ليلة وليلة، ومؤلفها المجهول أو"مؤلفوها"،ما تزال تفعل فعلها السحري في ترسيخ وتمرير وتسويق القيم الثقافية الذكورية الشهريارية في المجتمع العربي الإسلامي.فالزمن الذكوري الشهرياري مازال يمتد فينا ويترسخ في وجداننا ويتغلغل في عقولنا ويعيد نفسه رغم الفاصل الزمني الطويل والتغير التاريخي الذي حدث.

وتشكل رواية : الضوء الهارب  لمحمد برادة، نموذجا معبرًا على هذا الواقع، وأوفى دليل على هيمنة العين الذكورية حتى هذه اللحظة. لهذا السبب جاءت مليئة بمثل هذه الرؤى الذكورية  الشهريارية السلطوية والمتسلطة.ذلك أن سلطة الرجل متعددة المظاهر والمعالم ومتنوعة المصادر والأشكال . فهو يمتلك سلطة الفن مع العيشوني وسلطة النضال مع الداودي ثم سلطة المال مع الرجال الفرنسيين...في حين أن سلطة المرأة / الأنثى ففي تفاصيل جسدها فحسب( النهد، الصدر، الساق، العين ...).

 يقول الأستاذ سعيد بنكراد في هذا السياق : "إن الدخول النسائي إلى التاريخ يمر عبر الجسد، وليس عبر تجربة حياتية متكاملة .[42]" ونضيف في السياق نفسه، "إن الدخول النسائي إلى التاريخ "، قد يمر كذلك عبر الحكي كما هو حال شهرزاد في الثقافة العربية الإسلامية، أو عبر أفعال وسلوكات تنتمي إلى عالم المكيدة والتحايل والخديعة والسحر... لا تسمح بالدخول النسائي إلى التاريخ الفعلي والحقيقي عبر بوابته العريضة والشرعية، وإنما عبر" السراديب" و"الأزقة التاريخية الضيقة "( يمكن العودة في هذا الصدد، إلى مقالتنا: "المرأة والأفعى والشيطان[43] "  و"المرأة والإشهار" ،لمزيد من التفصيل ).

فعبر الجسد أساسا،وأشكاله ووضعياته، وأجزائه وتفاصيله،وعبر" العين المذكرة" التي تحكي تاريخ هذا الجسد في مختلف تجلياته، نكون أمام تاريخ للجسد النسوي يكتبه الرجال ويصنعون "تماثيله" كما يرغبون، وبالمواصفات التي يشتهون .

إننا هنا في رواية : الضوء الهارب لمحمد برادة  أمام تمفصلات للأيديولوجية كأفعال وقيم مجسدة ، تزكي النظام الأبيسي التي تهيمن فيه قيم الرجل /الذكر . وهذا ما ينبغي التصدي إليه في مجتمع يتوق إلى الديمقراطية ومسايرة الركب الحضاري العالمي، حيث "تتقلص" الحدود بين الرجل والمرأة، وتنتفي كل أشكال الميز الثقافي والأيديولوجي الذي ورثناها، ونسوق له اليوم بمختلف السبل.

على سبيل الختم

إن مساهمة الأستاذ سعيد بنكراد في قراءة النص السردي كعلامة ثقافية، ليست مساهمة عادية في هذا المنحى، إنما تشكل ،في نظرنا، قراءة استفزازية - بمعناها الإيجابي – تسبح ضد التيار وتزحزح الثابت المستقر،وتحرك البرك الآسنة في اللغة والعلامات والأشكال والثقافة والأيديولوجيا، لأنها تعمل على تفجير أسئلة غير قابلة للتساؤل وتلامس مناطق تعتبر مناطق ظلت حكرًا على مجالات معرفية مخصوصة...

وقد كان للسيميائيات عموما،والسيميائيات الثقافية خصوصا،دورها في استكشاف تلك المناطق المسكوت عنها أي الأيديولوجية، بحثا عن المعنى وكيف يأتي إلى السرد أو الوصف أو الأشكال أو العلامات أو الشخوص أو الأجساد ...

 وبناء على كل ذلك ، فإن لكتابة الأستاذ بنكراد نكهتها الخاصة وسمتها المميزة في المجال الذي يشتغل فيه .ذلك أنه لا يكتب في العموم،إلا في المجالات التي لم يمسسها الدارسون بعد، وإن لمسوها أو عمقوا البحث فيها، اختاروا لهم موقعا آخر ورؤية مخصوصة غير تلك التي اترتضاها الأستاذ بنكراد.ومن هذه الناحية يلاحظ قارئ أعمال الباحث أنه لا يقبل" الكتابة المدرسية السهلة"- وإن كان لهذا النوع من الكتابة أهميتها الخاصة ومشروعيتها أيضًا – ولهذا لا نجد في أعماله توظيفا مدرسيا للمفاهيم والمقولات المسكوكة، أو ما يمكن أن نطلق عيه ب" التمارين التطبيقية والنمطية "  لهذه العدة المنهجية، وهو نمط الكتابة السائد والغالب في مجال الخطاب الروائي والسردي عموما، إذ تتحول الكتابة في هذه الحال، إلى تطبيقات لمفاهيم ومقولات رائجة صارت مبتذلة و"عامية".إنما يدرك قارئ أعمال الأستاذ بنكراد والراصد لها أنها " دسمة" من الناحية النظرية بالدرجة الأولى . بمعنى أن الرجل لا يخطو خطوة في ميدان التطبيق، حتى يحدد مفاهيمه ويؤطر موضوعه ويعرض للخلفيات الفلسفية والمعرفية والأيديولوجية للاتجاهات الفلسفية أو السيميائية أو السردية التي يروم اعتمادها .

وهو الأمر الذي يفسر إيغال كتابة الأستاذ بنكراد في التنظير والتجريد أحياناً،ويسمها ب"الصعوبة" و"عسر الهضم"،في أحايين أخرى. وفي الآن نفسه يسمها بالتفرد والتميز...إنها علامة سيميائية مميزة في الكتابة لا تحيل إلا على صاحبها : الأستاذ سعيد بنكراد ./

 

[1]  A.Compagnon :Le Demon de La Theorie. P :11.

[2]  - ولابد في هذا السياق، أن نشير إلى إسهامات مجموعة من الأساتذة الباحثين الذين طوروا الدرس السيميائي والسردي بالمغرب، وأنتجوا ورسخوا معجما عربيا دقيقا في هذا الميدان . ففضلا عن  مجهودات  الأستاذ سعيد بنكراد، نذكر على الخصوص مجهودات كل من الأساتذة: رشيد بنحدو، أنوار المرتجي ، سعيد يقطين ،حنون مبارك...

[3] - فمن المقولات المأثورة والمبدئية ، بهذا الصدد،عند الأستاذ بنكراد قوله:" لم يولد الإنسان حرا بل ولد ليكون حرًا ".

[4]  - من تقديم كيليطو لترجمة كتاب : سيميولوجية الشخصيات الروائية ، لفيليب آمون ص: 5، ترجمة سعيد بنكراد.

[5] - وندرج هذا الكتاب ضمن الكتب البيداغوجية بالدرجة الأولى للأستاذ بنكراد،على أساس أنه عبارة عن دروس في السميائيات الكريماصية - يعرض فيه إلى نظرية  Greimas وخلفياتها المعرفية والأيديولوجية - موجه إلى الطلبة ومن في مستواهم .

[6]  - انظر دراستنا  المنشورة بجريدة أنوال عن تجربة مجلة علامات ، تحت عنوان :" المجلات المغربية و العربية بين المد والجزر، مجلة علامات نموذجا ".

[7] - فيليب آمون : سيميولوجية الشخصيات الروائية ، ص 16.

[8] - Barthes :S/Z p :190

[9]  - حنون مبارك : دروس في السيميائيات ، ص :5.

[10]  - نفسه ، ص: 91

[11]  - سعيد بنكراد : شخصيات النص السردي ، ص: 25.

[12]  - نفسه ، ص :138.

[13] - حنا مينه : الشراع والعاصفة ، ص : 78.

[14]  - سعيد بنكراد : شخصيات النص السردي، ص : 161.

[15]  - الشراع  والعاصفة ، ص : 364.

[16]  - سعيد بنكراد : شخصيات النص السردي ، ص: 107.

[17]  -  يعرف كريماص Gréimas الأكسيولوجيا بقوله : "نعني الأكسيولوجيا عامة ، نظرية أو وصف أنساق القيم ( سواء كانت أخلاقية أو منطقية أو جمالية ) ." انظر :سعيد بنكراد : النص السردي ، ص:45.

[18]  - سعيد بنكراد : النص السردي ، ص: 165.

[19]  - نفسه ، ص:8.

[20]  - سعيد بنكراد: النص السردي، ص : 10.

[21] - حنون مبارك : نفسه ، ص: 89.

[22]  - يعرف Eco   الطوبيك بقوله : هو فرضية للقراءة أو ترسيمة عامة يستعين بها القارئ للولوج إلى عالم النص". عن كتاب النص السردي ، نفسه ،ص : 103.

[23]  - يمكن التحقق من هذا الزعم بالرجوع إلى مقالاته المتعددة في هذا السياق ، والمنشورة بمجلة علامات . وأذكر على سبيل التمثيل مقالته الآتية : " الجسد واللغة وسلطة الأشكال"، في العدد الرابع .و"الإرسالية الإشهارية : التوليد والتأويل "، في العدد الخامس ، ثم دراسته المعنونة ب: " لا يكف الحصان عن الصهيل ، في العدد السابع .

[24]  - حنون مبارك : نفسه ، ص : 87.

[25]  - بنكراد : النص السردي ، نفسه ، ص : 110.

[26]  - R.Barthes: S/Z  P: 21

[27]  -حميد لحميداني :حوار الأفضية في الضوء الهارب ، مجلة علامات ، عدد :8.

[28]  -بديعة الطاهري : بعض مكونات الخطاب الروائي ، مجلة علامات ، العدد 8.

[29]  - يقول الأستاذ العلام بهذا الصدد : " إن القراءة سوف لن ينتظمها خط تحليلي واحد، بل سوف تركز بإيجاز على التقاط بعض تجليات صورة "الأب " و" الجنس " في الرواية، وربطهما بالسياق الدلالي العام للنص [29]."

[30]  - يمكن العودة في هذا الصدد إلى كتاب مشترك، تحت عنوان : رهانات الكتابة عند محمد برادة ، مطبعة فضالة، ط: 1، سنة : 1995.

[31]  - يقول سعيد بنكراد في هذا المجال : " إننا نبحث عن معنى الجسد ، تماما كما نبحث عن معنى الحياة ". انظر:   " الجسد : اللغة وسلطة الأشكال،.مجلة علامات ، العدد : 4، ص: 61.

[32]  - سعيد بنكراد : النص السردي ، ص : 111.

[33]  - نفسه ، ص :112.

[34]  - محمد برادة : الضوء الهارب ، ص : 9.

[35]  - نفسه ، ص: 11.

[36]  - نفسه ، ص: 49.48.

[37]  - نفسه، ص: 61.

[38]  - بنكراد :النص السردي ، ص :120.

[39]  - نفسه ، ص: 127.

[40]  - Barthes : S/Z P:54.

[41]  - بنكراد : النص السردي ، ص : 128.

[42]  - نفسه ، ص :132.

[43]  - إدريس جبري : " المرأة والأفعى والشيطان"، مجلة علامات ، العدد : 5. و"المرأة والإشهار" ، العدد7.

[44]  - ويمكن البرهنة على هذا الطابع التنظيري والتجريدي الغالب على أعمال الأستاذ بنكراد في كتابيه  : شخصيات النص السردي –البناء الثقافي ، إذ نجد مائة وواحد وعشرين صفحة مخصصة للتنظير ورصد الخلفيات الفلسفية والمعرفية للاتجاهات الفلسفية والسيميائية والسردية التي سيعتمد مفاهيمها ومقولاتها، في مقابل تسعة وسبعين صفحة  للتطبيق من أصل مائتي صفحة .كذلك الحال في : النص السردي ، نحو سيميائيات للأيديولوجيا ، إذ نجذ الباحث قد خص الجانب التنظير بمائة وخمس صفحات، في حين خص الجانب التطبيقي بخمسة وستين صفحة من أصل مائة وسبعين صفحة .

 

 

 

 

 
 
 
 
معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

مؤلفــات بطاقة تعريــف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع  خزانات الموقـع  صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003