معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع   خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلاما

 

جمال حيمر

من مصادر التاريخ العمراني لمدينة مكناس

- محاولة تقويم أولي -

 

 

 

        لا يسع أي مواكب لحركة البحث التاريخي ببلادنا إلا أن يقر بحقيقة التطور الكمي والكيفي الذي شهدته في العقدين المنصرمين، وإذا جاز الحديث عن مدرسة تاريخية مغربية بالمعنى العام للكلمة، يحق القول: إن تيار البحوث المونوغرافية يمثل أحد أبرز اتجاهاتها، ورغم مضي فترة غير قصيرة على تاريخ ميلاد هذا الاتجاه ([1]) والتراكم الذي حققه، فإنه، عدا بعض المراجعات النقدية التي حاورت أعمال رواد هذا التيار([2])، فإن الحصيلة الهامة للبحوث المونوغرافية لم تخضع بعد لمواكبة نقدية مفتوحة تستهدف تقويم نتائج هذه الحصيلة والتساؤل عن مدى استجابتها لمتطلبات البحث التاريخي بالمغرب. غير أن غياب هذه المواكبة لا يمنع من التأكيد على أن هذه الأعمال – مع الإقرار بتفاوت مستوياتها – قد ساهمت من موقعها في إحداث ذلك التطور المشار إليه، وقد تجلت هذه المساهمة في أكثر من مستوى، كاستغلالها المكثف لإمكانات مصدرية متعددة الأصول، وفي معالجتها لوقائع التاريخ المغربي جهويا ومركزيا من منطلقات نظرية تنبع من واقع هذا التاريخ، وفي قدرتها على الدحض العلمي لبعض مقولات أطروحات الأستوغرافية الكولونيالية التي فسرت ظواهر وتنظيمات المجتمع المغربي تفسيرا يتماشى والمطامع التوسعية.

والملاحظ أنه إذا كانت هذه البحوث المونوغرافية قد ركزت على العالم القروي في محاولة لرد الاعتبار لهذا الوسط الذي طالما أغفلته الأستوغرافية التقليدية، فإن المدينة المغربية في حاجة ماسة إلى مثل هذه الأبحاث، لاقتناعنا بأن هناك أوجها من تاريخ المدينة المغربية لم تدون بعد، وباعتبار العلاقات العضوية بين المدينة والبادية على كل الأصعدة، ناهيك عن أن معرفة تاريخ بلد، هي معرفة غير ممكنة وناقصة إذا كانت تركز على دراسة البادية دون المدينة.

صحيح أن التآليف التقليدية من حوليات وفهارس وتراجم ومناقب قد انصب اهتمامها على المدن خاصة العواصم التقليدية بالنظر لكون هذه الحواضر كانت مستقر السلاطين ومجتمع النخبة المثقفة. ومراكز النشاط السياسي والثقافي والتجاري منذ قرون مضت، غير أن أكثر من باحث أكد على هزال معلومات هذا الصنف من المضان، فضلا عن أن تاريخ المدينة يتحول من منظور أصحابها إلى مجرد سجل لتراجم مشاهير رجالها، ورصد لإنجازات وأعمال ومعارك السلاطين والأمراء.

ويندرج موضوع هذه المداخلة ضمن هذا السياق، وذلك بمحاولة إخضاع حصيلة المصادر المتوفرة حول تاريخ مدينة مكناس لمساءلة نقدية تروم فحص واختبار الإمكانات التي يمكن أن تتيحها هذه المصادر، لمعالجة تاريخ هذه الحاضرة، وكذا الوقوف على مواطن القصور وسبل تجاوزها.

وليست في نيتنا القيام بقراءة تحليلية شاملة، وتقويم مفصل لبيبلوغرافية تاريخ مكناس، فلا المقام لولا العدة تجيزان ذلك، لذا استقر الرأي أن نربط هذا التقويم إجرائيا بمبحث محدد من مباحث تاريخ المدينة ونقصد مبحث البناء والعمران الحضري بالمعنى الواسع، منطلقنا هو التساؤل عن مدى وحدود تغطية مختلف المصادر التي طالتها اليد لكل القضايا والعناصر التي تنتمي إلى دائرة هذا المبحث، علما بأن التكوينات المعمارية هي تجسيد وامتداد لأبعاد حركة المجتمع برمته.

والجدير بالملاحظة أنه لم يتم في هذا الفحص التقيد بحدود كرونولوجية مستبعدين فقط فترة الحماية التي ساهم الباحث بوشتى بوعسرية بدراستين هامتين في التعريف بها ([3]) ولا يعني هذا الاختيار أننا نستهون ما يمكن أن يترتب عن مثل هذا التناول من الوقوع في منزلق المفارقة الزمنية والتداخل بين العصور وإنما هو اختيار يعكس اقتناعا بأن تمديد الفترة يستجيب لمقتضى منهجي مؤداه أن طبيعة الحقل المعرفي الذي تتأطر ضمنه الدراسة التاريخية للمدينة المغربية يقتضي معالجتها على المدى الطويل. فإلى أين وصلت معرفتنا بالعمران الرسمي والعمومي للحاضرة المكناسية؟ وما هي درجات الاطمئنان لهذه المعرفة المتاحة؟

تنتظم محاولة الإجابة على هذه الأسئلة ضمن مستويين، أولهما يفرد لتسجيل مواطن الإفادات التي تمدنا بها مختلف أصناف المصادر المتوفرة، بينما سيتم الوقوف في المستوى الثاني على نماذج من القضايا التي تبرز بعض الإشكالات المتصلة بالموضوع.

 يعتمد مؤرخ المدينة أكثر من غيره على نوعين من المصادر: الأصول المادية والأصول المكتوبة، فبخصوص الأولى لا تخفى أهميتها على أحد، ذلك أن هذه الأصول المتمثلة في ما تبقى من آثار العمائر وما تحتويه من كتابات ونقوش وزخارف تزيدنا إلماما، وتسعفنا في توثيق مختلف المظاهر الحضارية التي تميزت بها. ونكتفي في هذا الصدد بالإشارة إلى سبق المؤرخ ابن زيدان في تقديم هذا النوع من الأصول، حيث أغنى مؤلفه، "إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس" ([4]) بمجموعة من النصوص المنقوشة على الخشب والجدران الجبصية أو الرخامات التذكارية، جعلت أحد الباحثين الأثريين يرى في هذا المؤلف مصدرا ثمينا من مصادر الدراسة الأركيولوجية لمدينة مكناس ([5]).

أما الأصول المكتوبة فتهم شتى أصناف الوثائق والمستندات المحفوظة في كل من أرشيف الخزانتين العامة والملكية، ومديرية الوثائق الملكية بالرباط، وأرشيف مدينة مكناس، فضلا عن المصنفات المختلفة، مخطوطة كانت أم مطبوعة التاريخية منها أو الفقهية أو كتب الأنساب والمناقب والآثار الأدبية.

فبخصوص الوثائق والكنانيش نستطيع القول أن الوثيقة الحبسية تأتي في مقدمتها، وغني عن البيان ما تكتسيه من أهمية في التأريخ للبنية الحضرية للمدينة، كما تكشف عن أسماء وأماكن عدد من المؤسسات والمرافق، مما يسمح بإعادة تصور ولو جزئي للبنية المورفولوجية لهذه المنشآت، ولقد كان ابن زيدان مرة أخرى من السباقين إلى التفطن لأهمية هذه الوثائق وتوظيفها والتي يسميها "بالعقد الحبسية التي لا يتطرق إليها أدنى ريب"، على حد تعبيره. غير أن أفضل استثمار لها تبلور في الدراسة القيمة للأستاذ محمد المنوني حول التخطيط المعماري لمدينة مكناس عبر أربعة عصور ([6]) علاوة على مقال له يعرف بدور الأوقاف في التكافل الاجتماعي ([7]) وأخيرا نشير إلى البحث المفيد للأستاذة رقية بلمقدم عن أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل ([8])، والذي ينهض دليلا على مدى قيمة هذه الوثائق وأهميتها في رصد مختلف مظاهر وأشكال المعمار الديني والاجتماعي والاقتصادي بمدينة مكناس.

أما بخصوص الوثائق ونظيراتها سواء التي ضمنها ابن زيدان مؤلفه "الإتحاف" و"المنزع اللطيف" ووثائق المجموعة الزيدانية في إحدى وثلاثين مجلدا ووثائق المديرية الملكية المجموعة في محافظ خاصة بعدد من المدن من ضمنها مدينة مكناس، فإن مردوديتها للباحث في التمدين والعمران تبقى جد محدودة فاستقصائنا لعدد من هذه الوثائق لم نخرج به إلا بفوائد هزيلة لا تشفي غليلا فيما يهم الجانب العمراني، ومع ذلك نتصيد بعض شواردها التي لن يستقيم استغلالها دون إكمالها بنوع آخر من الوثائق ([9]).

ومن صنف هذه الوثائق نذكر بعض الوثائق التي تختزن إشارات تسعف في التعرف على مواقع بعض البنايات الرسمية والعمومية، وتلك الخاصة بصائر البناءات السعيدة وتقارير أمناء البناء بمكناس التي كانت ترفع للسلطان لإحاطته علما بتفاصيل البناء في الدور العالية وقصوره ومختلف بناءات الأملاك المخزنية من فنادق وحمامات ودور وحوانيت، وهي بذلك تفيد في التعرف على مواد البناء واليد العامة المستغلة في إنجازه. على أن أهم إفادات هذا الصنف من الوثائق الرسمية هي إطلاعنا على أن عملية البناء والترميم كانت مسبوقة بنوع من التصميم اصطلح عليه بالصورة". الأمر الذي يفند المزاعم والأفكار التي تحفل بها بعض الكتابات الأجنبية حول الغياب الكلي للتخطيط وانعدام التصميم في حركة البناء بمكناس، وذلك على الأقل فيما يرجع للفترة الإسماعيلية وما أعقبها ([10]). وبعض هذه الوثائق يكشف النقاب عن الكثافة العمرانية، وعن بعض التعديلات التي تلحق النسيج الحضري في بعض الفترات، ففي رسالة جوابية على رسالة سلطانية نقرأ شكاية من أهل الذمة جاء فيها أن حارتهم ضاقت لكثرة من انضم إليهم من النواحي، ويطلبون من السلطان "التوسعة عليهم" بزيادة طرف من بريمة موالي لحارتهم ([11]). أما الوثائق الخاصة فإنه سيكون من المجازفة والادعاء تقويمها في غياب الاطلاع على عدد منها، ونكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الوثائق التي تأتَّى لنا استقراءها وهي وثائق وردت في بعض كتب الأنساب والتراجم، ونخص بالذكر كتاب "وثائق ونصوص عن أبي الحسن ابن علي بن منون وذريته ([12])، وكتاب "أسرة الحريف من خلال الوثائق" لمؤلفه المرحوم الطيب بن عبد القادر الحريف ([13]).

ويدرك كل مطلع على مضامين هذه النماذج القيمة التوثيقية لهذا الصنف من الوثائق الخاصة، ومدى إفادتها في التعرف على مواقع دور العائلات المكناسية والتعديلات المعمارية التي طرأت على مباني شرق مدينة مكناس في بداية العهد الإسماعيلي وتوطين أماكن بعض الأضرحة والزوايا والمساجد والحمامات والبساتين والجنان.

ولا تخلو المقيدات من إشارات كاشفة عن بعض الجوانب المعمارية ينذر العثور عليها في مضان أخرى، ولن نستطيع الوقوف عندما توفر لنا منها بنوع من التفصيل ([14]) حسبنا الإشارة إلى نموذج هو في الأصل تعريف بقصر الدار البيضاء بمكناس الذي بناه السلطان سيدي محمد بن عبد الله ([15]) حيث نقف على وصف دقيق لمرافق المعلمة ومحتوياتها ومواد بنائها. ومقيدات أخرى قلما تفيد مباشرة، لكنها تختزن شوارد ثمينة تخص مواقع بعض البنايات الدينية والعلمية.

وبخصوص الكتب الإخبارية والفقهية والتراجم والرحلات، فلا يسع المجال لتفصيل القول بشأنها، تكفي الإشارة في هذا المضمار إلى أن بعض المصنفات المونوغرافية التي وضعت في تاريخ مدينة مكناس هي في حكم المفقود أو لم يصلنا عنها سوى شذرات ونقولات في المصادر المتأخرة ([16])، وتتضمن هذه المونوغرافيات معلومات متنوعة وغنية، تفيد الباحث في وصف مباني المدينة ومختلف مؤسساتها، وضبط بعض المظاهر العمرانية، وإن كان بعضها يتسم بالمبالغة فضلا عن غياب هم الإحصاء والتأريخ في أوصاف أصحابها، وأبرز أمثلة لهذه المونوغرافيات نخص بالذكر المؤلف المعروف لابن غازي ([17]) وتأليف جد موجز يعالج التاريخ الإجمالي لمدينة مكناس للمؤرخ ابن زيدان ([18]) كما ألف ابن هذا الأخير كتابا يعرف فيه بالتاريخ العام لمسقط رأسه ([19]) وينفرد هذا المصنف بمعلومات دقيقة حول عدد من المآثر التاريخية بمكناس وتدقيقات أركيولوجية هامة.

أما النصوص الأستوغرافية المتداولة، فقلما تجود بمعلومات دقيقة وتفصيلات مفيدة لمؤرخ عمران المدينة، وإن حَوَت بين ثناياها بعض الإفادات حول النشاط العمراني، فإن ما يلاحظ على أوصافها غلبة التعميم والمبالغة في التمجيد إمعانا في إبراز عظمة المدينة والسلطان ونسوق في هذا الصدد على سبيل المثال ما ورد من أوصاف في مؤلفات الزياني ([20]) والعياشي ([21]) والريفي ([22]) وابن زيدان ([23]) والناصري ([24]) ورغم هذه العيوب فلا محيد عن استثمار هذه المصادر.

أما عن الكتابات الأجنبية وبصرف النظر عن بواعثها ومقاصدها، ودون السقوط في المنحى التبسيطي الذي يقترن بأسلوب الاتهام نشير إلى مجموعتين منها الأولى وهي التي ألفت حول مكناس خلال القرن السابع عشر والقرن الثامن عشر والثانية خلال القرن العشرين.

فعن الفئة الأولى ثمة كتب من تأليف بعض الأسرى الذين ساهموا في أشغال البناء، وسفراء وممثلي بالعثات الديبلوماسية، ثم مصنفات من وضع بعض رجال الدين.

والمتصفح لمؤلفات الأسرى يكشف محدودية فائدتها لمبحث العمران ونخص بالذكر مؤلفات جرمان مويط ([25]) وجون ويندوس ([26]) وماريا ميتلان ([27]) فهذه النماذج تفيد بهذا القدر أو ذاك في التعريف بتاريخ الهندسة المعمارية لأهم المنشآت الإسماعيلية بينما تبدي كتمانا كاملا حول المدينة العتيقة.

والجدير بالذكر أن المؤرخ ابن زيدان كان من السباقين إلى الإفادة من هذه المؤلفات، بل و      ضمن مؤلفه "الإتحاف" مقتطفات مترجمة من كتابي مويط وويندوس كما لم يفت الباحث محمد المنوني نقل بعض الإفادات منها في دراسة قيمة عن القصبة الإسماعيلية ([28]) ويتوفر الباحث اليوم على ثلاثة ترجمات لهذه النصوص ([29]).

أما في ما يرجع إلى بعض المؤلفات التي كتبت خلال القرن العشرين، فقد عنيت بعضها بالأساليب الهندسية والمعمارية المميزة لبعض معالم مدينة مكناس ومن أمثلتها نذكر دراسة (سلادان) M.N. Saladin عن أبواب مكناس وهنري تيراس (Terrasse Henri) عن مسجد للاعودة ([30]).

ومن آخر الدراسات الأثرية التي تناولت جوانب معمارية وفنية عن مدينة مكناس نخص بالذكر أعمال (ماريان باروكان) خاصة دراستها عن الهندسة المعمارية للقصبة الإسماعيلية ([31]).

وأخيرا نشير إلى دراسة (أنيس حيمر) Himeur Agnès حول "خمس منازل لأعيان من القرن التاسع بمدينة مكناس" ([32]) إضافة إلى دراسة منفردة حول منزلين بمكناس([33]).

من حصيلة ما تقدم يتبين أن ما توفره المصادر من إمكانات لدارس عمران مدينة مكناس جد محدودة وليكتمل تقويمنا سنعمد إلى بسط القضايا المتصلة بالعمران، وذلك من قبيل التبصر بها كما بدت لنا من خلال مباشرة التفكير في الموضوع دون ادعاء بالقدرة على حلها بشكل سليم، وسيرتكز هذا التقويم على بعض الخاصيات التي ميزت تاريخ مكناس استنبطناها من معاشرتنا لهذه النصوص هي:

1 –  تمثل مدينة مكناس نموذج الحاضرة السلطانية المطبوعة بالحضور المخزني ومجالها يحمل بصمات المخزن: المشور – قصبة الجيش – بنيقات المخزن – السجن المركزي، إنها مجال ممارسة السلطة السلطانية، الأمر الذي يفسر اضطلاع عدد هام من مبانيها بوظيفة المراقبة المخزنية لإحكام السيطرة.

2 – يدفع إجماع المصنفات التقليدية على تحول مسار مدينة مكناس منذ اتخاذها عاصمة إلى التساؤل عن مدى تأثر التكوين المادي لهذه المدينة بوظيفتها السياسية وإلى أي حد يصح مع ابن خلدون القول بأهمية العامل السياسي في نهوض المدينة ونموها، وأنه ليس بمقدور المدينة أن تزدهر وتنتعش دون دعم مباشر أو غير مباشر من نظام سياسي قوي.

3 – إذا كانت ثمة خاصية مميزة للنظام المجالي لمدينة مكناس فيلزم البحث عنها في نظامها الدفاعي، فموقعها وأسوارها وأبوابها جعلها تضطلع بوظيفة عسكرية على امتداد حقب تاريخها، وقد تقوت أو تقلصت هذه الوظيفة حسب محددات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتفرض خاصيتها هاته ضرورة إيلاء أهمية خاصة لجانب التحصين ودراسته من منظور تاريخي وأثري يبرز أثر هذا التحصين على تخطيط المدينة ويكشف عن نظام تأمينها والدفاع عنها. انطلاقا من هذا الخاصيات نود الوقوف على بعض الجوانب الخاصة بالحياة العمرانية لمدينة مكناس، منها ما يتعلق بصعوبة وتحديد بعض مواقع المجال الحضري وما يتصل بالطوبونومية.

يتضح من إفادات المادة المصدرية، أو مما توصلت إليه بعض الأبحاث وفي طليعتها أبحاث الأستاذ المنوني، أن هناك معرفة جزئية لمراحل تطور البنية الحضرية لمدينة مكناس، إذ نستطيع استنادا إلى هذه المعرفة أن نحدد بشكل عام أهم الكتل المجالية التي تشكلت منها هذه البنية وهي حوائر أو مدائن مكناسة القديمة – المدينة العتيقة – القصبة الإسماعيلية – المدينة الجديدة، وبديهي أن هذا التحديد يعكس السيرورة التاريخية لتمدين الحاضرة المكناسية في أهم أطوارها. 

وبالمقابل فإنه في غياب تصاميم لمساحة الأرض،وغياب معطيات مفصلة عن عدد السكان وكثافتهم، وضئالة البحث الأثري ومحدودية وعدم دقة الأوصاف التي تمدنا بها المصادر المتاحة، ناهيك عن كون عدد من المنشآت باتت في عالم الدوارس، كلها عوامل لا تسمح بإعادة تصور دقيق لطوبوغرافية المدينة ومورفولوجيتها، ولا تتيح إمكانية القيام بتقدير مضبوط للمساحات المأهولة والفارغة من المجال الحضاري للمدينة في هذه الفترة من تاريخها أو تلك، وسواء داخل أو خارج أسوارها.

إن بعض الشواهد التاريخية تشير غير ما مرة إلى عوارض النكبات التي ألمت وتلاحقت على مدينة مكناس والتي بلغت أحيانا إلى أعلى درجات العنف والتخريب خاصة إبان تعرضها للحصارات أثناء ظرفيات تحول الحكم أو تعرضها لغضب الطبيعة، ومن رام الاطلاع على تصاريف هذه الأيام على مدينة مكناس، فليرجع إلى أهم المصنفات التاريخية المتداولة. صحيح أنه ينبغي – تجنبا لاستخلاص نتائج مغلوطة، الاحتياط من الصيغ التي يستعملها أصحاب هذه المصنفات، وهي صيغ عادة ما تضخم فعل الخراب من خلال تضخيم العمران السابق الذي أصابه هذا الخراب. فضلا عن أن مصطلح الخراب قد لا يرادف بالضرورة ودائما معنى الخراب ([34])، غير أن التأمل الدقيق لمقتطفات من بعض النصوص لا يدع مجالا للشك أنها تفيد الهدم، بل تترجم إرادة وإصرارا على ذلك. ولا تعوزنا الشهادات الدالة على قولنا هذا، فالزياني في سياق وصفه لعظمة القصبة الإسماعيلية يؤكد أنه "من حين مات إسماعيل رحمه الله والملوك من أولاده يخربون تلك القصور ويبنون بأنقاضها" ([35])  ومن التعابير التي تتردد في المتن الزيداني نذكر "ولا زالت يد التخريب عاملة إلى الحين الحالي في تلك الحصون والأسوار الهائلة ([36])، وفي نفس السياق يقول متحدثا عن دولة السلطان محمد الثالث "أحدث في هذه القلعة مباني وبساتين جديدة ثم أباح جهات منها للسكنى فأسكن عمومته في الدار الكبرى بعد ما خربها وأزال منها كل ما له قيمة" ([37]) وأشار الضعيف إلى الخراب الذي أصاب عدة مرافق خاصة بمنطقة وجه عروس سنة (1739/1738).

        تأسيسا على هذه الشهادات نستنتج أن ما نشاهده حاليا من بقايا العمارة في مدينة مكناس وهو الأكثر وضوحا ما هو إلا جانب من جوانب الحركة العمرانيةالتي واكبت تاريخ المدينة، وهو أمر يحمل على الاعتقاد بأن المعرفة التاريخية بالعمران المكناسي على ما هي عليه الآن مبتورة وفي حاجة إلى مزيد من تعميق النظر والبحث.

        ولا شك أن التعرف على أماكن مختلف المنشآت العمومية والرسمية ضمن تصور شامل للفهم الوظيفي واستيعاب حقيقة البنية الحضرية للمدينة وسير أجهزتها يعد الوسيلة الأساسية لارتياد هيكل المدينة ارتيادا علميا.

وتتيح طوبونومية مدينة مكناس استخلاص ثلاثة أصناف من أسماء الأماكن ويعود هذا الاختلاف إلى تباين تطورها التاريخي.

فثمة أماكن ظلت محافظة على أسمائها الأصلية التي أطلقت عليها. وأماكن اختفت أسماءها القديمة وحلت محلها أسماء جديدة، وأماكن اختفت أسماءها التي كانت تطلق عليها دون أن يتم تعويضها. ويمكن الاستدلال على كل حالة بالوقوف على نماذج محددة سواء تعلق الأمر بزوايا أو مساجد أو حمامات أو فنادق أو أسواق أو أبواب، ولقد آثرنا أن يقتصر التمثيل بقطاع الحومات والأزقة والدروب كوحدات حضرية أساسية والتي بالإمكان من خلال مصادر متنوعة ضبط عدد هام منها، فعن الحالة الأولى نذكر حومة زقاق القرموني درب القرسطون زنقة رحبة الزرع أما الصنف الثاني فنشير إلى حومة الصباغين التي حلت تسميتها محل حومة جناوة. وعن الحالة الثالثة نشير إلى حي القورجة الذي يذكر الأستاذ المنوني أنه كان معروفا بسكنى الأندلسيين بمكناس استنادا إلى صك تقييد خاص. وعن مدلولات أسماء الحومات والأزقة فإن الأمر لا يختلف عما نصادفه في باقي المدن العتيقة فثمة عدد هام من الحومات ترتبط تنظيميا بمساجد غالبا ما تكون أسماء هذه المساجد مطابقة لأسماء الحومات ودالة عليها، ولنضرب أمثلة على ذلك بحومة جامع الصابة وحومة جامع الزرقاء وحومة جامع الزيتونة وحومة جامع النجارين في حين ارتبطت أسماء حومات أخرى بالحرف الممارسة فيها باعتبارها وحدات حضرية حرفية وإن كانت معدودة وقليلة بالقياس إلى مدينة فاس التي تفوق مكناس من حيث الزخم الحضاري والوزن الاقتصادي، ومن أمثلة هذه الحومات نذكر حومة الصباغين ودرب الحرارين بحومة باب عيسى. وتستمد بعض الحومات والدروب أسماءها من أسماء العناصر والعائلات التي تسكن بها: درب بوعشرين – درب العرائشي – درب حميش – دريبة الفلوسي زقاق أو درب الجنان، درب ين شقرون ... كما تنسب أسماء عدد من حومات مدينة مكناس إلى أسماء الأولياء والوليات والزوايا ولا تعوزنا الأمثلة على ذلك درب للاعائشة عدوية – درب للاسيتي هنو بحومة الحمام الجديد – درب مولاي عبد ابن حمد بحومة زقاق القلموني، سيدي أحمد الشبلي، درب سيدي محمد لعناية بحومة جناح الأمان.

وتدل أسماء بعض الحومات والدروب على الظاهرة الطبوغرافية التي تميز أماكنها كدرب الوسعة، زقاق درب الضيق بحمام الجديد، سبع لويات بحومة سيدي أحمد ابن سيدي خضراء، درب المعدة بحومة دار باب السمن.

وفي غياب مزيد من التحريات لا نملك إلا أن نقر بأن أسماء بعض الأحياء تبقى غير معروفة لا من حيث التاريخ ولا من حيث الدلالة درب هارون بزنقة فران النوالة، درب سقال بجامع النجارين درب بوقصيبة ودرب عكارة.

أما عن طوبونومية المدينة الإسماعيلية فاللافت للنظر هو الميزة المختلطة التي تطبع أسماء بعض البنايات والمعالم فأسماء مختلف أجزاء القصور المكناسية جد متبدلة ومتغيرة إلى حد بعيد فعلى سبيل المثال نجد مكانا ما يحمل اسم حسب حارس ما أو حسب أي حادث موازي، حيث أن الذكرى الصحيحة تنوسيت أو اختفت. فالدهاليز التي تعرف باسم حبس قارة يظهر أنه اسم حديث مع بداية عهد الحماية، ومن المؤكد أن هناك بعض الأسماء القديمة كاسم رياض المحنشة أو اسم الدار الكبيرة، ومع ذاك فإننا لا نعثر في النصوص القديمة على اسم دار المدرسة. بالمقابل يتغنى الشعراء بروعة للاخضراء، أي القبة الخضراء وحاليا لا يوجد سوى مكان يحمل نفس الاسم بعيد كل البعد عن الروعة (شرق قصبة هدراش) ويظهر بجلاء أن القبة التي تغنى بها الشعراء ليست قبة هذا المسجد ومن المحتمل أن يدل وصف إشراقات اللاخضراء على الإعجاب دون أن يكون قاصدا وصف مكان بعينه.

        وإذا كان مصطلح قصر المحنشة ثالث القصور الإسماعيلية مصطلحا واضحا إذ ينسب إلى جهاز مائي يجري فيه الماء على هيأة حنش، فإن الإشكال المطروح يكمن في أن مصطلح رياض المحنشة تؤكده النصوص في حين يثير مصطلح قصر المحنشة خلطا عند استعماله لعدم دقته...

        وغالبا ما يعني مجمعات أخرى، دويرة النصر وقصر الشمس الذي ينسب البعض اسمه إلى بعض العائلات المكناسية.

        وتنطبق هذه الخاصية المختلطة على أسماء الحدائق، فاسم حديقة الترانجية مشتق من اسم البرتقال الذي كان يغرس فيها، أما حديقة البحراوية فأصل التسمية حسب البعض يعود إلى مشروع السلطان المولى إسماعيل والهادف إلى تحويل هذه الحديقة المنخفضة إلى مجال واسع يغطيه الماء، ويرجح الأستاذ المنوني أن أصل التسمية يرجع إلى أحد الملاكين القدامى (عرصة البحراوي).

        ولا تشذ أسماء الأبواب عن هذه الصفة، فباب الخميس هي تسمية من المؤكد أنها متأخرة زمنيا، وتعرف عند العامة باسم باب الريح، بينما يزعم بعض سكان مكناس أنه إلى حدود سنة 1940 كانت تحمل اسم باب الملاح نسبة للحي اليهودي.

        وصفوة القول يمكن أن نجزم في ضوء هذا الاستقراء العام أن بعض الأماكن سيبقى الغموض يلفها، وأخرى ستتضح معالمها كلما تقدم البحث الأثري وتم الكشف عن أصول جديدة من شأنها أن تنير وتغني معرفتنا بهذا الجانب أو جوانب أخرى من المعمار المكناسي.

 


 


[1] - أكد أكثر من باحث أن بحث أحمد التوفيق حول المجتمع الأينولتاني قد شكل طفرة نوعية في مسار البحث التاريخي بالمغرب وأنه كان ممهدا لتصور جديد في كتابة تاريخ المغرب.

  - أحمد التوفيق، "المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (إينولتان 1912 – 1850) منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الطبعة الثانية 1983."

[2] - القصد هنا قراءة إدريس بنسعيد العلوي لبحث أحمد التوفيق، بمجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، العدد 9، السنة 1982، ص. ص. 169 – 171، كما كتب محمد وقيدي صفحات لإبراز مساهمة البحوث المونوغرافية من منطلق مطلب استعادة التوازن الكمي والكيفي على صعيد الإنتاج التاريخي.

  - محمد وقيدي، "كتابة التاريخ الوطني" مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1996، ص. ص. 55 – 92، وليس من المصادفة أنه إذا استثنينا بعض المؤرخين الذين مارسوا النقد الأستوغرافي (عبد الأحد السبتي – محمد مزين – عبد المجيد القدوري) فإن جل المواكبات النقدية للبحوث المونوغرافية وغيرها هي من عمل الفلاسفة التي غالبا ما نحت منحى إبستمولوجيا.

  - سالم يفوت، "خطاب المنهج  بين الدوغمائية والإجرائية"، مجلة الوحدة، العدد 45، السنة الرابعة يونيو 1988، ص.ص. 187 – 192.

[3] - بوشتى بوعسرية، مكناس المدينة الجديدة، التأسيس البنيات الإدارية، التناقضات (1939 – 1911) أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ المعاصر، مرقونة بخزانة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1995.

[4] - ابن زيدان (عبد الرحمن)، "إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس"، المطبعة الوطنية بالرباط، الطبعة 1410هـ/ 1990م.

[5] - عبد العزيز التوري، "الإتحاف كمصدر من مصادر الدراسة الأركيولوجية وتاريخ الفن بمدينة مكناس" ضمن أعمال ندوة الحاضرة الإسماعيلية،منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس 1988، ص. ص. 169 – 177.

[6] - محمد المنوني، "التخطيط المعماري لمدينة مكناس عبر أربعة عصور"، مجلة الثقافة المغربية، العدد 7، السنة 1972، ص. 552.

[7] - محمد المنوني، "دور الأوقاف المغربية في التكافل الاجتماعي عبر عصر بني مرين (869 – 675)"، مجلة دعوة الحق رجب 1902 ماي 1982.

[8] - رقية بلمقدم، "أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل (1727 – 1672 – 1139 – 1082)" جزئين مطبعة فضالة 1993.

[9] - ابن زيدان (عبد الرحمن)، "المنزع اللطيف في التلميح لمفاخر مولانا إسماعيل ابن الشريف"، تقديم وتحقيق عبد الهادي التازي، مطبعة أديال، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1993.

[10] - لمزيد من التفاصيل حول هذا الصنف من الوثائق انظر: فاطمة العيساوي، "جوانب من علاقة المخزن بالحرف" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ مرقونة بخزانة كلية الآداب، الرباط، 1989.

[11] - وثيقة مؤرخة بـ 23 ربيع الثاني عام 1216 يجيب فيها الجيلاني بن بوعزة السلطان إثر شكاية أهل الذمة بمكناس، من وثائق المديرية الملكية سجل 18330.

[12] - محمد المنوني، "وثائق ونصوص عن أبي الحسن علي ابن منون وذريته"، المطبعة الملكية الرباط 1396هـ/ 1976م.

[13] - نسخة مرقونة أمدنا بها مشكورا الباحث أحمد العلوي الديبي.

[14] - البيجري محمد بن عبد السلام، "تقييد في أسرة البيجريين بمكناس  وقد ساهم محمد المنوني في التعريف بإفادات هذا التقييد في ندوة تكريم الأستاذ محمد حجي.

[15] - ابن زيدان (عبد الرحمان)، "تعريف الدار البيضاء بمكناس" خ.ح. بالرباط رقم 12436ز.

[16] - يذكر المؤرخ ابن زيدان أنه وقف على كتاب ألفه أحمد بن محمد الكونكوسي الشهير بالجبلي الغزاوي المكناسي عن مدينة مكناس سماه "النفحات والمطيبات الطبيعية في تاريخ مكناسة الزيتون المولوية" : كما أشار الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله في "معلمة المدن والقبائل" إلى مصنف ألفه ابن زغيوش بعنوان "كتاب حول تاريخ مكناس" وإن كان الأستاذ محمد المنوني يرجح أن العنوان الصحيح هو "التقييد في أخبار مكناسة".

[17] - ابن غازي العثماني، "الروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون"، تحقيق عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية الرباط 1988 – 1408، الطبعة الثانية.

[18] - ابن زيدان (عبد الرحمن)، "محاضرة الأكياس بملخص تاريخ مكناس" مخطوط خ.ح. بالرباط رقم 1371.

[19] -Benzidane (My Slama), Meknès cette ville Meconnue 3d dact.                      

[20] - الزياني (أبو القاسم)، "البستان الظريف في دولة أولاد مولانا الشريف"، مخطوط بالرباط رقم 1577.

[21] - ابن العياشي (محمد)، "زهر البستان في أخبار أحوال مولانا زيدان" مخطوط ب. خ.ع. الرباط رقم 2152.

[22] - الريفي (عبد الكريم)، "زهر الأكم" دراسة وتحقيق آسية بن عدادة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1992.

[23] - ابن زيدان (عبد الرحمن)، "الإتحاف" و"المنزع اللطيف".

[24] - الناصري (أحمدبن خالد)، "لاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى"، مطبعة دار الكتاب، الدار البيضاء 1373 – 1735 – 1956 – 1954، ج 7.

[25] - MOUETTE (G), "Relation de la captivité du Sieur Mouette dans les            royaumes de très et de Maroc où il a demeuré pendant onze ans" Paris, 1683.   

[26] -                       WINDUS (S), "Ajourney to Mequinez", Londres - 1725.

[27] -TERMETELEN (M), "L'Annotation ponctuelle de la description de voyage   etonnante et de la captivité rennaquable et triste Durant douze ans de moi Mana Metelentra"- et G.W Verlengais GH Bous quet, Pris, Larose Inst des M: EM       1956.                                                                                                                       

[28] - المنوني محمد، "دليل القصبة الإسماعيلية بمكناس"، مجلة دعوة الحق، العدد الرابع الصفحة 10، مارس 1967، ص.ص. 107 – 120."

[29] - "رحلة الأسير مويط" ترجمة د. محمد حجي، د. محمد الأخضر مركز الدراسات والبحوث العلوية الريصاني، دار المناهل للطباعة والنشر 1990.

  - "رحلة إلى مكناس" جون ويندوس ترجمة عن الإنجليزية د. زهراء إخوان قدم له وعلق عليه عبد اللطيف الشاذلي، منشورات عمادة جامعة المولى إسماعيل:

  - " قصة الهولندية ماريا متلن" ترجمة ودراسة وتحقيق د. إدريس أبو إدريس، فضالة 1996.

[30] -       SALADIN (H), "Les portes de Meknès" in Bulletin archéologique du  comité des travaux historiques et scientifiques 1915, pp. 242 - 268.                      

[31] -      TERRASSE (H), La Mosquée de Lalla Aouda à Meknès "Extrait des iv Congrès" de la Fédération des sociétés savants de l'Afrique du Nord.                  

[32] - BARRUCAND (M), L'architecture de la Qasba de Moulay ismaïl à Meknès, in ETAM VI 1976.                                                                                                  

[33] - FRANCESH HIMEUR (Agnès), Meknès Cinq demeures de notables au         XIX siècle Thèse de doctorat de III Cycle Université d'Aix Marselle, 1986.        

[34] - à Meknès: Le Dar Manouni et Dar Jamai, in Institut Français Deux maisons d'archéologie orientale, Le cairze 1990.                                                                

[35] - الزياني، الروضة السليمانية مخطوط خ.ع. 592 ج، ص 96.

[36] - ابن زيدان، المنزع اللطيف والإتحاف، ج 1.

 
 
 

 

 
 

ضيوف الموقـع

 

جمال حيمر

 

 

 

 

 

 

 

  ا

معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

 مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال  مواقـــع   خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003