معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع   خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلاما

 

عبد الفتاح الحجمري

  النبض القديم عاد إليك بحدته ، فيا لك من فتى لا يشيخ ... *

 

 

 

 

    1 . مقدمة بعيدة عن الموضوع ... لكنها في الصميم

    لدينا اليوم العديد من التصورات النظرية التي تبين كيفية امتلاك كل نص روائي فرضية للقراءة هي الكفيلة بإظهار مسارات التأويل انطلاقا من معطيات النص ذاته كتابة وحكاية . من هنا ، تتنوع صيغ التخييل في بناء الأحداث وتركيب الصور ، لأن مدار التماثل بين الشكل والمعنى يكسب تلك الصيغ نبرات من الحقيقة التي تعادل التجارب ال\اتية للمؤلفين . لعل التماثل بين الشكل والمعنى أن يكون – في بعض الأحيان – حاملا لأحاسيس المبدع ومواقفه بصورة عفوية ، بيد أنه يمكن أن يكون قصديا ومنطويا على طموح نظري يجعل المفهوم الشخصي للكتابة محايثا لوضع الرواية في المجتمع ، بوصفها مادة أدبية تخييلية ذات تقدير فكري ينشد الممكن والمحتمل ولا يرتهن إلى اليوتوبيا واليقين .

     لقد سعى جورج بوهاس منذ وقت مبكر من ثلاثينيات القرن الماضي الجواب على هذا السؤال : هل يمتلك الأدب أفكارا ؟ وكانت تحليلاته تميل إلى رفضه لكل ملاءمة بين الأدب والفلسفة ( 1 ) ، علما أن الأدب يقيم علاقة معقدة مع التاريخ الثقافي والاجتماعي والسياسي ، لأن أساس هذه العلاقة أفق فكري ينظم سياقات الحكاية الروائية وهي تعيد فهم أسرار الواقع والتاريخ وخبايا الحياة .

    بهذا القصد ، يمكن التدليل على أهمية العلاقة بين الأدبي والفكري بوصفها تعبيرا عن المعرفة وإنتاجا لها كذلك ؛ إن الدلالات التي تنتجها النصوص الأدبية تستمد سندها الفلسفي من تلك العلاقة بوصفها – هذه المرة – وجها من أوجه التعبير عن صلة الأدب بالواقع . وهذا ما دافعت عنه مارت روبير في دراستها " رواية الأصول وأصول الرواية " حين بينت كيف تجعل الرواية من الأدب ما تريد : فلا شيء يمنعها من أن تستخدم الوصف والسرد القصصي ، والدراما ، والحوار ، والمحاولة ، والتعليق ، والحوار الذاتي ، والمقالة ( 2 )  ، وبصرف النظر عن أي تصور ماهوي لكتابة التخييل . من هنا أهمية السؤال الموالي : لماذا يتعين على الأدب أن يكون شكلا من الأشكال الممكنة لقول الحقيقة بوصفها إحدى تجليات المضمون ؟ إن الرواية – بحسب تصور مارت روبير – حقيقة بفضل حريتها في فهم كل شيء وقول كل شيء ، وهي حرة لأنها تمس دفعة واحدة كلية الحياة التي تعرف أسرارها بالغريزة ( 3 ) .

    يبدو لي مما سبق ، أن اعتبارات الشكل والمضمون كما تحققها النصوص الروائية تسمح بالحديث أيضا عن " فلسفة أدبية " تمثل ( في أساسها ) تجربة فكرية بدون مفاهيم ومحفزة لفحوى تأملي ولعبي ( 4 )  يستثمر إمكانات متنوعة في الكتابة وتوليد الأشكال . من هنا ، لا يدخل " نداء الفكر " إلى الرواية لتحويلها إلى فلسفة ، بل لكي يجرب مجمل الوسائل العقلية وغير العقلية ، والحكائية والتأملية القادرة على إضاءة كينونة الإنسان ( 5 ) .

    تراوحت الفقرات التمهيدية السابقة بين بيان حدود قائمة بين الشكل الأدبي وإعلان المعنى المفترض ، وبين تبيين أهمية توفر الكتابة الروائية على أبعاد فكرية وفلسفية يشغلها متخيل ذاتي واجتماعي يخترق النصوص ويكسبها أبعادا رمزية ، لا ترتهن بإرغامات الواقع فقط ، بل تفتحه على عالم ممكن أضحى يزداد عمقا في السرود المعاصرة ، ويتخذ عدة مدارات تعبيرية تخص أشكال الكتابة وموضوعاتها . من هنا ، على الباحث في خصوصية الرواية المغربية والعربية على حد سواء ، أن يراعي أسئلة الثقافة والواقع العربيين وألا يستند في بحثه على اعتبارات تجريدية ؛ ولهذا أجدني اليوم مدافعا على قيمة وجدوى البعد الفكري لكل تجربة خيالية ، أي مدافعا عن موقع التخييل الروائي ضمن الخطاب الثقافي العربي وقيمة الرؤية النقدية التي يعقدا مع الواقع المحيط . نصوص روائية متعددة تعبر عنها هذه الرؤية لكل من جبرا إبراهيم جبرا أو إميل حبيبي أو إلياس خوري أو إبراهيم عبد المجيد أو واسيني الأعرج أو محمد برادة لأنها حاملة لملمح الابتكار في أشكال الحكاية ، ومدافعة عن مبدإ تجاوز الرتابة الاجتماعية الفجة والجامدة ، عبر إعادة اكتشاف الرغبة والتاريخ والخرافة والحياة اليومية والسرية ...

    يمكن أن أجعل من الاعتبارات السالفة مدخلا لقراءة رواية أحمد المديني ( فاس .. لو عادت إليه ) ( 6 )  ومنطلقا لوصف بعض التقديرات الفكرية للمادة الحكائية :

    هل يمكن لكل رواية أن تكون " رواية فكرية " بما أنها رواية إنسان عاش ويعيش في فترة زمنية معلومة ؟

    نعم ؛ بيد أن كل الروايات ليست فكرية بنفس الصيغة أو الطريقة . لذلك أيضا ، ليس من باب الصدفة أن يصدر أحمد المديني روايته بثلاث استهلالات موحية ومعبرة تختزل جانبا أساسيا من تلك التقديرات الفكرية للحكاية خاصة ما تعلق منها بمدارات التذكر والنسيان والحقيقة والزيف ، كما يمكن استخلاصها من عدة أوضاع ومواقف مبثوتة في تضاعيف الحكاية وتبرزها خطابات ثلاثة تخص : الزمن والمكان والعلاقات .

    وتقتفي هذه الخطابات ، إذن ، أثر سؤال يجد صداه ضمن ما عبرت عنه ب " فكر الرواية " مفاده : هل يمكن التأريخ للوجدان ؟ أي كيف تكون الكتابة معادلة للحنين ومتلهفة لليومي المنصرم والذي يجعلنا نقبل على الحياة رغم أنها تحمل في كيانها أياما عادية وأخرى عسيرة  ؟ أخال هذا السؤال محوريا في رواية أحمد المديني لأنه يجعل الخطابات السالفة للزمن والمكان والعلاقات مولدة للعديد من المشاهد التي تجعل استعادة المواقف الإنسانية ممكنة روائيا ، وهي متراوحة في هذه الرواية ، بين ضمير للمتكلم ينوب عن الصمت ويحكي ضد النسيان ، وبين استعادة هي هنا سعادة وفرح يحكيها المتكلم بنوع من الألفة . وإني لا أعرف نصوصا إبداعية مغربية برع أصحابها في السرد بسعادة وفرح حتى وإن كان المقام جوابا لأفق الشجن أو اليأس ، والعزلة أو الكرب ، والمواجع أو الحنين منها : في الطفولة عبد المجيد بنجلون ، المرأة والوردة محمد زفزاف ، سليستينا يويف فاضل ، خميل المضاجع الميلودي شغموم ، الجنازة أحمد المديني ، الشيخوخة الظالمة عبد الكريم غلاب ، مثل صيف لن يتكرر محمد برادة، زهرة الآس محمد عز الدين التازي ، الساحة الشرفية عبد القادر الشاوي ، جنوب الروح محمد الأشعري ، الواحة والسراب كمال الخمليشي، زمن الأخطاء محمد شكري ، الفريق عبد الله العروي ... إلخ ويخيل إلي ، أن الكتابة – وهي متراوحة في النصوص السابقة بين الروائية والسير ذاتية – تبني قصدا مفترضا يعبر عن تجربة سرادها كما هي معطاة في أزمنة وأمنكة ومن خلال علاقات تخص العائلة والصداقة ومواضعات المجتمع ؛ لا تبني الحكاية في هذه النصوص عالما بديلا عن العالم القائم ، بل إن فصولها تغدو تراوحا بين الرغبات والتجارب ومخزونا لذاكرة مليئة بانفعالات اليومي وإضاءات الثقافة ، فالسرد الأدبي في هذه النصوص لعبة جادة في صنعة معماره ودلالته كذلك .

    2 . الحكاية في فاس كما عادت إليه     

في رواية ( فاس .. لو عادت إليه ) استدعاء لزمن ومكان وعلاقات ، وهي وضع ملهم في بناء أحداث ووصف قيم وأفكار . يقال في العادة بأن المدينة في السرد الروائي هي خلق للعالم قبل أن تكون تصويرا له . إنها تخيل ، وما ينقله الروائي هو فكرة عن المدينة وليس المدينة ذاتها . وحين سيشاء القدر لسارد هذه الرواية – كما ورد في عتبتها -  أن يطوف ذات عشية بظاهر فاس ، بين قصر الجامعي وسفوح زلاغ ، ويقف على أناس متجمعين في باب عجيسة وهم يتخاصمون ويتساءلون في غضب عن أمر غريب هو غياب شخص يدعى ( إدريس لفداوي ) ، سيقترب ليستطلع جلية الأمر ، سيعلم أنهم من المغرمين بالقصص والحكايات التي اعتادوا سماعها من راويها السيد لفداوي وهو اليوم غابر ظاهر . سيتطوع صاحبنا لينوب عنه لا ليحكي قصص الغابرين ، بل قصص الآتين بعدهم ... وفاس لو عادت إليه حكايته ، وهي ليست مجرد أيام عادية أو ألبوم صور بالأبيض والأسود يقلبه بحسرة بعدما همدت أيام و ليالي سيرته الأولى .

    لا يفتح السارد أمامنا – في هذه الرواية – كتابه ، بل يفتح فؤاده . لنستمع إليه في مفتتح ( سبق لسان ) يقول :

    " ... فلعلك لو ذهبت إلى هناك واجد بعض ما يشفي حرقات الفؤاد ، وينسيك وحشة هذا الحاضر الخرب ، أو يصبح حبل العمر أطول ومداه أفسح لتراك ... " .

    هكذا ، تشرق الحكاية في الرواية : من لحظة يتقاطع فيها الماضي والمستقبل ، والمكان الآسر بالمحلوم به ، والمتكلم بالمخاطب لما يصبح ضميرا " لا شخصيا " وظلا وارفا تأوي إليه كل الشخصيات . بين أن يكون السارد ساردا ، أو يكون هناك سارد ثالث يحكي ليشفي غلة الظامئين إلى القصص والحكايات يبقى شيء واحد عالقا من كلامك :

    " نتذكر ... نحاول أن نتذكر بأننا ذات يوم ، ذات عمر ، في ذات زمن خفقت فينا الروح، وكنا مادة ورأينا شكلها أو شكلنا فيها ، فهل تستطيع الكتابة أن تفيض دائما مثل بركان يعود فينقذف بحممه زاحفا على ما حوله بلا رحمة ولا إنذار ؟ ( ص 21 ) " .

    نتذكر ... نحاول أن نتذكر على نحو ما وقع لك أنت الذي خرجت في السادسة صباحا مغادرا بيتك وأهلك والنعاس ما زال يشد عمرك الصغير إلى لحافك ؛ وهو ذات ما وقع لميلود – بطل رواية مدينة براقش – وهو يغادر القصبة ، بلدته الأولى ، مع عائلة تحث الخطى لتركب الحافلة مع خيوط النهار الأولى نحو الدار البيضاء ، فيما أنت تواصل اليوم الرحلة لوحدك نحو مدينة أخرى تلبية لنداء أبيك وخالك الذي لم يكن يتردد أن يلوك عبارة غريبة على مسمع أمك : " اسمعي ، ولدك هذا ستخرج عليه هذه المدينة " .

    لا يهم | أنت الآن ظل أبيك ، تمشي خلفه بقلب منقبض في اتجاه مجهول ، إلى بلدة أو مدينة مجهولة . ستذهب إلى مدينة أخرى عقابا لك على لعب البليار من وقت لآخر :

    " هل اللعب يبيح للأب أن يتصرف في ابنه كما يشاء ، وأن ينتزعه من حضن أمه ويلقي به نحو المجهول من أجل ... من أجل ماذا ؟ ليفلح ويصبح رجلا | ( ص 31 ) " .

    لم يشفع لك أنك بقيت تذهب زمنا إلى دارة الحاج بوشعيب البوعزاوي في بلاد أولاد سعيد رغم أنك لم تكن ترغب في ذلك كثيرا . كان عليك أن تعمر صدرك بالقرآن وتجيد الحفظ وتتلو الآيات تباعا . ولم يكن أن يخطر ببال الفقيهين – أيبك والشيخ البوعزاوي – أن تعثر في دارة مضيفك وصديق والدك على كنز سيغدو رفيقك وزادك اللذيذ : قصص بينوكيو التي كان أبناء الفقيه يخفونها عن الأنظار ، وقادك فضولك إلى اكتشافها فما عرفت كيف تفارقها ليلا ونهارا .

    لا يهم | ولدك يقودك اليوم نحو المجهول ... يتقدم حاملا بيده قفة حوت عطاء صوفيا وبعض زاد في اتجاه المحطة ... وعبر دروب مدينة ساكنة في صباح مبكر .

    من قلب درب بوشنتوف ، سيودع الفتى عالم المرح في حانوت البليار و شغب التلاميذ الهاربين من مدارسهم ... واليوم بعدما التحق أبوك بمحكمته حيث يبرم المواثيق والعقود ، سيسأل عنك الأصحاب بعد الظهيرة لأنهم لم يفهموا لماذا لم تحضر إلى المدرسة ، ستقول أمك : أخذه أبوه إلى بلاد بعيدة ، مدينة العلم والأولياء الصالحين . " لا بد أن تبتعد لتصبح رجلا ( ص 54 ) " ، يقول أبوك .

    ويقول ، كذلك ، إن ضيفه صاحب له من أيام كان في القرويين ، لن تحمل هما فالفقيه البقالي عنده مدرسته وتضم أفضل التلاميذ ، وهو يشرف على تعليمهم ومواضبتهم ... ثم إن فاس هي بلاد العلم والتربية الحسنة والأصل والمفصل يا سيد الشريف .

    فاس ، قررت أن تصنعها على هواك ، كما تراها ، ولم يتخيلها أحد قبلك . الفقيه البقالي ، من سيأويك بيته غدا ، حضر لزيارتكم اشتياقا لأبيك ، وحبا في البحر ... إذن ، ليس في فاس بحر | وليس بها نهر . وهل تسكن مدينة بلا بحر ولا نهر ؟

    لا يهم . وأنت على مشارف فاس ، وبعدما قرأت وصية والدك الفقيه مكتوبة انتابك شعور متنازع بين الزهو والرهبة ؛ شعور جعلك تحس بأنك كبرت بسرعة مفرطة كما يكبر الأطفال في الأحلام ...  

    كيف وقد بلغت فاس ستصل إلى فاس ؟ تساءلت قبل أن تلقى الفقيه البقالي لما نزلت من الكار ، كنت تدرك أن لهذه المدينة ، لمن لم يسبق له أن رآها وتعرف عليها ، لذتها وخوفها معا . ورغم أنك لست كبيرا ، فوق العاشرة ... فإنك تكبر . وأمامك الآن أن تفك أسرار بيت الفقيه وأسرار المدينة في آن واحد ، دروبها وعقباتها ، الأحياء المتداخلة والأزقة اللولبية ، والزليج والسقايات والسبالات . وعليك أن تفك سر صديقك علي الجناتي أو عليلو – كما يحلو لك أن تدعوه - .

    ستخصص للفقيه البقالي صفحات مشرقة من الفصل الثاني عشر ، أحسست أن روحه صدئت ونوى الحج ولم يحج ، خبرت أن قلبه يحن إلى الطواف بالكعبة وزيارة قبر المصطفى عليه السلام . ولأنه يقف على عتبة الضريح ، ضريح مولاي إدريس ، تخف اللهفة قليلا ويحلم أنه هناك في المدينة . لا بأس فهو هنا في أرض الأولياء والصالحين والجميع يريد أن ينتسب إلى آل البيت .

    ثم إنك تخبرنا بحكمتك أن الفقيه البقالي طارئ على البلد ، وافد من جبال محيطة ؛ قد تصلح لِشأن آخر لتساوي أهلها ، أهل فاس . الفقيه تجاوز الأربعين بأعوام ، سلخ نصف عمره في فاس لم يبق حي ولا باب ولا سوق ولا مدرسة لم يطرقها ، لكنه يبقى دائما في دائرة الشك .

    كما تخصص لزهرة زوجة الفقيه سردا مضيئا في الفصل الموالي راصدا حركتها في الصحو مبكرا ، زهرة التي قلت عنها إنها تحاول أن تجر حبل أيامها الملفوف بعروة هلاكها في دار باتت فيها سجينة أو فضلة . تستحضر زهرة بفتنة ورقة وقساوة كذلك ذكريات وأوجاع من سنين العمر الأولى عند الحاجة ... كل شيء أصبح الآن بعيدا في حياتها ، حتى وهي في هذا الغار من دار المغري مرمية في الركنة صارت بعيدة عن نفسها ، عن الهواء ، ونور الله ، وكل شيء .

    كتبت عن فاس متمنيا لو عادت إليك ، لأنك تريد أن يكون الزمن والمكان والعلاقة المستعادة أفسح مما هي عليه في الكتابة . ولذلك أيضا ، لم يكن لك في الحكاية إسم ولا ميلاد ولا تاريخ ولا شكل كالناس كلهم في القامة واللون والوجه . وحتى حين تخيلت نفسك تمشي من حدود باب أبي عجيسة كنت تخال أن الحكاية ستستأنف خط سيرها وتعيد بناء ، ولو وهما ، صار مطويا في أكناف الحنين والذكريات .

    والدك المفضل يخرج هذا الإحساس من دائرة التخمين ويهمس :

    " الذكريات شجن لا تذكر وحسب . هي شكلا رحلة في زمن مضى ، وجوهرا استعادة لشجن منغرس في العروق لا يفارقها حتى تفارق الروح البدن ( ص 288 ) " . ولأنه كان يظن أن هذه العبارة في حاجة إلى شرح إضافي لما قرر أن يخط لك بضع كلمات تكون لك عونا على الطريق مثبوتة في نهاية الرواية ، فقد كان يخمن أن استدعاء الذكريات يحتاج إلى الخيال كي لا تبقى مجرد صور غامضة أو عابرة ، ولكي يصبح ما فات أكثر من خيال وأبهر من الحقيقة .

    3 . من هنا أقول برسم الاختتام

    لعل التقدير الفكري الأساس الذي يوجه الأحداث والتفاصيل في هذه الرواية البديعة  يكمن في خلفية وتضاعيف هذه الحكمة : استدعاء الذكريات يحتاج إلى الخيال ، لكي يصبح ما فات أبهر من الحقيقة . ولذلك ، تحكي الشخصيات في الرواية برقة بارعة حكاية خاصة تكون صدى لتجربتها الذاتية وكشفا لتأملاتها وأحلامها . من الأحاسيس الدفينة إلى البوح شوقا واشتياقا ، تصبح الحياة أمامها اكثر احتمالا ...

 

 ( 1 )  George Boas : Philosophy and poetry , wheaton college ,Mass ,1932 , P9 

 ( 2 )  مارت روبير : رواية الأصول وأصول الرواية ، ترجمة : وجيه أسعد ، إتحاد كتاب العرب 1987

                        ص 63

( 3 ) نفسه ص 79 – 80  

( 4 ) Pierre Machery : A quoi pense la litterature ? puf 1990              

     

  

             

 

                         

 

 

 

 
 
 

 

 
 

ضيوف الموقـع

 

عبد الفتاح الحجمري

 

دراســات

 

 

 

 

 

 

ترجمـــــات

 

 

 

معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع   خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003