معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال   مواقـــع  خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موليم العروسي

زمن الصورة

أو

De l'éternel au ponctuel

 

أول ما يستوقفنا ونحن بصدد الحديث عن الخطاب حول الفنون التشكيلية هو موضوع التشكيل. كان يمكن للأمر أن يكون عاديا لو نحن تحدثنا عن الإنتاجات البصرية منذ الثلاثينات أو بشكل أدق منذ ظهور مدرسة الباهاوس، وكان يمكن أن يكون أسهل لو كنا سوف نتحدث عن الإنتاج المغربي أو العربي انطلاقا من السبعينات، لكن الأمر غير ذلك. كيف يمكن أن نسقط تسمية الفنون الجميلة مثلا؟ كيف لا نتحدث عن التصوير الصباغي؟ لماذا نقول الفنون التشكيلية؟ ألأنها أعم ولذلك فهي توفر عناء التدقيق؟ إذا كان كذلك، فإنها تفتح أيضا باب الخوض في كل ما هو بصري سواء أكان فنا أم صناعة.

يبدو من كلامنا أننا نفرق بين الفن والصناعة. أمن المعقول مثلا أن نعتبر كل التزاويق التي تحفل بها القبب والمنارات العربية وغيرها فنا؟ أمن اللائق أن نجمع كل الزرابي المبثوثة والأرائك المنصوبة والصناديق الموصودة تحت خانة الفن؟ وما تراه يكون الإبداع آنذاك؟ وماذا نسمي ذلك الشخص الذي يبيت الليالي وهو يتوسل ويتلوى بسبب مخاض الإبداع لكي يأتينا في الصباح بما لا عين رأت ولا أذن سمعت؟ هل نكافئ بينه وبين وريث وصي أو تقني محنك؟ هل ما تنتجه يدا الوريث الصادق (الصانع التقليدي) عندما يكون لسانه وفكره غائبين عن المادة يمكن أن يكون إبداعا؟ وماذا نقول عن التقني الحاذق الذي يراقب أزرار آلته بدقة قبل أن يطلق عنانها لتعيث تفصيلا ثم تركيبا في المادة؟

نقول هذا لأن كل ما يمكن للعين أن تراه سواء كان غثا أو معمارا أو رسما أو أدوات نفعية فهو يدخل في خانة الفنون التشكيلية. لذا تصبح كلمة "فن" هي الصنعة والإتقان والقدرة على تحويل المادة إلى شكل. هذا هو المعنى الإغريقي لكلمة "بلاستيكوس". فالحداد تشكيلي وصانع الأباريق كذلك ومزينو الحدائق تشكيليون؛ ولم لا الطباخ والحلواني.

قد يتبادر إلى الذهن أننا بصدد إقصاء عدد وافر من الممارسات والإنتاجات البصرية التي شكلت محور خطاب خاص وخصوصا في العالم العربي. نعم ! لم تشكل هذه الإنتاجات التي سوف نتحدث عنها بعد قليل، أساس الخطاب بل تعدته لكي تصبح مصدر الإلهام لعدد من الأعمال التصويرية الصباغية. هذه الإنتاجات البصرية والتي لا تخص الأمة العربية لوحدها هي من قبيل ما نسميه الفنون المطبقة. فالمنمنمات كانت تصلح لتوضيح معاني الكتب ولا تكتسي أهمية خاصة لذاتها، والزليج كان يصنع لتزيين الجدران أو الفناءات؛ أما الزرابي فكان لها مصير معين، والخط كان يزين الكلمة المقدسة حتى تزداد بهاء لدى العامة ومن هنا سلطة.

هنا يمكن للقارئ المتنبه أن يطرح السؤال حول الرسوم التي تزين الكنائس والقصور والتي كانت تتخذ مواضيع الإنجيل كأساس للاشتغال. أين نصنفها؟. ألم تكن تقوم مقام المنمنمات داخل مقامات الحريري وغيرها؟ إذا سمينا الواسطي حرفيا، صانعا تقليديا وابن مقلة كذلك، فماذا نسمي أندري روبليف؟ هل نسميه هو الآخر صانعا تقليديا؟ داخل هذا المنطق يكون الجواب بنعم، بل ويتعداه إلى أسماء أخرى مثل ليونار دوفانشي نفسه في جل أعماله. ذلك أن كل عمل تابع، مبني أساسا على أن يكون تكملة للأساسي أو توضيحا له ما هو إلا صناعة. ما السر في ذلك إذن ؟

إن الفن بما هو خلق وإبداع لم يدخل التاريخ إلا عندما استقل المنتوج البصري وأصبح يعتبر في حد ذاته ولذاته. إن استقلال المنتوج البصري أحدث رجة في التفكير ذاته واستدعى التفكير لرفع ملابساته وغوامضه. إن المنتوج البصري، النابع من عمق الفنان وليس عن طريق أمر فوقي، والمقدم لأجل المتعة والتذوق هو الذي يهمنا من ناحية الخطاب الدائر حوله.

هذه العلاقة مع المنتوج البصري لم تكن دائما موجودة بل هي وليدة القرن الثامن عشر وبالضبط خلال الثورة الرومانسية. إن التيار الرومانسي حرر منتج الصور من الخطابات والسلط ( الميتولوجية، الدينية، التاريخية ) ليعطيه مكانته كفرد. في هذا الظرف بالذات بدأ الحديث عن الفرد الخالق المبدع بدل الشخص المتمكن تقنيا والذي يهب نفسه كآلة أو كيد لسلطة أعلى منه تستعمله لكي توضح مقاصدها.

في الوقت ذاته انطلق التفكير، ومن خارج الممارسات الفنية، في الأعمال سواء كانت جماعية (منتمية للحضارات أو الإثنيات أو غيرها) أم فردية. انصب الاهتمام بالأساس على ما يكتنزه الفرد من قوة داخلية وداخلية فقط تمكنه من إبداع ما لم يوجد من قبل وعلى غير مثال سبق. نحن هنا أمام إضفاء صبغة الخالق الموجودة في الديانات التوحيدية كصفة خاصة بالله، على الفرد كفرد. في هذا الباب تصب كل كتابات جان جاك روسو مثلا، لكن الأهم سيؤسس داخل الفلسفة الألمانية التي سميت بالمثالية (idéalisme) . أود التوقف هنا للقول أن كلمة مثالية ربطت داخل حقل الثقافة العربية الحديثة بمفهومين لا يفيان في نظري بما يؤديه فعلا هذا المفهوم. فعند سماعنا لكلمة "مثالية" ، يذهب تفكيرنا بدون تردد نحوالأخلاق أو نحوالحلم والأوهام؛ بينما الأمر غير ذلك تماما. لفهم هذا المفهوم تجب العودة إلى تلك الكلمة الأفلاطونية الساحرة idea والتي غالبا ما تترجم إما بالفكرة أوالمثل ومعناه في لغتنا المعاصرة l'exemplaire unique ( النموذج الفرد) أو la marque déposée . على هذا النحو نفهم أن هناك فكرة هي المثل الواجب احتذاؤه عند كل إبداع أو خلق. قد نتوصل إلى محاكاة بنسبة أوبنسب متفاوتة حسب نفاد فكرنا أو إحساسنا. لكن أين يوجد هذاالمثل؟ يوجد، حسب أفلاطون، في محاورة فيدروس، في قبة السماء حيث توجد الآلهة. لقد سبق للروح أن رأته، وهي في موكب الآلهة، قبل أن تسقط إلى الأرض وتغوص في ظلام المادة. ولا تتأتى لها رؤيته ثانية إلا بتخلصها من سمك المادة وعودتها إلى شفافيتها البدئية. ولكي تعاود الاتصال بهذه الشفافية يقترح علينا افلاطون في محاورة المأدبة أن نتعلم الحب. إن الحب وحده الكفيل بتخليصنا من الظلام حتى نسمو نحوالمثل.

قبة السماء هاته حيث يقبع المثل ساطعا ثابتا قد تكون مجرد استعارة. لقد كانت كذلك في نظر الفلسفة الألمانية. إنها توحي إلى جمجمة الرأس. إن المثل موجود داخل النفس البشرية وما علينا إلا الغوص فيها للبحث عنه. هذه هي أيضا الفكرة الأساسية التي تتمحور عليها فكرة الرومانسية. > لكي يكون الإحساس صادقا، يجب أن يكون مباشرا وعنيفا وأن لا يخضع لتأثير الفكر < ( برتراند راسل، تاريخ الفلسفة الغربية، غاليمار، 1952، ص 687). بمعنى آخر يجب التخلص من الحجاب السميك الذي يفصل بيننا وبين حقيقة أنفسنا كبشر ننتمي لبشريتنا وليس لخطابات تسلط علينا من فوق. هذا هو منحى المثالية الألمانية أيضا. > إن للمثالية الألمانية في مجملها قرابة مع الحركة الرومانسية إن كانت هذه القرابة واضحة عند فيخته وبشكل أكثر عند شيلينغ، فإنها أقل وضوحا عند هيجل < ( راسل نفسه ص 715). لذا نجد أن كانط، مؤسس المثالية الألمانية، هو أول من وضع أسس علم الجمال. إن ما قاله كانط بخصوص علم الجمال هو أساس كل ما سوف ينسج كخطابات حول الصورة حتى في عصرنا الحالي.

أما على مستوى الفن ( التصوير الصباغي ) فقد عمد الفنانون إلى الخروج لملاقاة الطبيعة. إن الاختراعات التي رافقت هذه الفترة ساعدت على أن تكون مواد الصباغة داخل أنبوب مما سهل التنقل. كما أن الصباغة الزيتية كانت تمكنهم من إعادة النظر في الأعمال بحكم أنها لا تيبس بسرعة. كان الفنانون يبحثون عن اصطياد اللحظة الوجدانية الصادقة التي تربطهم بالموضوع. ما كان يهم الفنان هوالإحساس العنيف، وما كان يهم المتلقي هو أن يدخل في نفس الفنان حتى يشعر بما شعر به. كان شعارالفنان هو " إنني لا أصور إلا ما أرى وبصدق "؛ هذا ما جعل من ما أسميهم بالرومانسيين المتطرفين، أي الانطباعيين، يقولون > لا ! إنكم لا تصورون ما ترون، إن ما ترونه ليست الشجرة وإنما النورالذي تعكسه الشجرة <.

أمام هذا الاتجاه نجد أنفسنا ملزمين باستبدال كلمة " صادق" التي تحدث عنها برتراند راسل بكلمة "حقيقة"؛ ونعيد ترجمة الفكرة هكذا >حتى نصل إلى> الحقيقة يجب أن يكون الفعل مباشرا وعنيفا وأن لا يخصع لتأثير الثقافة <. لقد استبدلنا هنا كلمة " فكر " بثقافة وذلك لأن الثقافة أعم من جهة، ومن جهة أخرى فإنها تقربنا من "مفهوم" الأفكار المسبقة " أو" الأفكارالشائعة ".

علي المستوى العملي وكما ووجهت مواقف الفنانين الرومنسيين من الصدق والحقيقة بمواقف متطرفة من طرف الانطباعيين وعلى رأسهم سيسلي وموني حتى الأكثر تطرفا فانسان فان گوخ، فإن فلسفة كانط ووجهت بتطرف هيجل ونيتشه حتى الأكثر تطرفا مارتان هايدغر. لا غرابة إذن في أن نجد هايدغر يكرس معظم أعماله الاستطيقية لشعراء رومانسيين ويتوقف بصفة خاصة في مجال التصوير عند فان كوخ. وكأني به يقول > لقد صرحتم بالصدق، أي بقول الحقيقة، فأنا أطالبكم بها إذن <. ولا غرابة أيضا في أن جاك دريدا، باحث آخر عن الحقيقة، في كتابه " الحقيقة في التصوير " ( Flammarion- champs ; Paris 1978, p 6) يقول على لسان سيزان > إني مدين لكم بالحقيقة في التصوير وسوف أعلمكم إياها <.

وهكذا، وكما سبق أن أوضحنا، نرى أن التيار الرومنسي وضع التفكير على طريقة مساءلة دواخل الفرد. إن الحقيقة توجد داخل الفرد وليس خارجه، وحتى يتأتى لنا القبض على هذه الحقيقة يجب أن تصلنا صافية طاهرة، نقية من كل شوائب " الثقافة " و"الأفكار المسبقة ". مشكلة الأفكارالمسبقة هاته سوف تكون مركز الفلسفة الفينمنولوجية المؤسسة من طرف الفيلسوف الألماني ادمونود هوسرل. إن شعار "وضع العالم بين مزدوجتين" سوف يكون هو محور فلسفات تلامذته وخصوصا من يهمنا منهم هنا : مارتن هايدغر وجاك دريدا. فإذا كان الأول سيبقى وفيا للمبدأ الميتافيزيقي الفلسفي الصرف، فإن الثاني سوف يستعمل كل العلوم الإنسانية ( على الطريقة الفرنسية ) من انتروبولوجيا ولسانيات وخصوصا علم النفس التحليلي الفرويدي ومدرسة لاكان حتى وإن كان ينتقدها بشدة لصعوبة التخلص منها.

يمثل نص " أصل العمل الفني " لمارتن هايدغر المنشور داخل كتاب " دروب مسدودة " ( Gallimard idées , Paris ; 1962) حدثا فلسفيا هاما؛ إذ تهتم الفلسفة ولأول مرة بالبحث داخل عمل فني واحد عن موضوعها الأبدي ألا هو " الحقيقة". كما أن أهميته تكمن في كونه أثار حفيظة عدد من المفكرين وعلى رأسهم مايير شابرو الأمريكي وجاك ديريدا، فضلا عن عدد آخر من الفلاسفة. وإذا كان مايير شابرو في انتقاداته الساذجة لا يهمنا هنا بالرغم من ذلك استطاع أن يعطي الفرصة لدريدا لكي يعيد النظر في قراءة هايدغر. إن سلاح "الأفكار المسبقة " أصبح قاتلا، وأعطى لكل من أراد التفلسف إمكانية تهديم déconstruction كل المسارات الفلسفية. فمثلا عندما يقول هايدغر إن > الحذاء المصور من طرف فان كوخ هو " حذاء بدوية "، يجيبه شابرو" ولم لا يكون حذاء أمه؟ < لتعطى الفرصة لدريدا ليقول > أعتقد أنهما فأران <.

لا يتعلق الأمر، وكما اتضح، بلعب بالكلمات، وإنما نرى وبكل وضوح أن كلا من شابرو وديريدا يلمحان للتحليل النفسي، ذلك المنحى الذي يرفضه هايدغر لتعارضه مع منهجه. لقد انفتح باب التحليل النفسي هنا بالطبع ولسنا في حاجة إلى القول إن التحليل النفسي أعطى تفسيرات بقدر ما كانت تهم عامة الناس بقدر ما كانت تقترب من دواخل الفنان.

كانت كل هذه الخطابات تنطلق من المحتوى وكأني بها كانت تحيل الصورة أولا إلى كلام أو نص مكتوب قبل أن تباشر تحليلها، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فإنها بقيت حبيسة ميتارفيزيقا أفلاطونية رهيبة؛ أي أنها استمدت نفس الطريقة الأفلاطونية للبحث عن المنسي والمحجب أو الذي فضل الانسحاب، من هذا المنظور يمكن أن نعتبر كتاب ( Esthétique et art Islamique) محاولة لقراءة المتنوج البصري بطريقة مغايرة. فعوض اعتبار الموضوع، أوالخطاب، اتجه البحث في هذا النص إلى دراسة " أركيولوجية العين ". كيف طورت العين استراتيجية البصر عبر محطات اللاهوت، الميتافيزيقا، الهرمنطيقا، علم النفس التحليلي..؟ وأحيل القارئ هنا خصوصا على الطبعة الثانية الصادرة عن دار الرابطة (1996، ص ص 104 - 108). انتهى الأمر في هذا النص من التيارات أو التحقيب التاريخي التابع للمحطات السياسية واهتم مباشرة بالدوائر : دائرة الميتافيزيقا، دائرة اللاهوت. إن ما يهم هو دراسة استراتيجية العين واستراتيجية الخطاب المرافق لها. غير أن كتاب Esthétique et art Islamique يقف عند دائرة الفن متسائلا عن نهايته.

لقد توقف الفن فعلا بعودته إلى أصله؛ إن عودة الفن إلى أصله انطلقت مع تلك الجملة التي ذكرت على لسان الانطباعيين :" لا ! إنكم لا تصورون الشجرة وإنما النور الذي تعكسه الشجرة ". إشكالية النور هاته سوف تدفع بالفن إلى أقصى حدوده في العمل التجريدي وخصوصا على> يد ماليفيتش ( راجع بهذا الصدد كتاب " الفضاء والجسد "، الرابطة 1994 ص 72 وما بعدها ). مع هذه النهاية والتي عجلت بها سنائد وممارسات جديدة ظهرت للعين وأخذت مكانها داخل المشهد، أصبحت مفاهيم مثل المتعة والحب ... والتي كانت أساس التفكير الجمالي تنسحب تاركة مكانها لمفاهيم مثل اللعب le ludique والتواصل communication.

داخل هذا الخضم ينتصب كتاب " قناديل الليالي العشر" (نشر صومادي، الدار البيضاء، 1994) حيث نقرأ :

تسلسل شريط الأحداث التاريخية أمام ناظري ففهمت أن "الفن" ليس إلا مرحلة لا محالة أنها سوف تسلمنا للماضي في يوم ما. إن العاطفة والحب وحتى علم الجمال نفسه لن يستطيع أن يكون النهاية القصوى للتاريخ، بل إن أشكال أخرى من إنتاج الصورة بدأت تأخذ مكانها اليوم داخل المشهد البصري، وتضغط بقوة على رؤيتنا.

ّهل أنا الآن بصدد إعلان نهاية الفن؟. لن أكون أنا الأول. لقد لمح إليها ماليفيتش قبلي بطريقة ضمنية. فهل نتكلم عن الفن إذن؟. ترى ألا نعيش الآن نهاية عصر علم الفن؟. ثم كيف يمكن أن نسمي إذن كل هذا النشاط الإنساني ( والتكنولوجي) لإنتاج الصورة ( ...) إن الثورة التي يشهدها تاريخنا في ميدان الإعلام تسائل أكثر من أي وقت مضى صانع الصور وتحثه على تغيير سنائده ( medium ). تغيير السند يفضي بالضرورة إلى تغيير في إنتاج الصورة < (ص7).

إذا كان كتاب " Esthétique et art Islamique " قد أشار بوضوح إلى دائرتي اللاهوت والميتافيزيقا، و"قناديل الليالي العشر" وضع الأصبع على نهاية الفن، فإن كتابا آخر سوف يحسم الأمر بصفة نهائية. يتعلق الأمر بتاريخ البصر في الغرب: " حياة وموت الصورة" لريجيس دوبري ( گاليمار 1992).

يعيد هذا الكتاب النظر كلية في المفاهيم الغربية المتداولة حول الفن ويقرأ التاريخ انطلاقا من تحولات العين وتحولات الخطابات الملازمة لها. يقسم تاريخ البصر إلى ثلاثة دوائر عوض اثنتين كما رأينا في " استطيقا وفن إسلامي " :

- الدائرة الأولى : دائرة المنطوق logos

- الدائرة الثانية : دائرة الكتابة graphème

- الدائرة الثالثة : دائرة الفيديو video

ويلازم كل دائرة خطاب معين. فالدائرة الأولى أنتجت خطابا لاهوتيا، والدائرة الثانية خطابا ميتافيزيقيا( esthetique) والدائرة الثالثة خطابا اقتصاديا. وموازاة مع ذلك كان منتج الخطاب والصورة في العهد الأول عبدا خاضعا، ورعا، متمردا، يتلقى الألهام من قوة قاهرة، إلهية، فوقية؛ أما في العهد الثاني فقد كان فردا، متمردا يتلقى الإلهام من دواخله، وفي العهد الثالث سوف يصبح فاعلا يغير ويسير ويحاول أن يلبي طلبات الجمهور وأن يوجه ذوقه ( الإشهار). كان منتج الصور يتوخى في العهد الأول الأبدية، وفي العهد الثاني الخلود، أما مقصده في العهد الثالث فهو الحدث، التجديد واللامادية .

ليس من السهل طبعا أن تفهم مضامين هذا الكتاب بعيدا عن الممارسة اليومية للصورة. وعندما نقول الصورة، فإننا نقصد بها كل ما نضعه كنصب نسترشد به. من ذلك القبور، القبب، والأصنام، والتماثيل، والمخطوطات، واللوحات، والأفلام السنمائية، والملصقات، والشعارات ( logos) والوصلات الإشهارية و"les clips " وغيرها من الصور التي ترافقنا في حياتنا اليومية. تكون الممارسة إذن هي التساؤل عن جدوى هذه الصور وفعاليتها في حياتنا اليومية وفي تخليد أو عدم تخليد وجودنا في قربنا من قوة نظن أن مصيرنا بيدها أو في نجاعتها الافتصادية.

اعتمدت في كتابة هذا النص من بين ما اعتمدت المراجع التالية

1-Bertrand Russel, Histoire de la philosophie occidentale, Gallimard, 1952

2-Emmanuel Kant, Critique de la faculté de juger, Vrin, 1979

3-Jacques Derrida, La Vérité en peinture, Champs-Flammarion,; 1979

4-Martin Heidegger, Chemins qui ne mènent nulle part, Gallimard/Idées, 1962

5-Moulim El Aroussi, Esthétique et Art Islamique, 1ère édition Afrique/Orient, 1991, 2ème édition, Arrabeta, 1996

6- موليم العروسي : الفضاء والجسد ، الرابطة ، 1994

7- موليم العروسي : قناديل الليالي العشر ، صومادي ، 1994

8-Régis Debray, Vie et mort de l'image, Gallimard, 1992

 

 

 
 
 

مجلة عــلامات

العدد 9 - 1998

المحتــوى

الافتتاحيـة

 

مديح التجربة التشكيلية المغربية: خليل المرابـط

زمن الصورة: موليم العروسي

السيميائي والرمـزي: فريد الزاهي

تطـواف: عبد الكبير الخطيبي

الفن والحداثـة: عببد الله العروي

الخطاب التشكيلي والتاريخ: عبد الرحيم كمـال

ظاهرة التجريد في الرسم المغربي: كمال التومي

استطيقا الانفلات: عبد الرحمن طنكـول

الخطاب الجمالي عند موليم العروسي: بنيونس عميروش

بيبليوغرافية للفنون النشكيلية: محمد أمين العلوي

***

المؤول والعلامة والتأويل: سعيد بنگراد

استنطاق الخطاب الشعري: محمد عبد المطلب

عن الترجمة مرة أخرى: أحمد الفوحـي

 
معجم السيميائيـات متابعـات نقديــة ترجمــــات

دراســــات

مؤلفــات بطاقة تعــريف الصفحة الرئيسيـة
للاتصـــال   مواقـــع  خزانات الموقـع صحف ومجـلات رسائل وأطروحـات وحدة تحليل الخطاب مجلـة عــلامات

موقع سعيد بنگراد - تاريخ الإنشاء: نونبر 2003